بصراحة لا يمكنك التعاطف مع أي طرف في الأحداث الرهيبة التي أعقبت الجمعية العمومية غير العادية لنادي قضاة مصر الليلة الماضية. لماذا؟ الأحداث عبثية من بدايتها إلي نهايتها. فأصحاب المقام الرفيع الذين انتابهم الغضب الشديد جراء الاعتداء المستمر عليهم ومنعهم من ممارسة دورهم في ظل الفوضي التي تشهدها البلاد كان يجب عليهم الاحتماء بالرأي العام أولاً وأخيراً قبل الانفراد بمعالجة تعديلات مشروع قانون السلطة القضائية وكأنه أمر يعنيهم وحدهم. مشروع القانون لم يتم طرحه للنقاش العام. وظل حبيس جدران نادي القضاة. أتحدث هنا عن مشروعين وليس مشروعاً واحداً. مشروع المستشار أحمد مكي. ومشروع نادي القضاة الذي تبناه المستشار أحمد الزند رئيس النادي.. كلاهما كان أشبه بالمشروع السري إلي أن تصدي لهما المحامون بسبب المادة "18" التي تجيز حبسهم حال الإخلال بسير جلسات المحاكمة هم أو أي من حضور الجلسات. المحامون من جانبهم وربما بسبب انتخاباتهم النقابية لم يتورعوا عن استخدام كافة أساليب التصعيد ضد القضاة نتيجة تراكمات واحتقانات سابقة معروفة للجميع كان آخرها ما حدث في طنطا وانتهي بسجن محاميين في آخر أيام النظام السابق. جري الإفراج عنهما بعد ثورة 25 يناير. والحقيقة أن ما حدث الليلة الماضية كان بمثابة حلقة في عمليات الترصد بين الجانبين.. هكذا ينظر الرأي العام إلي ما حدث. وهو ما اعتبر من البداية أن الحرب بين جناحي العدالة لا تخصه في شيء وأنها أشبه بمعركة علي النفوذ ليس أكثر ولا أقل فوقف موقف المتفرج منها مع انه المتضرر الأكبر مما يحدث بتعطيل مصالحه وتأجيل رد المظالم إلي أهلها. لا أبالغ إذا قلت أن هناك من استمتع بالحرب الضارية بين القضاة والمحامين والتي لا يعلم أحد متي ستضع أوزارها تحديداً. فالفوضي التي تشهدها البلاد هناك مستفيدون منها هم أعداء الثورة أولاً في الداخل والخارج. وأعتقد أن هؤلاء سعادتهم بلغت الذروة بمشاهدة فصول المهزلة التي نعيشها في مصر والتي طالت جانبي العدالة. ما أسعدهم غياب أصوات العقل وما أكثرها بالتأكيد في تلك الأزمة التي استخدمت فيها كل الأسلحة بالمعني الحرفي للكلمة وليس المجازي.. مسدسات وشتائم وتطاولات.. الخ. مهزلة.. لكن أي مهزلة!