اتجاه حميد من حكومة الإنقاذ أن تتبني سياسة التقشف داخل وزاراتها وأجهزتها المختلفة.. فالإنفاق الحكومي أصبح صداعاً في رأس الاقتصاد القومي المنهار حالياً. هذا التقشف معناه ببساطة شديدة ودون تنميق في الكلمات.. وقف السفه الموجود في شراء السيارات والأثاث المكتبي والسلع الكمالية المستفزة. ومنع "بعزقة" أموال الشعب علي الاحتفالات والتشريفات والسفريات. وإنهاء حالة "الغرف" من قوت الشعب للاستعانة بمن خرجوا إلي المعاش كمستشارين يتقاضي كل واحد منهم عشرات الآلاف من الجنيهات شهرياً في حين أن الغالبية العظمي منهم لا يقدمون شيئاً يذكر.. وغير ذلك من مظاهر البذخ في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للمليم وليس للجنيه الذي تدني سعره وأصبح ملطشة وفي الحضيض! هذا التقشف الحكومي يجعل الحكومة أيضاً قدوة للشعب كله بأن يقتدي بها الجميع.. كل في مجاله. نريد من الجميع أن يتقشف أيضاً.. فإن النعمة لا تدوم. نريد أن يشتري المواطن احتياجاته الحقيقية من السلع وأن يتوقف عن سياسة التخزين التي كان يتبعها أجدادنا وأصبحت اليوم تؤثر حتماً علي الكميات المعروضة.. وبالتالي علي أسعار السلعة نفسها طبقاً لسياسة العرض والطلب المعروفة: كلما زاد العرض قل الطلب والسعر. وكلما قل العرض زاد الطلب والسعر. نريد أن نستهلك ما نحتاجه فعلاً دون أن نشد الأحزمة علي البطون أو نجوع نحن وأولادنا.. وبالتالي سيقل الهالك من الطعام حتي يختفي ولا نري أنصاف أرغفة وبواقي "طبيخ" وفاكهة سليمة في سلال القمامة. نريد ترشيد استهلاكنا من المياه والكهرباء. كلنا يعلم جيداً قضية مياه النيل والمخاطر المحدقة بحصتنا في النهر.. ومع ذلك نري من يترك حنفيات المياه "سايبة" ليل نهار. أو من يغسل السيارات ويرش الحدائق الخاصة في أو أمام منزله والشوارع في الصيف بالمياه النقية. أو يتعامل بإهمال وعدم اكتراث مع ماسورة مياه مكسورة. والمفروض أن يبلغ عنها لإصلاحها في أقصر وقت لوقف نزيف إكسير الحياة. .. وكلنا أيضاً يعلم جيداً.. أن الكهرباء مدعومة بأضعاف سعرها للمستهلك. ويعلم الله ما نتكبده كي تصل للناس بهذا السعر.. ومع ذلك نري الشوارع وكل مواقع الإنتاج العامة والخاصة ومعظم البيوت والمحلات والورش والأندية والمقاهي البلدي والكافيهات وغيرها مضاءة نهاراً. مثلما هي مضاءة ليلاً بالضبط.. لماذا؟!.. لا أدري سوي أن ذلك استهتار وعادة قبيحة وضارة جداً.. لمحطات التوليد باهظة التكاليف ولاقتصادنا بصفة عامة. نريد ترشيد استهلاكنا من استخدام السيارات الخاصة لتوفير البنزين والأموال التي نشتريه بها من ناحية. ولتقليل التلوث والزحام الذي يصل إلي حد الاختناق من ناحية أخري.. لماذا لا يترك صاحب السيارة سيارته أمام أقرب محطة مترو مثلاً. ويستخدم هذا المرفق الحضاري للوصول إلي عمله أو المكان الراغب فيه. ثم العودة إلي منزله بنفس الطريقة؟!.. صدقوني لو فعل ذلك سيصل إلي عمله أو منزله في زمن قياسي. إن حياتنا مليئة بالنماذج التي تحتاج منا جميعاً أن نتوقف أمامها ونتخذ قراراً حاسماً بترشيد استهلاكها.. اليوم بإرادتنا قبل أن يأتي الغد ليجبرنا علي ذلك. المفروض علي كل وسائل الإعلام أن تتبني حملات لتوعية المواطنين بضرورة الترشيد. وإذا كانت هذه المهمة واجباً وطنياً علي الصحف بمختلف أنواعها وتوجهاتها.. فإنها أوجب علي التليفزيون بكل محطاته.. سواء الرسمي أو الخاص لأنه أكثر تأثيراً وأيسر علي المتلقي الذي قد لا يكون قارئاً جيداً أو قد يكون من أصحاب الدخل المحدود أو الأقل. وبالتالي ليست لديه القدرة المادية علي شراء الصحف. المهم.. والمهم جداً.. أن تصاغ الحملات وتقدم بشكل شيق وجذاب وموضوعي بحيث تقنع من يشاهدها أو يقرأها.. لدينا صحفيون وإعلاميون علي درجة عالية جداً من المهنية والفكر المتجدد.. ويجب أن يتحملوا مسئولياتهم تجاه الوطن في هذه الظروف الدقيقة التي نحياها. ** الشبح المجهول!! تعبنا واتخنقنا ووصلنا إلي حالة من القرف لا يتحملها بشر. تصعيد. تصعيد. تصعيد.. لا نكاد نلتقط أنفاسنا.. وكلما هدأت الأمور وبردت الأجواء والأرض وقلنا سنبدأ في العيش حياة طبيعية. يجد جديد وتقع مصيبة ألعن من سابقتها. وهكذا عشنا علي مدي شهور كثيرة من بعد استفتاء مارس حتي اليوم.. ما بين اعتداءات متكررة علي المتظاهرين بالتحرير ثم مجزرة ماسبيرو ومن بعدها محمد محمود وأخيراً موقعة مجلس الوزراء أمس بعد محاولة تسميم المعتصمين هناك بالحواوشي. واضح جداً أن هناك من لا يريد لنا الاستقرار ولا يرغب في أن يجعلنا نبني حاضرنا ومستقبلنا. ما حدث أمس أمام مجلس الوزراء هو مهزلة بكل ما تحمل الكلمة وسوف تكشف التحقيقات الدور القذر الذي لعبه من لا يريد لنا الاستقرار. لكن.. تأكدوا.. أن هذا الشبح المجهول لن يظل شبحاً أو مجهولاً إلي الأبد.. ولابد أن يأتي عليه يوم وينكشف أمره ويصبح معلوماً.. وساعتها..ساعتها لن يكفينا تعليقه من رجليه في ميدان التحرير بلا محاكمة.. لأنه بمجرد اكتشافه ستتحدد أهدافه وأغراضه دونما حاجة إلي أدلة. دعونا لا نستبق الأحداث.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.