الشهيد الذي قتل دون ذنب اقترفه لا يمكن تعويضه بمال.. فالروح الطاهرة التي ازهقت تسمو فوق أية مادة.. والحزن الذي يملأ قلب أرحامه وأهله وجيرانه وأصدقائه لا يساويه أي شيء دنيوي.. إنما جزاؤه الحق عند ربه تسعه رحمته بإذنه. شيء طيب أن يقرر مجلس الشعب رفع تعويض أسرة الشهيد إلي مائة ألف جنيه ولو كانت الظروف الاقتصادية للدولة تسمح لطالبنا بأضعاف هذا المبلغ فالمال - مهما بلغ قدره - أتفه من أن يساوي روح الشهيد. كل ما نرجوه أن يتم تحديد من هم الشهداء الحقيقيون الذين تستحق أسرهم التعويض.. لا نريد أن يتداخل الحق مع الباطل فيتساوي الشهيد الحقيقي مع البلطجي الذي قتل وهو يعتدي علي الآخرين أو يهاجم منشآت عامة بقصد تخريبها والإضرار بها. هناك شهداء معركة الجمل.. وهناك شهداء ميدان التحرير وماسبيرو وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء.. والأخيران امتزج فيهما البلطجية مع الثوار الحقيقيين. وهنا يجب إجراء عملية فرز دقيقة حتي تصل التعويضات إلي من يستحقها دون لبس. هناك من أهل الرأي.. وأهل الإعلام.. ومن نطلق عليهم النشطاء السياسيون وحتي من بعض أعضاء مجلس الشعب "الأقلية" من يزايد باسم الثورة والثوار. وينافق الشارع المصري حبا في الظهور الإعلامي. وليبدو أنه "ثورجي" من الدرجة الأولي فيقول كلاما كبيرا ويخطب خطبا عصماء ليحوز اعجاب واستحسان رجل الشارع.. وهؤلاء لابد أن يراجعوا أنفسهم ويتقوا الله في هذا البلد. الغريب.. أن الكل يتحدث عن الشهداء المدنيين ولم ينبس ببنت شفة عن شهداء الشرطة والجيش الذين لاقوا ربهم دفاعا عن بلدهم ودفاعا عن المنشآت العامة المملوكة للشعب. هؤلاء الشهداء الأبرار أليسوا أبناء مصر؟! أم أنهم من الأعداء الذين يحق عليهم القتل؟! لقد سقطوا من حساب المتحدثين عن الشهداء من الإعلام والنخبة الفكرية وكأنهم لا وزن لهم ولا قيمة.. أليست لهم أمهات وآباء وأقارب اعتصر الحزن قلوبهم من أجلهم؟! لماذا لا نشعر بشعور ذويهم ونتعاطف معهم مثلهم مثل الشهداء من المدنيين؟! ملأنا الدنيا ضجيجا حول الشهداء المدنيين سواء الحقيقيون أو غير الحقيقيين من البلطجية الذين روعونا بأفعالهم.. ونسينا أو تجاهلنا عمدا شهداء الشرطة وكأنهم "أولاد البطة السوداء". علي أعضاء مجلس الشعب المحترمين والموقرين.. وعلي الإعلام المرئي والمقروء.. وعلي ذوي النفوس السوية من رجال الفكر والرأي أن يتحدوا ويطالبوا بنفس الامتيازات التي طبقت علي الشهداء والمدنيين لشهداء الشرطة.. والمثل يقول: "حتي المساواة في الظلم عدل". لا نريد أن نكيل بمكيالين.. نريد أن نكون مع شهيد الشرطة ننصره بإذن الله وهو أحكم الحاكمين.