هل لجوء مصر الي الاقتراض الدولي هو الحل الوحيد للخروج من أزمتها الاقتصادية بعد ان انخفض الاحتياطي النقدي للدولة الي النصف؟!.. هذا ما أكده الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء حكومة الإنقاذ هكذا اسمها حين عرض علي المجلس العسكري مؤخرا اللجوء الي صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض قيمته 3 مليارات دولار وهو القرض الذي سبق وأن رفضه المجلس العسكري بسبب الشروط التي وضعها صندوق النقد مقابل حصول مصر علي هذا القرض وأهمها إلغاء دعم الطاقة الذي يكلف الموازنة العامة للدولة ما يزيد علي 90 مليار جنيه سنويا أي ما يعادل 15 مليار دولار وهو الرقم الذي أجمع خبراء اقتصاديون علي حاجة مصر اليه من صندوق "النكد" الدولي!! السؤال ليس هل يقبل أو لا يقبل المجلس العسكري هذا القرض.. بل هل مصر وهي علي هذا النحو من التردي الاقتصادي قادرة علي الوفاء بالتزاماتها تجاه الصندوق.. أم ستجد نفسها تدفع بالكاد فوائد هذا القرض لتصبح رقبة مصر في يد الصندوق يفعل بها ما يشاء!! لست مع لجوء مصر الي الاقتراض الدولي في هذا الوقت تحديدا الذي تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية عصيبة لا يعلم فيها أحد متي ستنهض البلد من جديد وتقف علي قدميها.. كما أنه من الأفضل عدم تحميل أي نظام جديد قادم تركة متراكمة من الديون تجعله عاجزا عن تحسين المستوي الاقتصادي والمعيشي للمواطنين!! هناك العديد من الحلول لخروج مصر من أزمتها الاقتصادية دون شروط وضغوط دولية آخرها المقترحات التي قدمها وفد المصريين بالخارج في لقائه مؤخرا مع الدكتور كمال الجنزوري.. حيث أعلن الوفد أنه لو تبرع كل مواطن مصري بالخارج بمائة دولار سيتم جمع مليار دولار باعتبار ان عدد المصريين المقيمين بالخارج عشرة ملايين مصري.. أو إصدار سندات باسم المصريين بالخارج وفتح المجال أمامهم لشراء أراض! مع احترامي الكامل لموقف وفد المصريين بالخارج وتقديري لحسهم الوطني العالي إلا أنه ليست هكذا تكون الحلول.. فمن السهل جدا الدعوة غدا الي حملة تبرع لإنقاذ مصر يقودها رجال أعمال مصر الوطنيون ويساهم فيها كل مواطن مصري بما يقدر عليه لتحصد الدولة في النهاية المليارات إذا أضفنا مقترحات المصريين بالخارج.. ولكن ليس هذا علاج الدولة المريضة لأنه سيكون أشبه بالمسكنات التي تزيل الألم لكنها غير قادرة علي علاج المرض! الحل يكمن في علاج المرض نفسه بتصحيح العديد من السياسات الخاطئة التي تنتهجها الدولة فيما يتعلق بالدعم وفشلها في وصول الدعم لمستحقيه وهو مشهد واضح في مسلسل أزمة أنابيب البوتاجاز الذي تجري أحداثه في عدة محافظات بما فيها العاصمة حتي وصل سعر الأنبوبة الي أكثر من عشرة أضعاف ثمنها لتحصل مافيا السوق السوداء في النهاية علي الدعم الذي تدفعه الدولة للغلابة. أزعم أن الحكومة لو باعت أنبوبة البوتاجاز بعشرة جنيهات ووفرتها في الأسواق لتصل الي المستهلك عبر الهاتف أو الرسائل القصيرة "SMS" ستضرب عصفورين بحجر واحد.. ستوفر المليارات وفي نفس الوقت ستكتب نهاية مسلسل أزمة الأنابيب إلي الأبد.. وما يسري علي الأنابيب يسري علي أشياء أخري!