تختتم اليوم محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت سماع مرافعة الدفاع عن اللواء اسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق المتهم التاسع في قضية قتل المتظاهرين. استمعت المحكمة أمس إلي مرافعة أنيس المناوي المحامي عن اسماعيل الشاعر الذي طلب في مرافعته براءة موكله ودفع بانتفاء صلته بوقائع قتل وإصابة المتظاهرين ووقائع الاشتراك في القتل والتحريض عليه والمساعدة علي ارتكابه. وقال إن مهام قوات الشرطة التابعة لمديرية أمن القاهرة هي الوقوف خلف صفوف قوات الأمن المركزي لتأمين المظاهرات وضبط أي عناصر تخريبية مندسة وتأمين المنشآت الحيوية مثل مبني الإذاعة والتليفزيون ومجلسي الشعب والشوري وتوزيع الخدمات علي المنشآت لتأمينها. قال الدفاع إن اسماعيل الشاعر نفذ الخطة الأمنية طبقاً لما هو مكتوب في خطة تأمين المظاهرات وقد كانت تعليمات مدير أمن القاهرة لجميع الضباط والجنود في ميدان التحرير هو عدم حمل السلاح. وأن اسماعيل الشاعر نفسه لم يكن يحمل سلاحاً وأن جميع الضباط كانوا يؤدون عملهم في تأمين المظاهرات والمنشآت الحيوية والهامة وليس لهم علاقة بقتل المتظاهرين. أضاف أن حمل السلاح بالنسبة لضباط الشرطة هو من واجبات وظيفتهم وبدونه لا يصلحون أن يكونوا ضباطاً أو جنوداً وأنه لا يصلح أن يكون وصمة عار لضباط الشرطة هو حملهم للأسلحة. تساءل الدفاع هل كانت الأوامر الصادرة إلي اسماعيل الشاعر بوصفه مديراً لأمن القاهرة هي له وحده أم أن الأوامر جميعها كانت صادرة لجميع مديريات الأمن علي مستوي الجمهورية. قال لو كان رئيس الجمهورية ينوي قتل المتظاهرين فأنه لديه من الأجهزة التابعة مثل الحرس الجمهوري والجيش والمخابرات العامة وجميعها تمتلك القوة والإمكانيات بما يفوق إمكانيات وزارة الداخلية. أشار إلي أن سلوك موكله لم يكن محرضاً علي القتل وقد ظل في ميدان التحرير إلي أن انسحبت قوات الشرطة فعاد إلي مكتبه وظل به إلي أن تم إجباره علي الاستقالة.. موضحاً أن "الشاعر" عاصر 230 وقفة احتجاجية ومظاهرة في تاريخ حياته العملية وكانت سياسته في التعامل مع المظاهرات هي سياسة "النفس الطويل" وقد قام بجهود كبيرة لتأمين هذه المظاهرات السلمية التي كانت لديهم مطالب محترمة بينما كان هناك متظاهرون غير سلميين يطالبون بكسر النظام. تساءل الدفاع عن الذين أحرقوا مقر الحزب الوطني ولم تحدث أي حوادث قتل أو إصابة للمتظاهرين الذين تجمعوا أمامه أو اقتحموه. أشار إلي أن عناصر داخلية كبيرة جداً شاركت في المظاهرات السلمية وعلي رأسهم السلفيون وقد نتج عن ذلك إصابة وقتل العديد من ضباط وجنود الشرطة. تطرق الدفاع إلي الحديث عن القناصة ونفي وجودهم في مظاهرات ميدان التحرير لأن بنادق القناصة لا تتحمل طلقات كثيرة وفي حالة استعمالها فأنها تطلق رصاصة واحدة فقط علي الشخص المستهدف بالقتل وأنه من غير المتصور استخدام بنادق القناصة في قتل المتظاهرين الذين تعدت أعدادهم المليون و200 ألف متظاهر. كما أن جميع رؤساء الأحزاب والحركات السياسية المعارضة للنظام السابق كانت بعيدة عن النيران التي أطلقت علي المتظاهرين ولم يحدث لهم أي شيء. أشار الدفاع إلي أنه لو كان رئيس الجمهورية ينوي قتل المتظاهرين فما كان أسهل عليه من الاستعانة بالجيش وطائرات القوات الجوية لإبادة الشعب المصري كما حدث في ليبيا. كما كان باستطاعة مبارك أن يأمر وزير الداخلية بتسليح الضباط والجنود من مخازن الذخيرة بكافة قطاعات وزارة الداخلية. أكد أن عمليات الهجوم علي الشرطة والمظاهرات كانت منظمة ومرتباً لها منذ عدة سنوات من جهات أجنبية ومصرية معارضة للنظام الحاكم. وأن جميع ضباط الشرطة والجنود لم يذكروا في تحقيقات النيابة أن الأوامر قد صدرت لهم بقتل المتظاهرين. أشار إلي أن قناة الجزيرة عرضت فيديوهات لسيارات أمن مركزي يقودها أشخاص يرتدون الملابس المدنية بعد أن استولوا عليها وكانوا يطلقون نيران الأسلحة التي استطاعوا خطفها من بعض الجنود وأطلقوها علي المتظاهرين حتي يتم بث الرعب في نفوس المتظاهرين. نفي الدفاع وجود دليل واضح ضد المتهمين يؤكد قيامهم بتوجيه الأوامر لقتل المتظاهرين بسبب معارضتهم لنظام الحكم الذي استمر 30 عاماً. مؤكداً أن جميع القوانين ليس فيها ما يمنع من استمرار حاكم في السلطة 30 عاماً. كما نفي ما يتردد عن وجود ما يسمي "اللهو الخفي" وأن هناك اشخاصاً وأحزاباً كانت ضد المظاهرات وليس مبارك أو وزير داخليته أو مساعديه أي علاقة بموضوع قمع المظاهرات. أكد محمد الجندي محامي اسماعيل الشاعر علي الطلبات التي سبق أن أبداها في مرافعته عن حبيب العادلي وهي سماع شهادة اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة ومدير المخابرات العسكرية واللواء مصطفي عبدالنبي رئيس هيئة الأمن القومي السابق واللواء نجيب محمد عبدالسلام قائد قوات الحرس الجمهوري السابق واللواء حمدي بدين مدير إدارة الشرطة العسكرية وعدد آخر من القيادات الأمنية من الجيش لسماع شهادتهم حول الأوامر التي صدرت إليهم للتعامل مع المتظاهرين في أحداث الثورة وكيفية مواجهتها. كما طلب سماع شهادة اللواء طارق الموجي مدير إدارة مكافحة الإرهاب السابق. تساءل عن مصادر حصول المحامي العام الأول علي المعلومات عندما أجري التحريات عن القضية لعدم وجود معاونة في ذلك الأمر من جانب سلطات وزارة الداخلية والمخابرات العامة.. وهو ما أدي إلي قصور التحقيقات مما يجعل الدفاع غير قادر علي مناقشة أعمال النيابة بما يبطل إجراءات التحقيق وإحالة القضية إلي المحاكمة. قال إن النيابة العامة سطرت أمر الإحالة بلغة عربية سليمة لا تستطيع معها الاعتذار بأنها أخطأت في عباراته وحررت أقوال الشهود بكل دقة كما أدلوا بها أمام النيابة ثم عادوا وتراجعوا عن أقوالهم أمام المحكمة بما يؤكد أن النيابة أكرهت الشهود معنوياً أثناء التحقيقات. دفع بعدم قبوله نظر قضية قتل المتظاهرين لسابق الفصل فيها عندما أصدرت محكمة جنايات جنوبالقاهرة حكمها ببراءة ضباط قسم شرطة السيدة زينب من تهمة قتل المتظاهرين الذين هاجموا القسم وأضرموا فيه النيران فدافع الضباط عن أنفسهم وعن القسم. أشار إلي أن المحامي العام الأول ممثل النيابة قال في مرافعته إن الشهود بينهم إفراد شرطة تم انتزاع أقوالهم من أفواههم لأنهم بطبيعة الحال لم يدلوا بشيء. كما دفع المحامي ببطلان الدعوي الجنائية ضد اسماعيل الشاعر بصدور أمر ضمني من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوي الجنائية كما دفع بانتفاء أركان الجريمة المادية والمعنوية وانتفاء فعل التحريض عن المتهمين وشيوع الاتهام والاقتران كما دفع بانتفاء جريمة الإضرار غير العمدي بأموال ومصالح الجهات التي يعملون بها. قال الدفاع إن موقف وزير الداخلية الحالي اللواء محمد إبراهيم يشبه تماماً موقف حبيب العادلي عندما تم الاعتداء من بعض الأشخاص علي وزارة الداخلية فاستخدم قنابل الغاز لتفريقهم. وأن حبيب العادلي تم تقديمه للمحاكمة أما محمد إبراهيم فقد تم استجوابه أمام مجلس الشعب لمدة خمس ساعات وبعدها تم تبرئته. قال الدفاع إن النيابة استخدمت في مرافعتها كلمة "غالب الظن" في تعليقها علي الاجتماع الذي عقده حبيب العادلي مع مساعديه يوم 27 يناير للاتفاق علي منع المتظاهرين من الوصول إلي الميادين المختلفة بجميع المحافظات. أضاف أن النيابة معذورة لأنها تعرضت لضغوط هائلة فوق طاقة البشر من أهالي الشهداء والمصابين والذين لم يجدوا أمامهم سوي باب النائب العام للمطالبة بالقصاص. كما لجأوا إلي وسائل الإعلام التي كانت تنطلق فيها الحناجر للمطالبة بالقصاص من الرئيس السابق ووزير داخليته ومساعديه وهذا الضغط المعنوي الهائل الذي تعرضت له النيابة جعل الحقيقة تضيع منها.