أكد الفريق يونس المصري قائد القوات الجوية أن ذكري انتصارات حرب أكتوبر المجيدة بدأت بانطلاق نسور مصر محلقين في عنان السماء ليصلوا إلي أهدافهم في عمق سيناء موجهين ضرباتهم الموجعة للعدو فأصابته بالصدمة وفقدان السيطرة علي قواته مما كان له عظيم الأثر في بعث الثقة في نفوس أسود قواتنا المسلحة الذين عبروا في أمواج متتابعة لاستعادة الأرض واسترداد الكرامة. وفي تعاون وثيق مع باقي أفرع القوات المسلحة استمرت القوات الجوية في المشاركة بفاعلية في تلك الملحمة التاريخية الفريدة التي سجلت انتصارات متتالية لقواتنا المسلحة علي طول الجبهة وفي عمق سيناء الحبيبة مشيراً إلي أن العدو فكر في إضعاف المساندة والغطاء الجوي الذي تعتمد عليه قواتنا المسلحة وصور له غروره وسوء تقديره وعدم معرفته بصلابة وفطنة المقاتل المصري وخاصة رجال القوات الجوية الذين دائماً ما يستلهمون من الأحداث الجسام العظة والعبرة فبدأ صباح يوم الرابع عشر من أكتوبر في محاولة تحقيق أوهامه موجهاً قوته الضاربة صوب القواعد الجوية والمطارات بمنطقة الدلتا فكانت معركة المنصورة التي تعد وبحق رمزاً للتحدي حين تصدي نسور الجو المصريين لتلك الهجمة الشرسة قبل ان تصل طائرات العدو لأهدافها وفاجأوه بأداء أكثر شراسة رغم التفوق النوعي للعدو ولكنه الإنسان المصري الذي يحسن استخدام ما لديه من إمكانيات مهما كانت. قال: إن المعركة امتدت لمدة أكثر من خمسين دقيقة كأطول معركة جوية في تاريخ الحروب الحديثة واشترك فيها أكثر من 150 طائرة من الجانبين وفقد فيها العدو ثمانية عشرة طائرة ولم يستطع باقي طياريه مواصلة القتال فلاذوا بالفرار ليبصح هذا اليوم عيداً لنا ولنثبت لأنفسنا قبل الآخرين أننا دائماً علي مستوي الحدث وقادرون بعون الله أن نواجه كل التحديات. بعد انتهاء الحرب مباشرة تم وضع الخطة الشاملة للتطوير والتحديث في المنظومة العسكرية التي شملت الفرد والمُعدة علي حد سواء وكانت القوات الجوية أحد أهم من شملتهم تلك الخطة. تم التطوير والارتقاء بالمستوي المعيشي والترفيهي والصحي لكافة الأفراد لكي تكون عوامل تساعدهم علي تلقي التدريب المتطور علي المعدات الحديثة باستخدام أحدث المناهج وطرق التدريب والمحاكيات مع إيفاد البعثات التعليمية من جميع التخصصات إلي الدول الشقيقة والصديقة بما يسمح بتطوير الأداء وبالتالي أساليب العمل لمسايرة التطور الذي طرأ علي كافة نظم التسليح. انتهجت مصر منذ حرب أكتوبر وحتي وقتنا هذا سياسة تنويع مصادر السلاح بما يتناسب مع متطلباتنا العملياتية ليصبح لدينا منظومة متكاملة من أحدث الطائرات "متعددة المهام- النقل- الإنذار المبكر- الاستطلاع" والهليكوبتر "الهجومي- المسلح- المضاد للغواصات- الخدمة العامة" من مختلف دول العالم. وتزامن مع ذلك الاهتمام أيضاً بالمحافظة علي الكفاءة الفنية للأسلحة والمعدات الموجودة بالخدمة ومنها التي اشتركت في حرب أكتوبر حيث تم تطويرها بعقول وأياد مصرية بما يمكن القوات الجوية من تنفيذ جميع المهام التي توكل إليها في كافة الظروف والأوقات بدقة وكفاءة عالية علي جميع الاتجاهات الاستراتيجية وإيماناً منا بأنه لابد للسلام من قوة رادعة تحميه وتحافظ علي مكتسباته ولزيادة الخبرات والمهارات المكتسبة كما تم وضع خطة لتنفيذ التدريبات المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة وساعدنا علي ذلك المستوي الراقي لرجال القوات الجوية في كافة التخصصات الأمر الذي دعا العديد من الدول لطلب تنفيذ تدريبات جوية معنا وبصفة مستمرة لتأكدهم التام من المردود الايجابي العالي الذي سيعود عليهم من تنفيذ تلك التدريبات نظراً للخبرات التي تم اكتسابها خلال المعارك التي خاضتها القوات الجوية خاصة في الفترة الأخيرة بالاشتراك في عمليات القضاء علي العناصر الارهابية وتأمين الحدود. وفي إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة علي التحديث المستمر لقدرات وإمكانيات القوات الجوية تم اكتمال توريد منظومة الطائرات الموجهة المسلحة وكذا طائرات النقل "الكاسا" وكذا استلام عدة مجموعات من الطائرات متعددة المهام "الرافال" التي تعد من أحدث طائرات الجيل الرابع لما تملكه من نظم تسليح وإمكانيات فنية وقتالية عالية. وفي سياق متصل فإن التحديث والتطوير في أعمال البنية التحتية الإنشاءات والمساعدات الملاحية ومعدات الطيران بالقواعد الجوية والمطارات سار جنباً إلي جنب مع وصول الطائرات الحديثة ليتماشي مع الأنظمة المركبة علي تلك الطائرات هذا بجانب توفير كافة عناصر التأمين لعمل أسلحة الجو بالإضافة إلي التصنيع المشترك لبعض الطائرات مثل الطائرة K-8 ومن أجل تكامل هذه المنظومة فقد اهتمت القوات الجوية بتطوير ورش صيانة الطائرات والهليكوبتر بمختلف مستوياتها للمحافظة علي الكفاءة الفنية العالية لها وقد ظهر جلياً أثر ما تم من ارتفاع مستوي الكفاءة الفتالية والفنية للقوات الجوية الأمر الذي مكنها من تنفيذ مهامها بدقة علي كافة الاتجاهات الاستراتيجية في ضرب معاقل الإرهاب في العمق الليبي. وكذا اشتراك القوات الجوية في عملية "عاصفة الحزم" ثم عملية "إعادة الأمل" ضمن قوات التحالف العربي لإعادة الاستقرار والأمن للشعب اليمني وحماية العمق الاستراتيجي لمصر متمثلاً في باب المندب أما ما يشغل بال كافة طوائف الشعب المصري وهو مسار الحرب علي الإرهاب وبالتالي دور القوات الجوية فيها فأود أن أوضح أن مصر تخوض منذ أربع سنوات حرباً ضروساً ضد كيانات إرهابية مدعومة مادياً وتكنولوجياً من دول بعينها تهدف إلي إسقاط الدولة المصرية التي تسعي شعباً وجيشاً وشرطة إلي تثبيت أركانها في تلاحم فريد قلما يتواجد في زمن كثرت فيه التكتلات ذات الخطط الشيطانية التي تهدف إلي بسط سيطرتها علي دول المنطقة بعد زعزعة استقرارها بما يسهل من إسقاطها كما حدث مع عدد من دول الجوار والتي تمثل عمقاً استراتيجياً لمصر. أما دور القوات الجوية في هذه الحرب فهو تنفيذ مهام لم تكن ضمن مهامها قبل ذلك بل دعت الضرورة إليها باستخدام كافة أسلحة الجو مثل تأمين الحدود علي كافة الاتجاهات الاستراتيجية علي مدار اليوم لمنع عمليات التهريب وتسلل العناصر الإرهابية ومعاونة قوات إنفاذ القانون في عمليات المداهمة التي تقوم بها ضد تجمعات العناصر الإرهابية في سيناء التي نحرص فيها دائماً علي سلامة المدنيين الذين يتخذهم الإرهابيين دروعاً وساتراً لهم خلال مراحل تنفيذ عملياتهم الدنيئة أو خلال محاولاتهم الفرار من قواتنا وهو الأمر الذي أدي إلي تراجع كبير في عدد وحجم العمليات الإرهابية بما يؤكد النجاحات الكبيرة التي يحققها أبطال القوات المسلحة ويكفي ما أعلنته عدة جهات دولية بأن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي تواجه الإرهاب بشجاعة وجرأة وصدق وأيضاً بفاعلية كل ذلك تحقق بفضل الله ووقوف الشعب خلف جيشه الذي كان دائماً عند حسن الظن به لأنه جيش وطني من نسيج هذا الشعب هدفه الحفاظ علي الراية عالية خفاقة من جيل إلي جيل.