لم يبق من الزمن سوي ستة أشهر لينفذ المجلس الأعلي للقوات المسلحة تعهده بتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة انتخابا حراً.. وهذه المدة لا تعتبر شيئا مذكورا في تاريخ الشعوب.. أفلا نستطيع كشعب أن نصبر علي المجلس العسكري وعلي حكومة الدكتور كمال الجنزوري هذه المدة للوصول إلي هذا الهدف. ويحكم مصر من حملته صناديق الانتخاب إلي سدة الحكم؟! أليس هذا هو الهدف الأسمي للثورة.. القضاء علي الدكتاتورية والفساد واسقاط فكرة التوريث.. وأن يحكم الشعب نفسه بنفسه. ويتم تداول السلطة لتنطلق مصر للبناء والتنمية؟ الذين يطالبون بتنحي المجلس العسكري فوراً وتسليم الحكم لسلطة مدنية نود أن نتوجه إليهم بسؤال: إلي من يسلم المجلس الحكم؟! ومن يتحمل مسئولية الفوضي التي ستترتب علي ذلك؟ ومن يملك تحديد الشخص أو الأشخاص الذين يتسلمون الحكم؟ وتحت أي غطاء شرعي أو دستوري؟! الذين يعترضون علي تولي الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الوزراء ويتهمونه بأنه من رجال عهد مبارك. ويتهمون حكومته بأنها ليست حكومة إنقاذ. بل هي حكومة تسيير أعمال بمجموعة من الموظفين لا من الوزراء السياسيين الذين يعبرون عن روح الثورة. فليكن كل ذلك صحيحا.. ولكن من هو الشخص الذي من الممكن أن تجمع عليه كل الطوائف السياسية ليتولي هذه المهمة في تلك الفترة القصيرة؟ هناك من يرشح الدكتور محمد البرادعي.. وهناك الكثيرون الذين يعترضون عليه.. ولم يتم طرح اسم آخر غير الدكتور البرادعي. لماذا لا نترك للدكتور الجنزوري الفرصة لعله يعبر بمصر هذه الفترة في أمان.. يضبط الأمن ويسير عجلة الإنتاج.. ويحل المشكلات العاجلة.. ويقلل عجز الموازنة حتي تستطيع الحكومة القادمة أن تبني علي ما انجزه ولا تبدأ من الصفر.. ليس كل من عمل في نظام مبارك فاسدا حتي لو ارتكب بعض الأخطاء إما طوعاً أو كرهاً.. ولو طبقنا هذه النظرية سوف نقصي نصف الشعب المصري ونعزله. كل هذا لا يمنعنا أن نطالب المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يسرع الخطي في كل الإجراءات التي تؤدي إلي تسليم الحكم إلي السلطة المدنية المنتظرة.. نطالبه بالانتهاء من المرحلة الثالثة لانتخابات مجلس الشعب. علي أن يبدأ فورا في إجراء انتخابات مجلس الشوري بحيث تنتهي في ميعاد لا يتجاوز منتصف فبراير علي أكثر تقدير.. لتكون هناك فرصة لاختيار لجنة المائة التي تضع الدستور الدائم. والذي علي أساسه يتم انتخاب رئيس الجمهورية. نؤكد علي ضرورة تسريع اجراءات تسليم الحكم لسلطة مدنية في نهاية يونيو القادم. حتي لا ينكث المجلس العسكري تعهده وندخل في مشكلة وصراع لا يعلم مداه إلا الله. ونطالب القوي الثورية ومن تدعي أنها ثورية ألا تحتكر الرأي لنفسها دون بقية المواطنين. وإلا نكون بذلك قد تخصلنا من ديكتاتور واحد لنرتمي في حضن ديكتاتورية جماعة.