وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    عاجل:- نقيب الفلاحين: 20 جنيهًا تراجعًا في سعر كيلو الطماطم اليوم    محافظ البحيرة: إحلال وتجديد مدخل المنطقة الصناعية بالطرانة في حوش عيسى    المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح المالي والاقتصادي خلال المرحلة المقبلة    محافظ قنا يشهد استلام لحوم صكوك الأضاحى ضمن مبادرة «بداية» تمهيدًا لتوزيعها على المستحقين    "مياه أسيوط" تواصل فعاليات مبادرة "بداية" بين طلاب مدارس مركز الفتح    الكرملين: اغتيال نصر الله يزعزع الاستقرار بشكل خطير في الشرق الأوسط    الصحف الألمانية تتغنى بالفرعون المصري عمر مرموس بعد أدائه المميز أمام هولشتاين    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    مدرب منتخب الشاطئية يطالب الجبلاية بتوفير مباريات ودية    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    منخفض جوي جديد.. 6 تحذيرات من الأرصاد للمصريين    إصابة شخصين إثر انقلاب سيارة واشتعال النيران بها بصحراوي المنيا    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    حملة دعاية واسعة استعدادا لانطلاق الدورة 7 لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    غدًا.. ديفيليه استعراضي لفرق مهرجان الإسماعيلية الدولى للفنون الشعبية 24    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد الدراسة بكليتي العلوم والهندسة    وكيل شعبة الكهرباء: الفتح والغلق المتكرر للثلاجة يزيد الاستهلاك    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    بمشاركة 115 دولة.. كلية الإعلام بالجامعة البريطانية تنظم المهرجان الدولي للأفلام    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    جريزمان يعلن اعتزاله اللعب الدولى مع منتخب فرنسا    وزير التعليم يتفقد 6 مدارس بحدائق القبة لمتابعة سير العام الدراسي الجديد    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    41615 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    ضبط دجال بالإسكندرية يروج لأعمال السحر عبر مواقع التواصل    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    فريق هاريس يتودد للجمهوريين لكسب تأييدهم للمرشحة الديمقراطية بانتخابات أمريكا    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات والتداولات تتجاوز 2.6 مليار جنيه    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    موعد مباراة السد القطري ضد استقلال طهران اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أطلق الرصاص؟‮.. وما حقيقة قذف المحامين للقضاة بالحجارة؟

أجواء قاسية‮.. ولحظات صعبة‮.. ووقائع مذهلة‮.. تلك التي عشت تفاصيلها أمام وداخل دار القضاء العالي مساء الجمعة الماضي‮.. فبينما كانت أعمال الجمعية العمومية للقضاة تتواصل داخل دار القضاء العالي‮.. كانت مجابهات ساخنة تشهدها الساحة المحيطة بمكان الانعقاد‮.‬
تجمعات محدودة من المحامين،‮ يشاركهم بعض النشطاء‮.. وقفت أمام مدخل دار القضاء العالي،‮ موجهة انتقاداتها الحادة للقضاة،‮ وللنائب العام‮.. ألفاظ ساخنة،‮ وردود قوية،‮ جاءت امتدادًا لموقفهم الرافض لقانون السلطة القضائية وللمادة ‮81 منه علي وجه التحديد‮.‬
في ذلك الوقت،‮ كانت الساعة قد بلغت نحو التاسعة والنصف من مساء الجمعة‮.. حيث كانت الجمعية العمومية للقضاة علي وشك إنهاء أعمالها بعد اجتماع طارئ استمر عدة ساعات‮.. كنت قد‮ غادرت مقر دار القضاء العالي لبضع دقائق،‮ ولدي العودة مرة أخري،‮ فوجئت بإغلاق باب الدخول بالجنازير‮.. وحين تساءلت عن السبب وراء هذا التصرف‮.. قيل لي‮ '‬إن هناك مخاوف من اقتحام مقر دار القضاء العالي من قِبل بعض المحامين المتجمهرين ومن يشاركونهم وقفتهم‮'.‬من بين صفوف المتجمهرين تمكنت من الدخول بعد انتظار لفترة من الوقت‮.. كانت هناك مخاوف من اندفاع المتجمهرين الغاضبين إلي داخل المبني‮.. غير أنني لم ألحظ ذلك حيث اكتفي المتجمهرون بترديد الهتافات الغاضبة من الخارج‮.‬
حين دخلت إلي داخل دار القضاء العالي،‮ وتحديدًا إلي البهو الرئيسي،‮ كان المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة يلقي مقررات الجمعية العمومية للقضاة وأعضاء النيابة الذين‮ غاص بهم المبني والذين تجاوز عددهم الثلاثة آلاف قاضٍ‮ وعضو نيابة‮.‬
جاءت كلمات المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة،‮ غاضبة،‮ ومؤثرة‮ .. خاصة حين راح في البيان الصادر عن الجمعية العمومية‮ غير العادية لقضاة مصر يضغط علي مخارج الكلمات وهو يصف حال ما مر بالقضاة في مصر خلال الفترة الماضية‮.‬
بصمت‮.. واهتمام شديدين‮.. راح القضاة ينصتون للمستشار الزند وهو يقول‮: '‬إن القضاء المصري الشامخ عاش علي مدي الأيام الماضية أشد محنة ألمّت به في تاريخه القديم والحديث،‮ والتي بلغت ذروتها بإغلاق دور العدالة عنوة،‮ ومنع القضاة وأعضاء النيابة العامة من أداء رسالتهم المقدسة بالقوة والتهديد،‮ فضلاً‮ عن الاعتداء عليهم بالسب والقذف،‮ ونعتهم بأحط الألفاظ في مشهد يندي له الجبين دون أن يحرك ذلك الأمر ساكنًا لدي السلطات المختصة في الدولة والتي تركت تلك الفئة الباغية تعيث في الأرض فسادًا وتعبث بأمن ومقدرات الوطن‮'.‬
ووسط حالة من التأثر بدت علي وجوه القضاة المشاركين في أعمال الجمعية العمومية‮ غير العادية راح المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة يواصل قائلاً‮: '‬لقد تحلي قضاة مصر الشوامخ خلال تلك الأحداث رغم ضراوتها بأقصي درجات ضبط النفس،‮ مفوضين أمرهم إلي الله،‮ ملتزمين بالاحتكام إلي الشرعية والقانون‮.. رهانهم الأول والأخير علي شعب مصر العظيم الذي كان وسيظل السند والظهير لنصرة قضاته،‮ والذود عنهم كلما نزلت بهم نازلة أو ألمّ‮ بهم أمر جلل‮'.‬
قرارات عاصفة
كان الحماس قد بلغ‮ من عدد من القضاة مبلغه،‮ خاصة حين راح رئيس نادي القضاة يقول‮: إنه ولمجابهة تلك الأحداث دعا نادي القضاة الجمعية العمومية‮ غير العادية لاجتماع طارئ انعقد يوم الجمعة الموافق ‮81/01/1102 وصدرت عنه التوصيات الآتية‮:‬
أولاً‮: يستنكر قضاة مصر بأقصي درجات الشدة ذلك العدوان الهمجي الذي وقع عليهم ومنعهم بالقوة من أداء رسالتهم المقدسة في إرساء دعائم العدل والحفاظ علي هيبة الدولة وسيادة القانون،‮ كما يستنكرُ‮ بدرجة أشد تقاعس السلطات المختصة في الدولة وقعودها عن أداء الدور المنوط بها في حماية السلطة القضائية ودور العدالة والاكتفاء بدور المتفرج وهو ما كان محلاً‮ لاستنكار الشعب المصري بأسره‮.‬
ثانيًا‮: تأكيد استمرار تعليق العمل بالمحاكم حتي يتم تأمينها تأمينًا فعالاً‮ ومستداماً‮ يقدر القضاة أنفسهم من خلال جمعياتهم العمومية مدي كفايته لتحقيق أمنهم وأمانهم‮.‬
ثالثًا‮: علي الجهات المختصة بالدولة الإسراع بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأزمة وأسبابها وحجمها والخسائر المادية والمعنوية التي نجمت عنها ومعرفة المتسبب في ذلك والمحرض عليه،‮ وتقديم من تري اللجنة إدانته إلي النيابة العامة لمحاسبته‮.‬
رابعًا‮: يؤكد قضاة مصر التمسك بمشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذي فوضوا مجلسهم الأعلي في إعداده،‮ وموالاة بذل الجهد حتي يتم استصداره من السلطات التشريعية المختصة تدعيمًا لاستقلال القضاء وسيادة القانون‮.‬
خامسًا‮:
‮' أ‮ ' تهيب الجمعية العمومية لقضاة مصر بمعالي المستشار الدكتور النائب العام التوجيه بسرعة إنجاز التحقيق في البلاغات المقدمة من السادة الزملاء الذين طالهم العدوان وسرعة تقديم المعتدين للمحاكمة وإجراء المعاينات المادية اللازمة للمحاكم التي تم الاعتداء عليها قبل أن تنمحي تلك الأدلة‮.‬
‮'‬ب‮' كما تهيب أيضًا بسيادته التوجيه بسرعة التصرف فيما قُدم من بلاغات إبان أحداث طنطا في العام الماضي والتصرف فيها؛ حيث إن عدم التصرف في تلك البلاغات كان سببًا مباشرًا فيما حدث ويحدث الآن‮.‬
سادسًا‮: توصي الجمعية بمقاطعة اننتخابات نقابة المحامين وعدم الإشراف عليها‮. وتهيب الجمعية باللجنة القضائية المشرفة علي النقابة التنحي عن مهمتها بعد ما وُجه إليها من إهانات واتهامات باطلة طالت الذمة والشرف والاعتبار من بعض المرشحين علي منصب النقيب‮.‬
وأخيرًا‮.. يثق قضاة مصر ثقة مطلقة في مجلسهم الأعلي ويقفون معه مؤيدين وداعمين تملؤهم الثقة في انه لن يتواني عن تحقيق مصالح القضاء والقضاة والذود عن كرامتهم وهيبتهم‮.‬
وبذات القدر يقف قضاة مصر الأجلاء مع معالي المستشار الدكتور النائب العام داعمين ومؤيدين لسيادته مستنكرين بشدة ما تعرض له سيادته من حملات مدبرة ومشبوهة وظالمة‮.‬
كما يقدر قضاة مصر الأجلاء بكل العرفان والتقدير كل من بذل جهدًا صادقًا لرفعة شأن القضاء والقضاة،‮ وفي هذا المقام لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نغفل الجهد الرائع والصادق الذي بذله ويبذله مجلس إدارة نادي القضاة ومجالس إدارات أندية قضاة الأقاليم في ملحمة رائعة أقضّت مضاجع كل حاقد علي قضاء مصر وقضاتها‮.‬
اعتبار نادي القضاة وأندية قضاة الأقاليم في حالة انعقاد مستمر لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات‮.‬
لحظة الصدام
فور انتهاء المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة من تلاوة القرارات الصادرة عن الجمعية العمومية‮ غير العادية لنادي قضاة مصر،‮ راح المئات من القضاة يغادرون مكان الانعقاد،‮ ويتجهون إلي البوابة الخارجية لدار القضاء العالي المطلة علي شارع شامبليون‮.‬
كان عدد من المحامين الشبان لايزالون متجمهرين أمام البوابة‮.. وبينما كان المستشار أحمد الزند يدلي بأحاديث للقنوات الفضائية المتابعة لأعمال الجمعية العمومية،‮ تناهت إلي مسامعنا من داخل دار القضاء العالي أصوات دوي الرصاص في الخارج‮.. وعلي الفور تدافع عدد من القضاة يغلفهم الانفعال إلي داخل مكان انعقاد الجمعية العمومية‮ غير العادية،‮ وراح البعض منهم يتحدث بصوت عالٍ‮ وهو يقول إن المحامين قد تصدوا لهم في الخارج‮.. ويمنعونهم من الخروج‮.. بينما قال أحدهم إنهم تعدوا علي المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض السابق الذي كان‮ يحاول المغادرة‮.. وهنا بلغ‮ انفعال المستشار أحمد الزند مداه،‮ وراح يوجه انتقادات بالغة الحدة لمن تصدوا للمستشار مكي ولقضاة مصر الذين قال عنهم إنهم كانوا يغادرون الجمعية العمومية متجهين إلي سياراتهم للانتقال إلي منازلهم سواء في القاهرة أو الأقاليم‮.. ووجه الزند في هذا المضمار الاتهام إلي الجهات المختصة بالتقاعس عن حماية القضاة،‮ داعيًا جموع القضاة إلي العودة والجلوس في أماكنهم وعدم مغادرة دار القضاء العالي قبل تأمين المكان بكامله‮.‬
‮ في هذه الأثناء رحت أسأل وأستفسر عن حقيقة ما جري أمام دار القضاء العالي‮.. فجاءت روايات الشهود متباينة‮.. بعض الشهود قالوا علي مسئوليتهم إن المحامين الذين كانوا يتجمهرون في الخارج عبروا عن‮ غضبهم من قرارات الجمعية العمومية للقضاة،‮ وراحوا يهتفون ويرددون الانتقادات الحادة للقضاة لحظة خروجهم‮.. بل ذهب بعض الشهود إلي القول إن بعض الحضور من المحامين أو‮ غيرهم قد ألقوا بحجارة في مواجهة القضاة‮.. وهو ما لم يثبت علي وجه اليقين‮.‬
وفي المقابل روي شهود آخرون كلامًا علي مسئوليتهم يقول إن القضاة،‮ الذين فوجئوا بمحاولة التعرض لهم لحظة خروجهم استخدموا أسلحتهم الشخصية بإطلاق رصاصات في الهواء لتفريق المتجمهرين ولتأمين خروج زملائهم بسلامة في ظل ما كان يجري في هذا التوقيت؛ حيث كانت الساعة قد قاربت علي العاشرة من مساء الجمعة في هذا الوقت‮.. بل إن أحد الأفراد من الشهود قال في رواية أخري إن أحد أصحاب المحلات القريبة استخدم سلاحه الشخصي وأطلق منه عدة رصاصات في الهواء خوفًا من تحطم محله وإلحاق الضرر به في مواجهة حالة الفوضي التي عمّت جنبات المكان في هذا الوقت‮.‬
كان بادياً‮ أن أحدًا لا يستطيع الإمساك بحقيقة ما جري،‮ وهو ما دعاني للصعود إلي الطابق الأعلي لنادي القضاة بصحبة المستشار أحمد الزند رئيس النادي،‮ في محاولة للتعرف علي رد فعل القضاة‮.. وحقيقة موقفهم مما يجري‮.. حيث تجمع في‮ غرفة رئيسية عدد من أعضاء المجلس الأعلي للقضاة بحضور المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس القضاء الأعلي،‮ حيث كان التوتر باديًا علي الكثيرين منهم،‮ إلا أن المستشار حسام الغرياني كان هادئًا للغاية،‮ وراح يؤدي صلاة العشاء في الغرفة،‮ قبل أن يختم الصلاة ويتحدث بهدوء مع الحاضرين،‮ في محاولة من جانبه لتهدئة الأجواء الساخنة والمحتقنة‮.‬
الملاحظة الأساسية التي استنتجتها من لقاءاتي مع أعضاء مجلس القضاء الأعلي ورؤساء نوادي قضاة الأقاليم أن الكل يشعر بجرح‮ غائر جراء ما شهدته المحاكم في الآونة الأخيرة من تصرفات نُسبت لبعض المحامين‮.. وكان تصميمهم حاسمًا علي قرار تعليق العمل بالمحاكم احتجاجًا علي ما جري‮.‬
ثورة المحامين
حاولت تلمُّس موقف المحامين في تلك اللحظات التي راحت فيها الأزمة تتصاعد رويدًا‮.. رويدًا‮.. كانت الأجواء تشير إلي أزمة متصاعدة تطل برأسها،‮ وتضرب في الصميم تلك العلاقة الممتدة بين القضاة والمحامين‮.. أمام دار القضاء العالي كان العشرات من المحامين لا يزالون يتجمهرون‮.. غاضبين مما جري‮.. وكان علي رأس هؤلاء المحامين ربيع الملواني وإسماعيل النادي‮.. والذين راحوا يعبرون عن‮ غضبهم الحاد تجاه ما اعتبروه خروجًا من بعض القضاة علي النص‮.. وإطلاق بعضهم الرصاص في مواجهة المحامين كما قالوا علي مسئوليتهم ثم سرعان ما انتقلوا من أمام دار القضاء العالي إلي مقر نقابة المحامين،‮ حيث راحوا يجرون الاتصالات بزملائهم من المحامين في القاهرة والأقاليم،‮ داعين إلي الاعتصام داخل مقر النقابة،‮ احتجاجًا علي ما حصل‮.‬
كان العشرات من المحامين يحتشدون داخل وأمام نقابة المحامين بشارع رمسيس‮.. الكل في حالة ثورة‮.. والكل ينادي بالرد علي ما جري‮.. خاصة أن ما حدث يشكِّل في نظرهم تطورًا‮ غير مسبوق في علاقة القضاة بالمحامين‮.‬
التقت‮ '‬الأسبوع‮' عدداً‮ من المحامين‮.. تتحدث إليهم‮.. وتناقشهم في كيفية احتواء تلك الأزمة المتصاعدة‮.. إلا أن حالة الغضب راحت تعبر عن نفسها في تلك اللحظات الفاصلة‮.. حيث راح العديد من المحامين يتوافدون إلي مقر نقابتهم بعد أن تناهت إلي مسامعهم أنباء ما جري‮.. كان المشهد أمام نقابة المحامين مثيرًا للغاية‮.. ورغم قلة عدد المحامين الذين تجمهروا أمام النقابة فإن ردود فعلهم كانت صاخبة‮.. وتهديداتهم كانت تنذر بتطور مثير قد يحدث في اليوم التالي‮.‬
الأزمة تتفاعل
منذ صباح السبت الماضي كانت قاعة نقابة المحامين الفرعية بدار القضاء العالي تشهد جلسات ساخنة،‮ شارك فيها المئات من المحامين‮.. حيث راح الجميع يعبر عن موقفهم من تداعيات ما جري مساء الجمعة‮.‬
وبعد كلمات متبادلة‮.. وانفعالات متعددة لبعض المحامين،‮ وبعد فشل محاولة السيطرة عليهم راح العشرات منهم يغادرون مقر نقابة المحامين الفرعية إلي داخل دار القضاء العالي وهم يرددون الشعارات المنددة بأعمال الجمعية العمومية‮ غير العادية للقضاة وما نجم عنها من قرارات،‮ وما أعقبها من أحداث‮.. رُئي أنها تمس في الصميم موقف المحامين‮.‬
وبينما كانت الأصوات تتعالي من داخل دار القضاء العالي كانت جمهرة أخري من المحامين تعقد ندوة أسبوعية تعقد في مثل هذا الوقت باسم‮ '‬ندوة برلمان المحامين الأحرار‮' برئاسة وليد عبدالحميد المحامي بالنقض‮.‬
خلال أعمال الندوة تحدث العديد من المحامين حول وقائع ما جري‮.. المحامي سيد عبود قال‮: إننا ندافع عن حقوقنا وعن حصانتنا وأمانتنا في قانون السلطة القضائية‮.. فيما روي إسماعيل النادي المحامي ما جري أمام دار القضاء العالي ليلة الجمعة بالقول‮: '‬كنا سبعة من المحامين قادمين من ميدان التحرير‮.. وقفنا أمام دار القضاء العالي‮.. كان القضاة يخرجون بعد انتهاء الجمعية العمومية‮.. كان هناك ائتلاف خريجي الحقوق‮.. يهتفون‮.. تم التعدي عليهم بالشتائم من بعض وكلاء النيابة‮.. أنا واحد من الناس الذين وُضع المسدس في وجوههم،‮ وتم الاعتداء علي المحامي سامح الجندي‮.. نحن المحامين لم نلق طوبة،‮ ولم يكن معنا سلاح‮.. قالوا عنا إننا همجيون‮.. فهل يستطيع هذا العدد المحدود أن يهاجم أكثر من ألفي قاضً؟‮'.‬
هنا تعالت الصيحات والاعتراضات من بعض المحامين الذين تساءلوا عن أسباب تواجد المحامين أمام دار القضاء العالي في مواجهة الجمعية العمومية للقضاة،‮ معتبرين أن ذلك الأمر إنما يسيء إلي المحامين وصورتهم أمام المجتمع‮.‬
علي جانب آخر كان عدد من المحامين يرفضون الانخراط في الاحتجاجات القوية التي راحت تضرب دار القضاء العالي في هذا الوقت‮.. ففي الوقت الذي أدان فيه أسامة صدقي المحامي مشروع السلطة القضائية الذي يصفه بأنه رأس المشكلة مطالبًا بتقديمه لمجلس الشعب المقبل لإصداره،‮ أعرب في الآن ذاته عن إدانته تصرف قلة قليلة من المحامين عندما حاولوا حضور الجمعية العمومية لنادي القضاة‮.. كما أدان ما وصفه بإطلاق النار من جانب بعض القضاة‮.‬
ورأي أن الخروج من المأزق الراهن يتطلب التنبه إلي أن هناك محاولات لإحداث فتنة بين المحامين والقضاة،‮ وأن الهدف من وراء ذلك هو إسقاط هيبة الدولة،‮ داعيًا زملاءه لعدم الانسياق وراء الصوت العالي لإشعال الفتن بين القضاة والمحامين‮.. مناشدًا‮ الجميع عقد اجتماع لمناقشة الأزمة الحالية،‮ مشيرًا لاجتماع دعا لانعقاده مساء السبت بين عدد من أعضاء نقابة المحامين لبحث الأزمة وكيفية الخروج منها‮.‬
وبدوره أدان محمد أنور توفيق المحامي في حديثه ل‮ '‬الأسبوع‮' ما تم مساء الجمعة سواء من قبل بعض المحامين أو بعض القضاة‮.. معتبرًا أنه لم يكن هناك داعٍ‮ لما جري،‮ ومرجعًا الأمر إلي أن هناك عناصر فاسدة تتربص بالوطن ككلٍ‮ لإحداث وقيعة،‮ مؤشرًا في هذا الخصوص إلي اعتصام أمناء الشرطة الذين يمثلون العمود الفقري للداخلية،‮ الأمر الذي يوضح أن هناك مؤامرة علي الوطن‮.. داعيًا الحكماء للجلوس سويًا لإزالتها خصوصًا بعد إعلان مجلس الوزراء والمجلس العسكري أن هذا القانون لن تتم مناقشته إلا بوجود برلمان منتخب‮.‬
في هذا الوقت كان عدد من المحامين من أعضاء النقابة الفرعية قد أصدروا بيانًا استنكروا فيه ما حدث مساء الجمعة في الاجتماع الخاص بنادي قضاة مصر،‮ من تحديهم لجميع السلطات في الدولة بإصرارهم علي تمرير مشروع القانون الخاص بهم وتمسكهم بما لا حق لهم فيه حسب نص البيان‮.‬
واستنكر المحامون إطلاق البعض الأعيرة النارية‮.. ومستنكرين كذلك ما وصفوه بتحريض النائب العام ضد المحامين كما استنكروا البيان الذي أصدره نادي القضاة والذي جاء في مجمله مجافيًا للحقيقة والواقع‮.. معربين عن أسفهم أن هذا البيان قد جانبه الصواب في كل ما جاء به من افتراءات ضد المحامين‮.. خاصة أن المحامين هم درع الحرية التي تحمي الوطن بأسره‮.‬
وفي ختام بيانهم طالب المحامون بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول ما حدث ودعوة كل المحامين إلي حضور جمعية عمومية طارئة لإقرار ما يرونه لازمًا محددين الثلاثاء‮ غدًا موعدًا لانعقادها‮.‬
إخلاء المبني
حسب بعض المصادر داخل دار القضاء العالي،‮ فإن تطورات ما جري مساء الجمعة،‮ والمعلومات التي تجمعت حول ما هو متوقع نهار يوم السبت كان الدافع الأساسي وراء قرار الجهات المختصة في دار القضاء العالي بإخلاء المبني من جميع العاملين فيه،‮ باستثناء من استدعت ظروفهم التواجد بعملهم للضرورة القصوي‮.‬
جاء هذا الموقف في ظل حالة من التوتر شهدها مبني دار القضاء العالي خاصة حين تدافعت جمهرة‮ غفيرة من المحامين في محاولة لدخول دار القضاء العالي،‮ من باب محكمة النقض المطلة علي شارع رمسيس‮.. إلا أن تحرك الأمن السريع لإغلاق الباب وحدوث مشادات ساخنة أديا إلي تحطم الألواح الزجاجية للباب فيما راح العشرات من المحامين الذين تجمهروا في صحن المدخل يرددون الهتافات المنددة برجال القضاء،‮ فيما التزم رجال الأمن الصمت الكامل،‮ وعملوا علي حماية المتظاهرين داخل دار القضاء العالي،‮ والذين‮ غادروا مقر القضاء العالي بعد فترة وجيزة من الوقت متجهين إلي نقابة المحامين‮.‬
‮‬
كانت تلك الأجواء التي سادت مبني دار القضاء العالي والمنطقة المحيطة بها،‮ والتي كشفت عن عمق الأزمة التي راحت تتصاعد بين القضاة والمحامين‮.. وتؤشر إلي دخول البلاد في دوامة أخري من المشكلات التي راحت تتصاعد بقوة وعنف منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير‮.. والتي باتت لفرط تكرارها وتعددها تنذر بمزيد من المخاطر المحدقة بالمجتمع المصري والمهددة لكيان الدولة بأسره‮..‬
‮.. وهنا يطرح السؤال نفسه‮: أين شيوخ القانون من حكماء القضاة والمحامين؟‮. وأين دورهم لاحتواء تلك الأزمة المتصاعدة‮.. التي باتت تهدد،‮ ليس فقط مصالح المتقاضين الذين تعطلت مصالحهم بسبب ما يجري‮.. ولكنها تمس في الصميم وبشكل بالغ‮ مصالح الوطن المصري بأسره؟‮!‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.