تواصل محكمة جنايات القاهرة اليوم الاستماع إلي مرافعة دفاع إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق في محاكمة القرن.. بعد أن استمعت علي مدار 5 ساعات متواصلة إلي الدفاع الذي وصف النيابة بأنها ضحت بالعدالة في هذه القضية وقتلت الحقيقة واغتالت القانون.. أكد أن المتهمين تم تقديمهم "قرابين للثورة" استناداً إلي أدلة ظنية.. وطالب بالبحث عن القاتل الحقيقي بين العناصر الأجنبية. عقدت الجلسة برئاسة المستشار أحمد رفعت وعضوية المستشارين محمد عاصم بسيوني وهاني برهام بحضور المحامين العموم مصطفي سليمان ومصطفي خاطر ووائل حسين وعاشور فرج وامانة سر سعيد عبدالستار وعبدالحميد بيومي وماهر حسنين. قررت المحكمة تخصيص يوم 20 فبراير الجاري لتسليم مذكرات النيابة والمدعين بالحق المدني للتعقيب علي مرافعات الدفاع. اتهم علي الجمل محامي "الشاعر" النيابة بعدم الحيدة.. وبأنها قدمت المتهمين لتهدئه الرأي العام مشيراً إلي أن الشرطة مجني عليها في هذه الأحداث.. اكد د.الجمل ان التقارير التي وردت للنيابة عن الأحداث من 25 وحتي 28 يناير من قطاع أمن الدولة والأمن المركزي ومدير أمن القاهرة وقطاع الأمن العام ومباحث الوزارة وما ورد بها من اسماء وجهات وتصرفات بعيدة عن الشرطة تسببت فيما نجم عنه من أضرار اضرت بجموع الشعب والشرطة إلا أن النيابة غضت النظر عما ورد بهذه التقارير ولم تنظر إلي ما ورد فيها بعين الحيدة. وقد اثبتت النيابة ملاحظة في نهاية تفريغ هذه التقارير باثبات عدد التقارير والمرفقات الواردة بتقرير الأمن المركزي مما يؤكد عزم النيابة علي توجيه الاتهام للمتهمين بغض النظر عما تحويه الأوراق من قرائن وأدلة تنفي تماماً وتقطع صلة المتهمين بالجرائم المنسوبة إليهم.. اما النيابة فقد ارادت ان يكون هؤلاء المتهمون "كبش فداء" بغض النظر عن حقيقة الأحداث مما يدل علي قصور التحقيقات وميلها كل الميل لمخالفة الثابت بالأوراق. دلل علي أن أحد أوامر الاحالة تم طباعته علي بياض وخالية من اسم المتهم والمجني عليه وتم التوقيع عليها بالاحالة حتي قبل سؤال المتهمين. اكد د.علي الجمل محامي إسماعيل الشاعر علي قصور تحقيقات النيابة وتساءل: هل جاء بأوراق التحقيق التفاصيل الكثيرة عن الأحداث المؤسفة التي دارت امام اقسام الشرطة وفي السجون وفي معسكرات الأمن المركزي وقطاعات الأمن في كل المحافظات والميادين وهل قدمت النيابة صور الحصار والقذف بالحجارة والقنابل الحارقة علي الأقسام وهل قدمت مشاهد اقتحام الأقسام وإطلاق الأعيرة النارية علي الشرطة وتحطيم الأبواب الحديدية والنوافذ لتهريب المحبوسين والأسلحة من داخل الاقسام وحرق المحاضر والاحراز. وهل قدمت النيابة مشاهد البلطجية وأهالي المجرمين وهم يستولون علي الأسلحة ويخرجون بها للشوارع يهددون المارة ويشيعون جواً من الرعب والإرهاب.. وهل قدمت النيابة مشاهد قتل الضباط وأفراد الشرطة والتمثيل بجثثهم في الشوارع.. وكيف توصلت النيابة إلي تحديد المتهمين من رجال الشرطة في قتل المتظاهرين ولم تتوصل للمتهمين بقتل رجال الشرطة... بل لم تحقق فيها النيابة علي الإطلاق. اضاف أن النيابة اتهمت رجال الشرطة عندما دافعوا عن أنفسهم ومقارهم واتهمتهم ايضا عندما انسحبوا منها فكيف يستقيم ذلك.. واكد ان النية كانت مبيتة للعدوان لدي المتظاهرين وليس لدي الشرطة لان الشرطة كانت مسئولة عن تصرفاتها.. فمثلاً حركة 6 ابريل صنعت الدروع لمهاجمة الشرطة ونقلت ذلك وسائل الاعلام قبل الأحداث بأيام وتعامل معه الجميع علي انه اختراع علمي.. وكان يجب تقديم مرتكبيها للمحاكم. كما دفع بالتناقض الفج بين التهم الواردة بأمر الإحالة والتهم المسندة للمتهمين والذي يستعصي علي أعوانه ونافياً لأصل الاتهام الوارد بصدد امر الاحالة وذلك بين جريمة الاشتراك في القتل العمد والشروع فيه مع سبق الاصرار والترصد بالتحريض والاتفاق والمساعدة وبين جريمة عدم اطاعة الوزير ومساعدته لأمر رئيس الجمهورية الصادر في يوم 2011/1/28 بحفظ الأمن ومساندة القوات المسلحة واشار إلي أنه لو كان هناك اتفاق بين الرئيس السابق والوزير فانه ليس منطقياً ان يغير الرئيس السابق اتفاقه في اليوم التالي!!. اكد ان الاتهام الذي وجه للمتهمين كان تحت سطوة الرغبة الشعبية في المحاكمة وهذا مخالف لاصول المحاكم العادلة ويتنافي مع أبسط قواعد العدل والانصاف ولا يجوز لسلطة الاتهام ان تنساق وراء رغبات الغاضبين والمغرضين وأصحاب المصالح الخاصة تذرعاً بتهدئه الرأي العام وبالتالي فقد ضحت النيابة بالعدالة وقتلت الحقيقة وإغتالت القانون. قال إن الأدلة التي قدمتها النيابة من شهادة الشهود أو التقارير الطبية منبتة الصلة تماماً بالمتهمين ودفع ما ستطرق خطأ المجني عليهم لخطأ المتهم علي فرض حدوثه وثبوت ان فعل الفاعل الأصلي المجهول غير مباح فبالاطلاع علي دفتر أحوال الأمن المركزي يوم 28 يناير من العام الماضي بيّن ان به 302 بند منها البند من 1 إلي 172 يتضمن إخطارات عادية عن عدد المتظاهرين وأماكن تواجدهم بالشوارع واعتبارا من الثانية بعد ظهر يوم جمعة الغضب فتحت أبواب الجحيم علي الشرطة من تعدي بالنار وحرق الأقسام وتهريب المساجين وسرقة السلاح ورغم ذلك كانت تعليمات وزير الداخلية التعامل بالدرع والعصي وقنابل الغاز وأصبحت الحماية لرجل الشرطة التخلي عن ملابسه الميري مما يعني انعدام النية وعقد العزم الاعتداء علي المتظاهرين. تساءل الدفاع: من هو الفاعل الحقيقي طالما ان هذه القيادات والرئيس السابق لم يرتكب هذه الجرائم؟ وطالب الدفاع من المحكمة إصدار أمرها للنيابة بالبحث عن حقيقة دور العناصر الأجنبية في قتل المتظاهرين ولا يجوز محاكمة هؤلاء المتهمين عن جرائم ارتكبتها عناصر أخري وتقديمهم قرابين للثورة. دفع بانتفاء المسئولية الجنائية وعدم توافر أركان جريمة الاشتراك في قتل المتظاهرين بالاتفاق والتحريض والمساعدة وانتفاء ركن العلم وعدم توافر القصد الجنائي الخاص في حق المتهمين جميعا.. أوضح ان النيابة استندت في أمر الإحالة في اتهامها للمتهمين إلي القرينة المغرضة واعتمدت اجتماع الوزير ومساعديه يومي 24 و27/1/2011 لمتابعة المظاهرات وأسلوب التعامل مع المتظاهرين اعتبرته امعان علي جريمة واتخذت من هذا الاجتماع قرينة مفترضة علي تحريض الوزير ومساعديه للضباط والأفراد علي قتل المتظاهرين. كما اتخذت النيابة العامة تسليح القوات وإمدادها بالمعدات ووسائل عملها قرينة علي الاشتراك بالمساعدة من وزير الداخلية ومساعديه حيث ان نية المجتمعين لم تكن قتل المتظاهرين بل تلاقت علي هدف واحد وهو تأمين المظاهرات والتعامل معها وفقا للقانون حتي لا تصل لمرحلة الشغب العام والإضرار بأموال ومصالح الدولة والأشخاص وتكدير الأمن العام حتي ولو كان هناك استخدام للقوة فإنه بالصورة التي رسمها القانون بالتدرج المنصوص عليه سواء في القانون أو في أوامر الخدمة والخطط الموضوعة مسبقا تحسبا لأي ظروف طارئة. قال الدفاع انه لا يمكن استنتاج أمر مجرم من أمر مباح بالاجتماع والاتفاق كان علي أمر مباح وفقا لسلطات الوزير بل وجب عليه ان يأمر باتخاذ الإجراءات المناسبة في ضوء الظروف والأحداث وإلا كان مقصرا ووجبت محاسبته وبالتالي فإن محاولة انتزاع الاجتماع من وضعه القانوني وإدخاله في دائرة التأثيم والتجريم أمر غير صائب. كما دفع بإهدار شهادة الشهود التي حفلت بها قائمة أدلة الثبوت وإهدار كل دليل مستمد منها واعتبارها غير نتيجة في الدعوي استنادا إلي وجوب سماع الشهود أمام المحكمة وتقييم هذه الشهادة إذا تمسك الدفاع بالاستماع لشهادته حيث إن شهادة الشهود تعتبر المرتبة الثانية بعد الاعتراف وان ما قدمته النيابة من شهود قد حادت عن الحقيقة وحادت عن إثبات عناصر الاشتراك لعدم انطباقها علي الجرائم المسندة للمتهمين وعلي حقيقة الاتهام المسند إليهم. قال الدفاع إن شهادة الشهود مهدرة تماما لأنها ليست بالشهادات المباشرة وشهادات بالتسامع أو ما يشاع كما ان المتهم إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق خلي اسمه وصفته من جميع من سمعت شهاداتهم سواء مباشرة أو سماعية. أضاف ان النيابة اعتبرت ان تقديم هؤلاء المتهمين سيرضي الجميع ولو انتهت المظاهرات سلميا خلاف ما وصلت إليه لكانت النيابة ستعتبر الاجتماعين اللذين تم للتعامل مع المظاهرات نموذجا يحتذي. وقال إنه لا يمكن ان يتصور ان تقع ألف جريمة في ألف موقع بنفس الأوصاف والاتهامات. وقال إن المجني عليهم غير معروفين بالنسبة للمتهمين وبالتالي فلا يوجد أي عقد للعزم أو نية مبيتة. أضاف انه لا يوجد ما يسمي المسئولية المفرضة وعدم دستورية افتراض القصد الجنائي. ثم وجه محامي "الشاعر" كلمة للمتهمين قائلا: أما وقد سلبت حرياتكم ظلما علي ذمة هذه القضية فاحتسبوا ذلك عند الله وتعاملوا مع حبسكم علي انه أمر من الله.. ليغفر لكم بعض من خطاياكم فحساب الدنيا أرحم من حساب الآخرة. ووجه كلمة للمحكمة قائلا: اترك المتهمين أمانة في أعناقكم وعلمنا ان المحكمة لا تخشي في الحق لومة لائم مؤكدا ان حكمكم سيحاكمه التاريخ وسيظل لمئات السنين يدرس ويفند.. عدالة عمياء مجردة.