أعجبتني فكرة التاكسي مجموعة من الإصدارات الجديدة يمد راكب التاكسي يده إلي حافظة جلدية بالقرب منه يسحب ما يروقه ويقرأ بقدر ما يتيحه له الوقت في زحام القاهرة حتي يصل إلي المكان الذي يقصده فيعيد الكتاب إلي موضعه. فكرة جميلة وإن وجب اقتصارها علي الكتب المحدودة الصفحات مهما تطول المسافة الطريق فإنها لن تتيح بالضرورة سوي كتاب قليل الصفحات. كتبت- من قبل- عن الإفادة من وسائل المواصلات العامة: المترو. الترام. الأتوبيس. في تنمية عادة القراءة لا شأن للأمر بطول المسافة أو قصرها. فالكتاب الذي يحمله صاحبه ينشغل بقراءته في وسيلة مواصلات جيدة الإضاءة وهذا ما يغيب للأسف عن كل وسائل المواصلات. يادوب يري الراكب ظلالاً من ملامح جارة أو يد "الكمساري" وهو يتقاضي ثمن التذكرة. الإضاءة خافتة أو شاحبة أو منعدمة إذا لم تصدق فإني أدعوك إلي محاولة القراءة في الأتوبيس المكيف رقم 791 لا تكييف ولا نظافة ولا إضاءة. زنزانة متسخة مظلمة متحركة. وعلي الراكب ان يدفع قيمة التذكرة كاملة! الأتوبيس الذي أشرت إليه مجرد مثل فالمشكلة تشمل كل وسائل المواصلات العامة يبدأ الأتوبيس الجديد في أول استعماله مضيئاً ومتألقاً وحين تحترق لمبة فإنها لا تستبدل ويتواصل احتراق اللمبات بتأثير الاستعمال فلا تستبدل حتي يبدأ الركاب في تلمس خطواتهم داخل العربة المظلمة. زمان كانت قاعدة القراءة متسعة بواسطة محال الكتب القديمة المتناثرة في الشوارع المختلفة حتي شارع عماد الدين اشتهر بمكتبة تقصر مبيعاتها علي الكتب القديمة وتعيرها لقاء اشتراكات شهرية وثمة فروع دار الكتب بالأحياء المختلفة وأذكر ان أول تعرفي إلي دنيا نجيب محفوظ حدث في فرع دار الكتب بالمنيرة.. تناقص ذلك كله حتي التلاشي تقاضي أصحاب محال الكتب ما يعوضهم فتنازلوا عن محالهم واكتفت دار الكتب لسبب يعلمه المسئولون عنها بالمركز الرئيسي من يريد الاستعارة فإن عليه زيارته واختفت من حياتنا ظاهرة جميلة كان لها تأثيرها الايجابي الذي لم يقل في تقديري عن تأثير القراءة للجميع ظلت تلك الفروع تتيح القراءة للجميع حتي أغلقت عمداً ومع سبق الاصرار والترصد وسامح الله من وقع قرار الإغلاق. أن يوجد الكتاب في المدارس والأندية والمقاهي وفي عربات التاكسي كما أعلن مؤخراً وسائل مهمة لتنمية الوعي القرائي والمعرفي وتضيف المواصلات العامة وسيلة مهمة وهو ما لن يتحقق بالصورة الحالية. إذا كنا نشكو من السلبيات التي تعانيها وسائل المواصلات بداية من السرقات وانتهاء بالتحرش الجنسي فإننا نستطيع ان نقضي علي ذلك كله بالحرص علي الإضاءة التي تحرض علي القراءة وتضع الأمل الغائب في قبضة اليد.