حفل افتتاح موسم أوركسترا القاهرة السيمفوني والذي أقيم علي المسرح الكبير يعد من الحفلات التي تستحق أن يلقي الضوء عليها لأنها تمثل أيضاً افتتاح موسم دار الأوبرا ككل حيث إنه أول حفل لفرق هذه الدار الذي يعد السيمفوني من أهمها. الحفل قاده المايسترو الياباني الشاب "هيروفومي يوشيدا" وحظي بجمهور كبير كان لسفارة اليابان دور كبير في حشده من خلال دعوات كبار الشخصيات وتسويق جيد بين الجالية اليابانية وأعضاء السفارات الأجنبية والمايسترو الياباني ليس جديداً علينا فقد سبق أن قاد من قبل علي نفس المسرح أوبرا "عايدة" وأوبرا "بترفلاي". المؤلف الواحد برنامج الحفل تضمن 3 مؤلفات للمؤلف الروسي المعروف تشايكوفسكي "1840 - 1893" أي اقتصر علي أعمال مؤلف واحد جاءت جميعها من الرصيد الفني "ريبرتوار" السيمفوني المصري وبرنامج الحفل كما شاهدناه قد يروق للبعض إلا أنه لا يليق بحفل افتتاح لفريق عريق عمره أكثر من 53 سنة حيث إنه افتقد الشكل الاحتفالي الذي يتسم به دائماً هذا النوع من الحفلات والتي تتضمن برامجها مؤلفات تتميز بالضخامة العددية مع القيمة الموسيقية حيث يتاح للفرقة أن تظهر عناصرها من كورال وأصوات بشرية ومجموعات آلية أي تظهر امكانيات هذا الأوركسترا. ومؤلفات تشايكوفسكي من الممكن أن تكون إحدي فقرات الحفل ولكن ليست كل فقراته بالاقتصار علي مؤلف واحد ممكن أن يدرج في حفلات وسط الموسم ولكن لا يكون في حفل افتتاح فهذا خلاف للتقاليد العالمية المتبعة وأيضاً لا يمثل عنصر جذب لجميع عاشقي الموسيقي فمن لا يستسيغ مؤلفات تشايكوفسكي لن يحضر حيث انه ليس هناك بديل آخر من الفقرات.. كما أن من سمات حفلات الافتتاح أيضاً أن تكون برامجها طويلة نوعاً ما عن المعتاد ولهذا من الممكن أن تضمن عملين كبيرين أو عملا لمؤلف قومي مثل كونشرتو البيانو لعزيز الشوان ولكن البرنامج هنا جاء قصيراً. لم يتضمن كونشرتو لتشايكوفسكي رغم أن لدينا عازفين سوليست أعمال هذا المؤلف من رصيدهم الفني مثل كونشرتو الكمان الذي يلعبه حسن شرارة وكونشرتو البيانو الأول الذي تعزفه دائماً مشيرة عيسي. كما أن هذا القائد الشاب كان من ضمن المرشحين ليشغل منصب القائد الأساسي للأوركسترا المصري أي أنه هنا يقدم نفسه للجمهور فكان يجب عليه أن يقدم برنامجاً يظهر قدراته في التعامل مع المدارس الموسيقية المختلفة ويتيح للفرق استخدامات آلية وتقنية متنوعة من عصور مختلفة ولا يظل أسيراً لمؤلف واحد وعصر واحد. البداية بداية الحفل كانت مع مقطوعة "نزوة إيطالية" ثم تلاها بافتتاحية 1812 وهذا الترتيب جاء مخالفاً لما ذكر في كتيب الحفل والذي يعد دليل المستمع ولا أدري لماذا لم يتم التنويه عنه في الميكروفون مثل بداية البرنامج وأيضاً لا أجد تبريراً لهاتين المقطوعتين القصيرتين في حفل واحد فدائماً يكتفي بواحدة منهما كافتتاحية للبرنامج. ومقطوعة نزوة إيطالية مصنف 45 كتبها تشايكوفسكي عام 8801 عبر فيها عن انطباعاته عن إيطاليا بعد أن مكث بها ثلاثة أشهر.. وتتميز بألحانها الشجية وهي من أعماله المشهورة والتي أخذت طابعاً شعبياً فتجدها متوزعة لفرق مختلفة كفرق "النفخ والإيقاع والأكورديون" وهي دائمة العزف في قاعات الكوتسير لجمال ألحانها وبدايتها الشهيرة التي تمثل نداء بواسطة آلات الترومبيت وقد أداها الأوركسترا بشكل معقول. مقطوعة ثورية أما المقطوعة الثانية فكانت افتتاحية 1812 وهي جاءت اختياراً موفقاً خاصة في جو الثورة الذي نعيشه وهي من الأعمال التي سبق أن طالبنا بأن يتم تقديمها أيام الثورة وهذا العمل كتبه تشايكوفسكي ليمجد لحظة انتصار روسيا وهزيمتها لحملة نابليون عام 1812 وهي تتسم بطابع احتفالي ووطني وهي أيضاً من الأعمال التي بها توزيع أوركسترالي براق واعتماد كبير علي آلات النفخ والإيقاع. العمل الثالث كان السيمفونية الخامسة وقد تم أداؤها لأول مرة في سان بطرسبرج عام 1888 بقيادة تشايكوفسكي نفسه وتتكون من 4 حركات يربط بينها لحن رئيسي يتكرر في كل منهما. ويبدأ دائماً بتمهيد من آلات الكلارينت. التعبير الدرامي في الأعمال الثلاثة جاء تفسير القائد فيه اجتهاد ولكنه يفتقد إلي التفاصيل. كما أنه لم يستطع التوصل إلي التعبير الدرامي الذي يعد من سمات موسيقي تشايكوفسكي بل اعتمد علي الأداء الزاعق الذي يذكرك بموسيقات البوب مما يجعل عشاق تشايكوفسكي لا يستمتعون بالحفل ولكن لا ننكر أن مشاركة كبار عازفي الفريق في الأداء ساعد علي أن تكون الليلة طيبة وذلك لخبرتهم الطويلة وأدائهم المتعدد لهذه المقطوعات ومنهم د. إيناس عبدالدايم ود. طارق مهران وتامر فهمي ومجموعة عازفي الكلارينت وأيضاً عازفي الترومبيت ومجموعة الإيقاع. بالإضافة لبعض عازفي الوتريات. وأخيراً الحفل جاء بعد اشتياق للحفلات السيمفونية كما أنه محاولة اجتهاد من هذا المايسترو الشاب الذي اتضح من خلال سيرته الذاتية أنه ليس له باع كبير في مجال الموسيقي السيمونية وخبرته تركزت في الأوبرا ولهذا سوف يأتي هذا الحفل إضافة جيدة له.. ولكن أجمل ما في الحفل اهتمام اليابانيين بأبنائهم حيث حرص السفير اليابانيبالقاهرة علي تقديم المايسترو قبل بدء الحفل والافتخار به.. مشاعر وسلوك نتمني أن تنتقل للمسئولين لدينا. من أهم إيجابيات الحفل اهتمام الجالية اليابانية وترحيبهم بالمصريين وكأننا ضيوف عليهم.. مشاعر جميلة بين شعبين يمتلكان حضارة عريقة.