محمد عبدالعزيز: الدستور حسم دور النيابة في تحريك الدعوى الجنائية وتوجيه الاتهام    بعد ارتفاع سعر الكتكوت إلى 45 جنيهًا.. تحرك عاجل من الحكومة (فيديو)    نتنياهو يوجه رسالة بالإنجليزية للشعب اللبناني    سماعات طبية لضعاف السمع.. وتطبيق للتواصل مع الخدمات    مدبولى: نهتم بتشكيل عقول النشء.. وعبد اللطيف: انفراجة فى عجز المدرسين    مستشار أممي: الطوارئ المناخية أبرز المخاطر المُهدّدة للعالم خلال العقد المقبل    مياه أسوان: استبدال خطوط الصرف الصحي والمياه في القرى المتأثرة بالمحافظة    الأزهرى: مفهوم التصوف مشوش ويحتاج لكشف المعنى الصحيح    الرئيس الإيراني يتهم إسرائيل بالسعي إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط    منتخب مصر للميني فوتبول أول المتأهلين لكأس العالم عقب الفوز على الكاميرون    فانتازي يلا كورة.. دياز وجاكسون "الكروت" الرابحة في الدوري الإنجليزي    مدير قطاع الأمن بمدينة الإنتاج الإعلامي يكشف التفاصيل الكاملة لحريق الحي الشعبي    تفاصيل الدية الشرعية المدفوعة من عباس أبو الحسن لأهالي السيدتين المتهم بدهسهما على المحور    القنصلية السعودية في الإسكندرية تحتفل بالذكرى ال 94 لتوحيد المملكة    إلهام شاهين تطمئن الجمهور على صحتها بعد حريق ديكور فيلم «الحب كله»: شئ مفاجئ (خاص)    إعلام إسرائيلي: بدء اجتماع المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي    تفاصيل الحلقة 7 من «برغم القانون».. إخلاء سبيل إيمان العاصي    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    تعيين الدكتورة هدى مخلوف وكيلًا لكلية الطب لشئون خدمة المجتمع بجامعة أسيوط    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام    "المصريين": مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل تتويج لجهود الدولة    تروي ديني: دياز سيكون رجل ليفربول الأول بعد رحيل صلاح    رسالة خاصة من تريزيجيه ل أحمد فتحي بعد اعتزاله    محافظات ومدن جديدة.. تفاصيل منظومة إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم    إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    محكمة برازيلية تبقى على الحظر المفروض على "X" لعدم امتثالها لطلبات القاضى    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    الرئيس السيسي يهنىء قادة السعودية بذكرى اليوم الوطني    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    حبس سيدة بتهمة سرقة رواد البنوك بزعم مساعدتهم    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور أحمد كمال أبوالمجد .. المفكر وأستاذ القانون: أحوال مصر لن تستقر قبل سنة

أكد د. أحمد كمال أبوالمجد المفكر المعروف وأستاذ القانون ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان سابقاً أن المرحلة الانتقالية والوصول إلي الاستقرار لن يستغرق أقل من عام مؤكداً أنه لا سبيل للاصلاح الحقيقي إلا بالتعليم والصحة والاعلام.
قال في حواره ل "المساء الأسبوعية" انني لست خائفاً من المد الديني فهذا وهم لدي الكثيرين وأن غياب التعليم والتربية السياسية مشكلة القائمين علي هذه التيارات.
أضاف أنني اطلب العون من الله لحكومة د. عصام شرف التي ليس لها صلاحيات محددة ولا أحد يعرف مدي العلاقة بينها وبين المجلس العسكري الذي وصفه بأن نيته صادقة في تسليم السلطة ولكن الخوف من الظروف المستجدة.
أوضح انه مع تطبيق قانون العزل السياسي بشرط الاعتماد علي الحقائق في تطبيقة وليس علي الظن والنيات.
حذر من أن التلاعب في الانتخابات القادمة سوف يؤدي لاندلاع ثورة ثانية مؤكداً أن الإشراف القضائي ضمانة جيدة ولكن المهم تكافؤ الفرص بين الاحزاب القديمة والجديدة.
نفي أن يكون حجم الدعم الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني كبيراً. واصفاً إياها بأنها الاحرص علي استقلال الارادة الوطنية.
* طالبتم مؤخرا بلجنه قومية شعبية لإنقاذ الوطن فما هو الدور الذي يجب أن تلعبه في هذه المرحلة الهامة من تاريخ مصر؟
** هذه اللجنة بداية يجب أن تضم جميع الاطياف السياسية وتعمل علي تهدئة الأمور وتتعامل مع القضايا والموضوعات الشائكة بصوت العقل والمنطق وليس بصوت النفاق والخوف.. صحيح أنه نظرياً لا يوجد أحد فوق القانون. ولكن عند التطبيق يجب أن تراعي الظروف وما حولنا من مستجدات وأحداث ونوائم بين المنفعة والضرر الذي يمكن أن يلحق بنا. لأنني أخشي أن نفتح بأيدينا باب الشر الذي لا نستطيع إغلاقه. وأخشي أن نفاجأ بأن 40 مليون مصري تقدموا ببلاغات ضد ال40 مليون مصري الآخرين فالأمور أصبحت عائمة لا رابط ولا ضابط لها وأبلغ مثال علي ذلك حالة الخوف التي يهسم بها المسئولون والوزراء بعد أن أصبحت المسافة بين أي وزارة ومقر سجن طره 3 أمتار فقط.
ومن هنا نجد أن المسئول أصبح تابعا في مكانه يردد بينه وبين نفسه أنها فترة انتقالية ومن الافضل عدم أتخاذ ايه قرارات والابتعاد إلي أن تهدأ الأمور ومن ثم أري أن اللجنة يمكن أن تلعب دورا في المصالحة والمصارحة بين فئات الشعب المختلفة فنحن في أعقاب الثورة نحتاج إلي حكمة وتعقل في التعامل مع الأمور ونحتاج إلي تواصل وتلاحم بين الاجيال فلقد اتسعت الهوة بينهما بشكل مثير للخوف والقلق.. فجيل الشباب مثلا قادر علي التعامل مع مفردات ومعطيات العصر بكل مستجداته وأدواته الحديثة. لكنه في نفس الوقت لا يسمع ولا يقرأ كتاباً ولا يتواصل في الحوار مع الجيل الأخر كذلك جيل الكبار حقيقة انه يمتلك المعرفة والحكمة والخبرة لكنه لم يعد قادراً علي فهم الشباب أو التقارب معهم للوصول إلي نقطة التقاء تجمعهم في مناخ يسوده التعاون البناء من أجل تحقيق مصلحة المجتمع.
* وما رأيك في تعدد الائتلافات التي تشكلت في أعقاب الثورة فالبعض يعتبرها إثراء للحياة السياسية وأخرون يرفضونها ويصفونها بالهوجة؟
** بعيداً عن إشكالية التصنيف أري أن هذه الائتلافات لا تمثل اي اثراء للحياة السياسية بل علي العكس نجدها تتسبب في البلبلة والخلافات والتناحر وليس معقولا ألا يكون لدينا طريقا وسطاً فإما أن يكون لدينا حزب واحد ويتحكم في كل شيء لمدة 30 عاماً وهو الحزب الوطني. وإما أن يكون لدينا مئات الائتلافات التي ليس لمعظمها قواعد حقيقية وسط الجماهير وهنا تكمن المشكلة بل أن ما يحدث في هذا المجال سيؤدي إلي مخاطر كبيرة.
كان من الأجدر والأفضل لنا أن يكون هناك منهاج واضح لإزالة أثار الحزب الوطني الذي تغلغل في جميع مناحي الحياة طيلة العقود الماضية.. لأن هذه المسألة تحتاج إلي مراحل وخطوات وليس دفعة واحدة. مع الوضع في الاعتبار أن اعضاءه السابقين وخاصة المنافقين منهم سيحاولون الدفاع من أنفسهم بكل وسيلة وارتداء ثوب آخر ليصلوا إلي الجماهير في محاولة للإفلات والعودة مرة أخري للساحة السياسية.
* يطالب الكثيرون بتطبيق العزل السياسي لمواجهة فلول العهد البائد الذين أفسدوا الحياة السياسية؟
** لا أري أي غضاضة أو مانع في تطبيق هذا القانون. ولكن بشرط ألا نعتمد في تطبيقه علي الظن والنيات التي لا يعلمها إلا الله ولكن لابد أن نستند علي حقائق ووقائع لا تعرف الشك أو التضليل خاصة وأننا نعيش عصراً لا توجد فيه أسرار ومن ارتكب جرائم يستحق عليها العزل بالتأكيد معروف للجميع.. هناك أيضا مستندات وأدلة لدي العديد من الجهات لابد من الاستناد إليها.. أما أن نأخذ الناس بالشبهات ونلقي بالتهم جزافاً فهذا يتنافي في مع أي عقل أو منطق بل سيعود بنا إلي الوراء عشرات السنين.
أيضاً ستخسر الثورة الكثير من التعاطف الشعبي الهائل الذي كان أحد أهم الأسباب وراء نجاحها في التخلص من عصر استمر يحكم مصر طيلة 30 عاما ومرتكباً العديد من الاخطاء في كافة المجالات مما ساهم في تراجع الدور المصري وانهيار الشخصية المصرية.
* بمناسبة حديثك عن عصر مبارك الذي استمر لمدة 30 عاما لماذا تؤكد دائما علي انه العصر الأصعب الذي مر علي الشعب المصري في الحقبه الحديثة لمصر؟
** هناك عدة أسباب تقف وراء هذا الوصف يأتي علي رأسها أن هذا العصر شهد تراكماً سكانيا هائلا تقوقع علي شريط النيل الضيق. ولم يخرج إلي الارض الفضاء الرحبة إضافة إلي ذلك فإن انتشار العشوائيات بشكل مخيف مازال ينذر بالخطر حتي الآن.
أما السبب الثاني الذي اعتقد انه قد لعب دورا كبيرا في اندلاع الثورة هو عدم حدوث اصلاح اقتصادي جذري يقضي علي الفوارق والهوة الواسعة بين الطبقات. ويكفي أن نعرف أن هناك من يحضر زهور من هولندا يصل ثمنها إلي 400 ألف جنيه لحفلات الزفاف ثم يتم إلقاؤها في القمامة فور انتهاء الحفل هذا في الوقت الذي نجد فيه الكثير من الأسر يعيش افرادها في حجرة واحدة بشكل مكدس وغير آدمي علي الإطلاق والأخطر هو عدم توقف الفجوة عند حد معين بل تزداد اتساعا كل يوم مخلفة المزيد من التداعيات بكل أثارها السلبية والمعقدة.
والسبب الثالث أن العالم من حولنا تغير وتطور بصورة مذهلة ومن لا يلحق بثورة المعلومات يعيبه الجمود والضعف.
ومن العوامل المؤثرة في التمهيد للثورة غياب الدور الواضح للحقوق والحريات مع وجود جماعات كثيرة قد يكون هدفها الإصلاح والتغيير ولكن المشكلة انها تعمل خارج السياق العام فهناك بعض الجماعات الاسلامية التي مازالت تعمل بمعزل عن الجميع ولم تندمج بعد داخل السياق الوطني باختصار شديد الكل يعمل في غياب لمنظومة متكاملة ومحددة تخدم المواطن وتحقق الضمانات في توفير الحرية والعدالة الاجتماعية هذا كله إلي جانب تراجع دور مصر التي كانت تدار من خلال الحزب الوطني الذي "تكلس" واصبح كيان غريبا داخل الدولة صحيح أنه اعتمد علي التكنولوجيا الحديثة في الإدارة لكنه لم ينجح في التلاحم والتواصل وبناء قواعد قوية مع كافة الطبقات.
* أعطيت وصفا دقيقا لعصر مبارك.. فما هو تقييمك لعصري عبدالناصر والسادات.. نظرا لوجود بعض الاصوات التي تؤكد بضرورة انها حكم "العسكر" وتكفي ال60 عاما الماضية؟
** بداية اؤكد أنه لكل عصر سلبياته وايجابياته وفيما يخص عبدالناصر فقد تميز بوجود مشروع قومي للتخلص من الاستعمار والهيمنة الانجليزية.. ايضا كان يمتلك مقومات الزعامة والوطنية ولديه كاريزما خاصة وكان عفيف اليد ولديه علاقات وأداء سمح بالارتقاء بمكانة مصر دولياً.
في عصره ايضا تم اثارة القضايا الاجتماعية أو العلاقة بين الفقراء والاغنياء وتم حلها بشكل شعبي توافقي.
صحيح انه حدث جنوح أيديولوجي نحو الشيوعية الماركسية لكن لم يدخل إلي صلب النسيج الوطني وظل الشغل الشاغل للدولة هو تحقيق العدل الاجتماعي ولكن للأسف اصيبت مصر في هذا العهد بنكسة 67 التي نرجعها نحن اساتذة القانون والعلوم السياسية إلي الغياب النسبي للديمقراطية وانتهت هذه المرحلة بمأساة ووفاة عبدالناصر بطريقة أكثر مأساوية حيث تسببت 67 في انهيار القيادة وإهانة الشعب وان كنا ثأرنا لانفسنا في .73
أما عصر السادات ففيه استخدم الرئيس الراحل قدراته في الذكاء والمكر لتحقيق الانتصار الوطني في 73 والذي لا يستطيع أحد أن يقلل من شأنه خاصة وأن خط بارليف الذي قمنا بزيارته بعد الحرب كان بالفعل يمثل سداً منيعا من الصعب تجاوزه لولا التخطيط الجيد المحكم وشجاعة الرجال ولكن للأسف في المقابل لم يكتمل البناء الداخلي كما ينبغي وكان خطأه الأكبر ضيقه بالرأي الآخر وقيامه بالقاء القبض علي كل معارضيه وكان ذلك قبل إغتياله بفترة وجيزة.
وعندما تولي مبارك الحكم استغل هذا الخطأ في كسب مودة الفصائل التي تم الافراج عن قادتها وللأمانة كانت لديه آراء ليبرالية وكان يبدو من حديثه أنه حريص بالفعل علي التعددية الحزبية ولم يكن راغبا في الاستمرار طويلا في السلطة ولكن بكل أسف السلطة كالمخدر في بعض الفترات تصل بالشخص إلي درجة الإدمان الذي لا يصلح علاجه إلا بالتدخل الطبي العاجل.
* تم تمديد قانون الطواريء مؤخرا لمواجهة حالة الانفلات الأمني التي نشهدها علي الرغم من تخوف الكثيرين من تطبيقة.. فما رؤيتك لهذه الخطوة؟
** بصراحة شديدة ومطلقة لم نكن في حاجة إلي قانون الطواريء فقانون العقوبات الذي عدل في عام 1992 يحاسب ويتصدي لكل جرائم الارهاب وبه نصوص قوية وصارمة تصل إلي الاعدام أو السجن المؤبد.
واعتقد في نفس الوقت أن الضجة التي اثيرت مؤخرا عند تفعيله يرجع في جانب كبير منها إلي العقدة التي توالدت لدي المواطنين من قيام الحكومات السابقة بتكبيل الشعب به لمدة 30 عاما دون أي حاجة حقيقية وفي اوقات كانت الأمور مستقرة وهادئة وقد أبديت في فترات كثيرة ماضية من خلال لقائي بعدد من الضباط معارضتي للقانون وتطبيقه فقد امتلك سمعة ومكانة سيئة وكنت اتمني من الحكومة الحالية أن تدرس جيدا هذه الخطوه قبل اقرارها فلابد من معرفة العيوب والمزايا قبل الموافقة.
* ما رأيك في أداء حكومة د. عصام شرف التي تعرضت ومازالت لانتقادات حادة ومتعددة؟
** كان الله في عون هذه الحكومة فنحن لا نعرف مدي صلاحياتها وطبيعة علاقاتها بالمجلس العسكري فوسائل الاتصال بين الاثنين من وجهة نظري مقطوعة والتواصل بينهما غائب ودليلي علي ذلك كثرة القرارات التي يتم التراجع عنها بعد الإعلان عنها وأري أن هذا يمثل علامة خطر كبري ودليل أكيد علي عدم الدراسة الجيدة والمتأنية لما يتم اتخاذه من قرارات وهو يمثل بداية لخطر التشرذم والانقسام وفي بعض الأحيان حدوث فتنة طائفية حيث لا توجد مجهودات قوية لاحتواء الازمات التي تحدث بين الحين والآخر.
* وماذا عن اداء المجلس العسكري وهل لديه الرغبة كما يقول البعض في البقاء بالسلطة؟
** اعتقد أن النية صادقة لديه في سرعة تسليم مهمة إدارة شئون البلاد إلي سلطة مدنية ولكن هناك اوضاع تفرض نفسها علي ارض الواقع. وبالتالي من الممكن ان تطيل المدة وحقيقة أن إطالة المدة ليس في صالح أي طرف من الاطراف. وأيضا عدم الدقة في اختيار بعض الوزراء وإن كنت اعتقد أن هذا العيب ساهم في جزء كبير منها أن مهمة الوزارة الحالية مؤقتة وبالتالي اعتذر الكثيرون عن تولي المناصب فيها وأتمني أن يكون هناك تدقيق في اختيار الوزراء والمحافظين وعدم الاستماع إلي بعض الآراء التي خرجت عن التوافق الوطني وأصبحت تطلق الاتهامات علي الاخرين أو الفصائل التي تدعي انها التي قامت بالثورة وبالتالي هي صاحبة الحق في اختيار من ترغب في تولي المناصب العليا ولابد أن يكون الرأي الحاسم والفاصل لها.
* وماذا عن قانون انتخابات مجلسي الشعب والشوري الذي مازال يثير حالة من الخلاف والأنقسام بين الفصائل العديدة علي الساحة؟
** رؤيتي الخاصة أن الانتخابات جاءت مبكرا فقسمت الناس والجماهير فالتعددية تعني التنافس والخلاف فوجدنا فجأة أن القفاز اللين الذي يحتضن الجميع نزع وأصبحت الأجندة الحزبية هي التي تتكلم والحدة هي وسيلة للتعبير عن الرأي من جانب جميع التيارات والأحزاب التي أصبحت تقبل ما كانت ترفضة بالأمس وفقا لمصالحها واعتبارات ذاتية ليس لها علاقة بالصالح العام وهذا في رأيي خطر داهم يجب أن ننتبه له جيدا. لأننا نريد أن نؤسس لمنهاج ومرحلة مختلفة تعيد الاستقرار والقوة لسائر مناحي الحياة.
* شغلت قضية الإعلان الدستوري الرأي العام طويلا وحتي الآن مازال الجدل حول الدستور أولا أم الانتخابات؟
** لو كان لي الرأي في وقتها لكان الأولي من وجهة نظري وضع الدستور أولا من خلال لجنة مختصة تجتمع وتتوافق علي وضع نصوص واضحة يتم إعدادها وصياغتها ثم اقرارها من خلال استفتاء شعبي حقيقي وليس علي شاكلة الاستفتاءات المزورة التي كانت بمثابة نكته سخيفة والتي كانت تمتد إلي الانتخابات.
أما ولم يقدم وضع الدستور عن الانتخابات التشريعية فإن الحدث في هذا المجال سينكأ جرحاً ولن ينقذ شيئا وأشدد هنا علي أن الانتخابات التشريعية القادمة ينبغي ان تتمتع بالحرية الكاملة وألا يتم الاقتراب منها بأي شكل من الاشكال وإلا فاني أحذر من اندلاع ثورة ثانية.
* وهل الاشراف القضائي واللجنة المستقلة لإدارة الانتخابات لا يمثلون ضمانات لخروج الانتخابات في صورة سليمة؟
* بالتأكيد هي ضمانات جيدة لاغبار عليها. ولكننا يجب في نفس الوقت أن نقرأ الخريطة الحزبية جيداً فهناك أحزاب قديمة مثل الوفد والتجمع وبقايا الحزب الوطني والاخوان وهؤلاء في جانب يمتلكون الخبرة والمعرفة لإدارة المعركة الانتخابية وأغلبهم معروف في نطاق دائرته وهناك أحزاب أخري جديدة لم تعط الفرصة للتعريف بنفسها كما حدث مثلاً مع مرشحي الرئاسة ومن هنا كنت أفضل ان تؤجل الانتخابات بعض الشيء ومازال أمامنا فرصة لذلك ولكننا نحتاج إلي فكر وتبادل للرأي وتواصل وتنسيق بين عدة جهات منها المجلس العسكري ومجلس الوزراء وباقي القوي الفاعلة علي الساحة.
* شغلتم لفترة طويلة منصب نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان فما هي رؤيتك لهذه التجربة وهل حقيقي ان المجلس كان مجرد ديكور لتجميل صورة العهد الماضي؟
** دعوني أكون صريحاً معكم قد تكون الحكومات السابقة أرادت ذلك ولكننا كنا كمجلس أمكر من الحكومة واستطعنا ان نجعل له مكانة حقيقية واتصالاً بالخارج رغم القيود التي كانت مفروضة ففي ال 6 تقارير السنوية التي أصدرناها تعرضنا لضغوط هائلة من الرئيس والحكومة فقد تصور البعض ان المجلس عقبة في طريقه وهذا غير حقيقي فقد كنا نبغي المصلحة العامة وكنا نستخدم العقل والحكمة بغرض تقريب المسافة بين الأفكار المتصارعة وأعتقد أننا بعد 25 يناير توجد أمامنا فرصة هائلة لقيام مجلس قوي لحقوق الإنسان يتميز بالعقلانية فنحن أشد ما نكون بحاجة إلي قوي مصرية عاقلة تدافع عن الحقوق بغير تهور أو خنوع للحاكم.
* وهل التمويل الخارجي الذي تحصل عليه المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان يمثل خطورة علي الأمن القومي المصري؟
** بالتأكيد لا حجم هذا التمويل ليس كبيراً كما يعلن البعض وهو محدود للغاية. وفي نفس الوقت من خلال معرفتي بالعديد من المنظمات والقائمين عليها أقرر أن منظمات المجتمع المدني من أكثر الهيئات حرصاً علي استقلال الإرادة المصرية فهي تؤدي دوراً جيداً في تبصير الناس بحقوقهم وواجباتهم قد تكون هناك بعض الأخطاء ولكنها بمثابة الهنات الصغيرة التي يمكن تداركها حتي تعود الأمور إلي مسارها الصحيح.
* تعددت في الفترة الأخيرة الدعوة للمليونيات فكيف تري هذه المسألة؟
** كل مرحلة ولها من الوسائل ما يناسبها. ففي ظل النظام السابق وبعد سقوطه كانت هناك حاجة لهذه المليونيات للتعبير عن نبض الجماهير. أما وقد وصلنا إلي هذه المرحلة فنحن أولاً نحتاج إلي تأسيس هيكلي ومجلس مركزي يضم كل القوي الثورية ويحدد ما يستحق خروج الجماهير من عدمه خاصة أن جزءاً لا يستهان به من المواطنين أصبح يضيق بالمليونيات فالناس كما أن أعينها علي الحركة الثورية هناك أيضاً قضايا تشغلها مثل كيفية مواجهة البطالة وارتفاع الأسعار والفساد الذي ضرب في جميع أركان المجتمع. وأن يقتصر الخروج في مليونيات علي القضايا الكبري والتي يوجد عليها إجماع شعبي. وأن تكون هناك ضرورة ملحة لذلك فرضتها الظروف. إما أن تكون المليونيات وسيلة للتعبير عن المطالب الفئوية والضيقة فهذا مرفوض تماماً ويفرغ القضية من محتواها.
* وإلي متي تعتقد أن الحالة التي نعيشها سوف تستمر وبمعني آخر متي نصل إلي حالة الاستقرار؟
** من خلال رؤيتي الشخصية هذه الفترة لن تقل عن عام يتم خلاله إجراءات الانتقال بالسلطة بشكل سلس إلي من يختاره الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة كما قلت ومدة العام ليست طويلة فبناء دولة جديدة يحتاج إلي صبر وعدم تعجل فمن يزرع في الصباح لا ينتظر أن يجني الثمار مساء. بل عليه الانتظار والاهتمام بما ألقاه من بذور حتي يحصد إنتاجاً جيداً خالياً من العيوب قدر المستطاع.
* وكيف الطريق إلي تحقيق هذا الاستقرار؟
** نحتاج إلي قيادة حكيمة تحتضن الجميع بلا تفرقة فمثلما تشجع القوي الثورية عليها أن تغفر للقوي الأخري التي كانت موجودة في العهد الماضي وأن يكون منهجنا في ذلك الرسول صلي الله عليه وسلم عندما دخل مكة في عام الفتح حيث أعلن من دخل داره فهو آمن ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن.. كهذا تكون أخلاق المنتصر ورحمته مع تمسكه بالدين. وهنا يحضرني موقف الصديق والفاروق مع المرتدين فعندما أرادوا عدم دفع الزكاة رأي أبوبكر قتالهم وكان عمر مع تركهم فقال له أبوبكر ما هذا يا عمر إجبار في الجاهلية.. خوار في الإسلام فنحن نحتاج إلي قائد قدوة يحتضن ولا يفرق يجمع ولا يشتت.
* وهل أنت خائف من المد الدني أو صعود التيارات الدينية إلي صدارة المشهد؟
** لست خائفاً وخوف الآخرين ليس له ما يبرره فهو بمثابة الوهم الذي يعيش فيه الإنسان دون أن تكون هناك أسباب حقيقية وراءة وأعتقد أن هذا راجع إلي غياب التعليم والتدريب لدي هذه الفصائل حتي تكون قادرة علي مخاطبة الجماهير والوصول إليها فمؤخراً كان لدينا الطيب أردوغان رئيس وزراء تركيا في زيارة لمصر وهو محسوب علي التيار الديني ولكنه عندما تحدث للسياسيين والمثقفين لم يتحدث عن الدين والإسلام وانجازاته ولكنه تحدث بلغة السياسة وتطرق إلي السياحة والصادرات ومستوي الدخل فالإسلام في حقيقته فكر وقيم وعمل وليس جلباباً قصيراً أو لحية فهو مجموعة من الأفكار والانجازات لصالح الناس. فالقوي الإسلامية التي تعمل بالسياسة تحتاج إلي تعليم وتربية سياسية ليس من بينها إقصاء الآخر أو الغدر به.
* وهل تخشي من أن تتدخل قوي خارجية في الشأن المصري؟
** من المؤكد أن هناك أياد تعبث. خاصة في ظل الظروف التي تمر بها مصر. وعلينا أن نكون يقظين لذلك وتستفيد من تجارب الدول الأخري فليس هناك مستحيل ويحضرني هنا تجربتي تركيا التي تحدث الجميع عنها وماليزيا الذي قيض الله لها زعيم كبير هو رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد. ورئيس الأحزاب الإسلامية أنور إبراهيم فمنذ فترة ذهبت إلي ماليزيا ووجدت حجم نهضة هائلة لدرجة أن شوارع مدينة كوالامبور أصبحت أفضل حالاً من شوارع دول أوروبية وأمريكية عديدة.
* وما الذي يمنع من الاستفادة من هاتين التجربتين؟
** السبب بسيط.. فلا يوجد أحد يلهب القوة والرغبة في النفوس والمشاعر والقلوب والعقول. فالناس لا تريد أن تعمل فحتي أغانينا تدل علي ذلك فنجد المطرب يقول: "يا ناس ها تولي حبيبي" فلماذا لا يبادر هو ويذهب إليه. ورغم السخرية من هذا المقطع إلا أنه يدل علي أن المصري لا يريد العمل ولذلك فهو في حاجة إلي زعامات تمنحه القوة علي الإصرار وليس العند والتمسك حتي ولو كان بأشياء باطلة.
* صرحت أكثر من مرة بأن هناك تدهوراً كبيراً في سمات الشخصية المصرية. وهناك من يري أن الحكم هكذا قاسياً فما رأيك؟
** بالعكس ليس هناك قسوة وأدي إلي هذا الموضوع الحكام الذين أصيبوا بجهالة شديدة وحكموا بالاستبداد الذي يجلب الفساد ويصبح النفاق والرياء سائداً. وهنا سأستشهد بمشهد رأيته في الستينيات حينما ذهبت إلي أسوان في افتتاح بعض الأعمال بالسد العالي والتقي أمامي المذيع بأحد الحضور من البسطاء وسأله ماذا تسمع في الراديو فأجابه القرآن الكريم وخطب عبدالناصر وعندما عارضه زميله قال له اسكت أنت أنا أقول هذا الكلام للتسجيل أما الحقيقة فشيء آخر.. وهذا السلوك خلق ما يشبه عقد تبادل الكذب والخديعة بين الحاكم والمحكوم علي عكس الدول في الخارج التي تقوم فيها الأمور علي الصراحة والوضوح والتحديد الدقيق لدور كل شخص ويحضرني هنا مثال رأيته بعيني في ميدان الطرف الأعز بلندن عندما كان انتوني أيدن رئيس الوزراء الأسبق يخطب فانبري أحد الحضور ووصفه بأنه منحط وجبان فأجابه أيدن بأنه قد يكون منحطاً ولكنه ليس جباناً بدليل أنه شارك في حروب كذا وكذا. وهنا وجدنا جندياً يلقي القبض علي الرجل فحاول أيدن أن يطلب منه بطريقة استعراضية تركه ففوجئنا بالجندي يرفض ويقول له نعم أنت رئيس وزراء أنجلترا ولكن أنا المسئول عن هذا الميدان وهذه هي الأشياء التي تصنع الفارق بين الدول.
* وكيف نقضي علي هذا الفارق بيننا وبين الآخر؟
** باختصار شديد لا سبيل لذلك إلا بالتعليم والتربية والصحة فالمدارس لدينا لا تعطي تعليماً أو تربية وكذلك الصحة غائبة. فالمصري إما ممتلئاً أو ضامراً ولا توجد لديه منطقة وسط وأخيراً الإعلام فهو الأداة الكبري في التعليم والتأثير وبدون ذلك لن يحدث التطوير المنشود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.