تقول القاعدة القانونية ان المتهم برئ حتي تثبت ادانته.. ولذلك يظل المواطن الأمريكي إيلان جرابيل المتهم بالجاسوسية بريئا حتي تثبت ادانته.. وإذا لم تثبت إدانته يتم اطلاق سراحه علي الفور.. ونحن كشعب متحضر يحترم قانون بلده وقضاءه سوف نثق تماما ان اجراءات العدالة قد طبقت في المحاكمة.. وأن قضاءنا الشامخ لم يرضخ ولم يجامل. من هذه القيمة.. ومن هذه القناعة.. يأتي الانتماء للوطن والاعتزاز بالهوية.. وتقديم الروح فداء لكرامة الشعب التي يجب أن تظل مصانة.. وهذا المثلث الذهبي - الانتماء والعزة والكرامة - هو أغلي رمز يتمسك به الانسان.. وإذا فقده فقد ذاته.. وصار مجرد ريشة في مهب الريح حتي لو امتلك الدنيا وما عليها. أقول هذا وكلي ألم بعد الكلام الجارح المنشور في الصحف عن العرض الأمريكي لمصر الذي قدمه وفد الكونجرس وسيطرحه مرة أخري وزير الدفاع الأمريكي أثناء زيارته المرتقبة للقاهرة.. ويقضي هذا العرض بالافراج عن المواطن الأمريكي المتهم بالجاسوسية مقابل زيادة المعونة الأمريكية لمصر. قالت "المساء" أمس الأول تحت عنوان "أمريكا تساوم" ان عضو الكونجرس الأمريكي السيناتور جاري أكرمان طالب بالافراج عن المتهم في مقابل زيادة المعونة الأمريكية لمصر لعبور مرحلة ما بعد ثورة النجاح - ثورة 25 يناير - ومستقبل أفضل للشعب المصري. يا له من عرض قبيح وسخيف وجارح للكرامة المصرية والعزة المصرية.. كيف يفكر هذا السيناتور من الأساس في مساومتنا بهذا الشكل؟!.. وكيف يجرؤ من صاغ هذه العبارة المقززة أن يعرضها علي الشعب المصري بهذه الفجاجة؟! زيادة المعونة مقابل اطلاق سراح الجاسوس.. هل هذا عرض يليق بمصر الثورة؟!.. وهل إذا استجبنا له سنكون موضع احترام أمام أمريكا وأمام العالم وأمام أبنائنا.. وقبل كل هؤلاء أمام أنفسنا؟! أفهم أن تطلب أمريكا الافراج عن المتهم بعد محاكمته لأسباب انسانية أو أسباب صحية.. أو لأي سبب آخر.. إلا أن يكون المقابل هو المال الذي نحن في أمس الحاجة إليه لنأكل ونشرب ونعالج ونتعلم كما تفهم أمريكا وتبتزنا به. يا لها من اهانة وطنية وانسانية كان يجب أن يرد عليها بكل قوة.. خصوصا ان مصر صارت علي علم الآن ان المعونة تخدم أمريكا بأكثر مما تخدم مصر.. وحينما قالت مصر ذات مرة انها تطلب الغاء المعونة جاءت الرسل من واشنطن للقاهرة لتدارك الأمر ومنع هذا الاتجاه الخطير. تقول الدبلوماسية الأمريكية - طبقا لما نشرته "المساء" أمس الأول ان إيلان جرابيل حضر إلي القاهرة في رحلة دراسية واعترف خلال التحقيقات بأخطائه وقيامه بحركات صبيانية ومحاولته التعرف علي المصريين وزيادة علاقته معهم خاصة بعد نجاح الثورة. حسنا.. إذا كان الأمر كذلك فعلا فاتركوا القضاء المصري يبحث ويحقق ويكشف الحقيقة.. وساعتها سوف يحصل علي البراءة.. ولن تكونوا في حاجة إلي زيادة المعونة وتحمل تكاليف المساومة. وذكرت "الجمهورية" أمس ان القنصل الأمريكي ربرتو باورز التقي بالمتهم في سرايا النيابة بعد أن حصل علي تصريح بالزيارة وحضر اللقاء والد المتهم ووالدته اللذان حضرا خصيصا من الولاياتالمتحدة لزيارة نجلهما.. لا بأس.. ولكن المضحك في الموضوع أن يتم الكشف - الآن - انه يعاني من مرض مزمن وراثي أصابه في الفترة الأخيرة.. الأمر الذي أكدته والدته التي تعاني من نفس المرض الوراثي. أرجو أن تلاحظ - مرة أخري - انه "مرض مزمن وراثي أصابه في الفترة الأخيرة".. وأرجو أن تفكر معي كيف يكون مزمنا رغم انه أصابه في الفترة الأخيرة فقط؟!.. المهم ان هذا المرض أصبح دافعا للمطالبة بالرأفة به وبحالته المرضية والصحية. وقد نقلت "الجمهورية" عن موقع "مجموعة الضغط من أجل الافراج عن جرابيل" علي الفيس بوك ان عملية الافراج عنه ستعود علي مصر والثورة بكثير من الفوائد لصالح مصر المستقبل ومن أجل مزيد من الدعم الأمريكي الذي التقي بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة ومجلس الوزراء فضلا عن الزيارة المرتقبة لوزير الدفاع الأمريكي لمصر يوم 4 أكتوبر الحالي ومناقشته لموضوع الافراج عن جرابيل. ألهذا الحد هانت مصر؟! تذكروا ان جرابيل متهم بالتجسس لصالح إسرائيل.. وانه كان مجندا في الجيش والمخابرات الإسرائيلية.. وأنه يحمل الجنسية الأمريكية والإسرائيلية شأن كل الجواسيس الذين سقطوا في مصر.. وتذكروا انه متهم بالتجسس واثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وبين مختلف القوي السياسية أثناء الثورة. وتذكروا ان أي افراج عنه قبل أن يقول القضاء كلمته سينتقص من قدر مصر ومكانتها.. وسيصيب الشموخ المصري في مقتل. تقول "الجمهورية" في ختام تقريرها أمس: "وقد تبين أن القاهرة تستجيب حاليا للمطالب الأمريكية بشأن الافراج وتبحث في المطالب التي تحقق لمصر الرخاء والديمقراطية والمزيد من الدعم السياسي والاقتصادي لمصر". عفواً.. هذا كلام فوق الاحتمال!!!