نبيل عطا الدكتور محمد البرادعي، عالم مصري وعالمي له مكانته التي نقدرها، وهو أيضاً رجل ذكي، ويصبح شديد الذكاء عندما يستعين بصديق .. وهذا الصديق بالطبع هو أمريكا، والتي تأكدت بما لا يدع مجالاً للشك بواسطة مندوبيها وخبرائها ومحلليها السياسيين أن فرص البرادعي أصبحت شبه معدومة في تحقيق ولو تمثيل مشرف في الانتخابات الرئاسية المقبلة وفي الواقع فإن أمريكا "ما جابتش الديب من ديله" لأن توقعها كان نتيجة طبيعية توصل إليها وأكدها جميع الخبراء والسياسيين في مصر ، وتأكدت أكثر وأكثر عقب اكتساح التيار الإسلامي للانتخابات البرلمانية الأخيرة ولأن أمريكا تقاتل حتي النفس الأخير وعلي كل الجبهات .. فها هي تنسق مع الاخوان، حتي تضمن التواصل معهم في حالة سيطرتهم علي الحكومة المقبلة، ولكنها لم ولن تنسي القوي الليبرالية التي يمثلها الدكتور البرادعي، لعل وعسي تأتي الرياح بما تشتهي السفن ، ولذلك نصحته بضرورة "ضرب كرسي في الكلوب" .. وذلك بإعلان انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية ، علي أن يظل في صفوف الشباب وطليعة المتظاهرين المطالبين باستكمال الثورة وضرورة تسليم البلاد لسلطة مدنية فوراً وطبقاً لحسابات البرادعي وحسابات أمريكا أيضاً .. فإن قرار الانسحاب هذا سيجذب أصوات الرافضين للمجلس العسكري وعددا من الائتلافات والقوي الثورية للوقوف خلف البرادعي مرة أخري ، بوصفه منقذ الثورة المصرية وزعيمها، وبذلك تصبح النصيحة الأمريكية بمثابة الفرصة الأخيرة للبرادعي ولأمريكا للعودة للشارع المصري من جديد ، ووقف مسيرة حكومته التي بدأت تعرف طريقها علي يد الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الذي يملك الرؤية والقدرة علي التنفيذ.
لا أقصد بكلامي بالطبع التخلي عن استكمال أهداف الثورة، بل علي العكس أطالب كل مواطن مصري بأن يتحمل مسئوليته ونحن في هذه المرحلة التاريخية، وعلي كل من يذهب للميدان يوم 25 يناير أن يكون هدفه الاحتفال بما تحقق والدعوة لاستكمال أعظم ثورة شعبية شهدها العالم .. بعيداً عن التخريب والتعصب، وحباً في مصر وشعبها وترابها ونيلها ومنشآتها، وعلي الجميع أن يتناسوا ذواتهم وأنانيتهم ويتذكرون مصر فقط، ونقدم للعالم صورة متحضرة لمصر الجديدة التي هي أكبر منك ومني ومن البرادعي ومن أمريكا .. مصر التي علمت العالم معني الحياة، ستعلم الأمم كيف تعيد اكتشاف نفسها من جديد.