أثار ظهور قناديل البحر علي شواطئ الساحل الشمالي الغربي استياء المصطافين ورواد المنتجعات السياحية مما جعل وزارة البيئة تتحرك سريعا وتستجيب وتتفاعل مع الظاهرة ميدانياً بعد ظهور بعض أنواع قناديل البحر بساحل البحر المتوسط بطول الساحل الشمالي الغربي فتم تشكيل مجموعة عمل علمية متخصصة في مجال علوم البحار لبحث ودراسة هذه الظاهرة وأسبابها وكيفية التعامل معها حيث قامت مجموعة العمل وبالتنسيق مع أجهزة الوزارة وجهاز شئون البيئة وفرع الجهاز بالإسكندرية والمحميات الطبيعية بالمنطقة الشمالية بمتابعة هذه الظاهرة ونشر مجموعات عمل في بورسعيد ودمياط وبلطيم وساحل مطروح. تبين أن النوع المتسبب في هذه الظاهرة من الأنواع المسجلة في البحر المتوسط منذ سنوات وعلي مستوي إقليم البحر المتوسط وستتم دراسة هذه الظاهرة بعد أن تم تسجيل انتشار هذا النوع خلال هذا العام في موسم الشتاء في لبنان واسرائيل وقبرص وهي ظاهرة غير مسبوقة. كما ازداد امتداده الجغرافي علي الساحل المصري بعد أن كان يتركز علي سواحل العريش وبورسعيد ودمياط ولكنه امتد مؤخراً إلي الساحل الشمالي الغربي وهذه الظاهرة تستدعي مزيداً من الدراسة علي مستوي اقليم بالبحر المتوسط لاسيما وأن مصر مشتركة في شبكة رصد القناديل البحرية بالبحر المتوسط والتي تشرف عليها المفوضية الأوروبية لحماية البحر المتوسط وتتخذ من إمارة موناكو بفرنسا مقراً لها. جدير بالذكر أنه رغم انتشار هذا النوع بالبحر المتوسط إلا أنه لم يتم تسجيل أي انتشار كثيف له سواء في البحر الأحمر أو خليج السويس. وبصورة عامة فإن انتقال قناديل البحر علي مستوي بحار ومحيطات العالم ظاهرة طبيعية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتغيرات المناخية والتلوث والصيد الجائر للأسماك والسلاحف البحرية وقد سجل علماء البحار انتقال نوع من المحيط الاطلسي عبر مضيق جبل طارق ويسمي mnemiopsis leidyi وقد عرف هذا النوع بشراسته بل وامتد غطاؤه الجغرافي إلي البحر الأسود حيث تسبب في خسائر مادية هائلة. يقول المهندس محمد عيسوي- مدير عام محميات المنطقة الشمالية- إن وزارة البيئة أصدرت بياناً بصفات هذا الكائن وخصائصه وأهم ما يتعلق به وما يهم المواطن المصري معرفته عن هذا النوع وكيفية التعامل معه خاصة في ظل موسم الاجازات الحالية فقنديل البحر هو حيوان بحري من الرخويات يتبع فصيلة اللافقاريات اللاسعة ويتميز بقوامه الهلامي وله مجسات حسية وأطراف طويلة تسمي "لوامس" ولا يملك جهازاً هضمياً فمعظم جسمه مكون من الماء وجيلاتين ويعتبر قنديل البحر من أقدم الحيوانات الموجودة علي الأرض ويتحرك في البحر عن طريق انقباض جسمه ثم فرده بحيث يندفع بسرعة وسط الماء وتساعده تيارات الماء علي الانتقال من مكان إلي آخر ولقنديل البحر أنواع عديدة منتشرة علي مستوي العالم ويتغذي قنديل البحر بشكل عام علي بيض ويرقات الأسماك كما أنه يتغذي علي الهائمات الأخري من العوائق البحرية الحيوانية وعادة يتواجد خلال فترات الصيف نظراً لوفرة الغذاء كما أنه يعتبر غذاء لبعض الكائنات الأخري مثل السلاحف البحرية وبعض الأنواع القليلة من الأسماك. يعيش قنديل البحر في أسراب ويمكن العثور عليهم في جميع بحار ومحيطات العالم بصورة طبيعية وبصفة عامة لا تمثل القناديل المتواجدة في المياه المصرية خطراً جسيماً للإنسان ومن الضروري توعية الأطفال بعدم لمسها وتجنب حملها. لوجود قناديل البحر بكميات كبيرة تأثير سلبي علي البيئة البحرية تنحصر في تأثيرها علي صحة الإنسان حيث تؤثر لسعاتها في المصطافين وكذلك في الصيادين وتتوقف خطورة هذه اللسعات علي مدي اتساع موقع الاصابة ومدة التصاق هذه الحيوان بالجلد وحساسية الفرد المصاب وتأثيرها علي الثروة السمكية حيث تؤدي كثرة قناديل البحر إلي سد فتحات شباك الصيد مما يؤدي إلي تمزيقها نتيجة ثقلها وايضاً بسبب تغذيتها علي يرقات الأسماك اضافة لتأثيرها علي الصناعات الشاطئية وتخلف قناديل البحر أضراراً تلحق بالمنشآت الصناعية الشاطئية مثل محطات توليد الكهرباء وغيرها. أرجع د. مصطفي فوده مستشار وزارة البيئة تزايد أعداد قناديل البحر خلال فترات الصيف والفصول ذات الحرارة المرتفعة وذلك لوفرة الغذاء المناسب للقناديل خلال تلك الفترات وتجمعها للتكاثر حيث أن موسم التكاثر خلال فصلي الربيع والصيف والتغيرات المناخية والتي تعتبر ذات تأثير مباشر لارتفاع درجات حرارة المياه وبالتالي وجود بيئة ملائمة لتواجده لفترات أطول مع زيادة نسبة الملوثات العضوية في المياه والانخفاض المتزايد للمفترسات الطبيعية للقناديل مثل السلاحف البحرية وبعض الأسماك مثل سمكة الشمس وعلي رأسها المفترس الأساسي لقناديل البحر وهي السلاحف البحرية التي تعرضت في السنوات الأخيرة لإبادة كبيرة في البحر المتوسط وازدياد تلوث الشواطئ والمياه البحرية بالمخلفات البلاستيكية مما أدي إلي خداع السلاحف بالأكياس البلاستيكية الشفافة المليئة بالمياه وابتلاعها ظناً منها أنها قناديل البحر مما يؤدي إلي انسداد انبوبها الهضمي وموتها. أضاف: تختلف لسعة قنديل البحر حسب نوعه وحسب عدد الخلايا اللاسعة التي تخترق جلد الانسان وتتميز قناديل البحر بأنها تظل قادرة علي اختراق جلد الانسان ولسعة حتي وإن كانت ميتة. ويقول د. صبري الشاهد اخصائي امراض جلدية تبدأ أعراض اللسعة بطفح جلدي بسيط يزداد شيئاً فشيئاً ويسبب التهاب شديد وتورم للجلد ويشعر المصاب عادة بحرقة في الجلد وتبقي آثار اللسعة لمدة يوم تقريباً قبل أن تزول ويرافقها تقلص في العضلات وعادة ما يحدث احمرار وتورم في الجلد وقد تحدث أحياناً بعض الحروق وتسبب تشوهات دائمة لا يمكن شفاؤها. ينصح الشاهد بعدم القلق فور التعرض للسعة ويجب تهدئة المصاب وعدم لمس المنطقة الملسوعة ووضع مياه دافئة فوق مكان اللسعة ورش المياه المالحة فوق مكان اللسعة مع وضع خل أو ليمون علي منطقة اللسع وذلك لمعادلة مادة اللسع قلوية التأثير. يضيف في حالة استمرار آلام اللسع نقترح اللجوء إلي الاشراف الطبي واستخدام المسكنات لتخفيف الألم الناتج عن اللسعة ولا يستخدم الماء العذب لغسل الجلد أو وضع الثلج عليه. يؤكد المهندس محمد عيسوي أن هناك عدة دراسات لتحديد أفضل وسائل المكافحة للحد من ظهور قناديل البحر علي الشواطئ منها طرق المكافحة البيولوجية من خلال حماية أنواع الترسة البحرية وكذلك الأسماك التي تتغذي علي حيوان قنديل البحر وطرق المكافحة الكيميائية وهي مرفوضة لما تسببه من موت الأحياء البحرية الأخري وكذلك طرق الجمع الميكانيكي بالشباك حيث يمكن جمعها من خلال استخدام الشباك كما ينصح باستخدام الشباك في المناطق المتواجد فيها مصطافين من ناحية البحر لحجزها ومنع دخولها ويجب تحفيز الصيادين لتجميعها. يذكر أن وزارة البيئة قامت بتوزيع منشورات بكيفية التعامل مع قنديل البحر علي الالاف من رواد الشواطئ ووضع ارشادات علي لوحات باماكن تجمع المصطافين ويتم ايضا حصر البلاغات والاصابات وعدد ما تم اصطياده من قناديل.