نهايات الموسم الصيفي بالإسكندرية مليئة دائماً بالمفاجآت والطرائف التي يسعي من خلالها المصطافين من متوسطي الحال وزوار الإسكندرية للاستمتاع باللحظات الأخيرة من الموسم بأرخص الأسعار وبدون تكلفة تذكر. وفي المقابل يسعي أيضاً أصحاب الشقق المفروشة إلي تحقيق أي كسب مادي ممكن من زوار اليوم الواحد أصحاب السمة الرئيسية في مصطافي هذه الأيام وقبل بداية العام الدراسي. الإسكندرية تشهد هذه الأيام هجمة شرسة من رحلات الصعايدة والفلاحين علي حد سواء وكل منهم له طريقته الخاصة في الأصطياف وفي ظل حالة الانفلات التي يشهدها الجهاز التنفيذي بالمحافظة أصبح الكل يفعل ما يريد أن يفعله. مصيف "الفلاحين" يعتمد بصورة رئيسية علي توفير النفقات وترشيدها لأقصي درجة وبالتالي لا يستفيد منهم التاجر سواء من باعة الملابس الجاهزة أو الأطعمة أو حتي المخابز من أصطيافهم ويقتصر "المصيف الفلاحي" علي التكدس علي الشواطئ طوال اليوم في صورة نوبتجيات فالأسر القادمة من القري تحضر في مجموعات علي صورة أسر أو مجموعة من الأصدقاء داخل ميكروباص مؤجر أو سيارة النقل بالمحافظات المتهالكة والتي تقوم بالوقوف في شوارع جانبية لمدة يومين أو ثلاث وهي تحمل معها الزاد والزواد من خبز وطعام خاصة الجبن القريش والمش ويشتري مصطافو القري فقط الفول والفلافل من المحال المتواجدة بالمنطقة وبالطبع يتوافر لديهم الخيار والطماطم والفجل وغيره فلا يتم شراؤها من الإسكندرية. المهم أن المصطاف الريفي يقوم بتنظيم نفسه كمجموعات تتوجه للشاطئ طوال اليوم بينما تنام المجموعة الأخري داخل سيارة الميكروباص ثم تأتي المجموعة الأخري بعد أن تستحم مستخدمين المياه المتوفرة بالشواطئ لتنام لتخرج المجموعة الأخري لقضاء الفترة المتبقية من اليوم علي الشاطئ بل وتنام علي الأرصفة حتي الصباح إذا لم تتمكن من السهر في أماكنها لأن المصطاف الريفي لا ينام وإذا غالبه النوم فمعه ملاءه أو سجادة صغيرة ينام عليها ليعطي الفرصة لأسرته لتنام بالميكروباص خاصة النساء والفتيات والأطفال. يستخدم أهالي الريف دورات المياه بالمساجد بالمنطقة التي يقيمون بها أو بعض المقاهي التي يستعينون منها بجراكن المياه النظيفة للشرب وإعداد الشاي علي وابور الجاز أو البوتاجاز الصغير الذي بحوزتهم وأيضاً لغسل ملابسهم وتعليقها علي حبل يتم ربطه حول الميكروباص.. ولأن المصطاف الريفي "ابن بلد" ويحب أن يصطاف علي راحته فلا تتعجب إن وجدت هذه الأيام رجال تسير "بشورت مبلول" أشبه بالملابس الداخلية ورجال تعوم بالجلباب أو بالبنطلون الأبيض القطني الشهير الذي يرتدونه أسفله ويسير به بكل اعتزاز وفخر لأنه مصطاف علي حريته دون مراعاة لمشاعر المارة. وأصبح عادياً في هذه الأيام الأخيرة من المصيف أن تجد الأسر تجلس علي الرصيف وأعلاه ومعهم حلل الطعام والأطباق وكأن الكورنيش أصبح مطعماً لهم ولا يستطيع بالطبع أن يقترب منهم أحد.. ولعل الأغرب حقاً هو أن "النساء" يقمن بالسباحة بالجلباب الذي ترتديه في المنزل كقميص نوم قطني أو من النيلون الطويل وأسفله بنطلون قطني أشبه ببنطلونات لاعبي كرة القدم بمراكز الشباب وتسير "المرأة" الفلاحة بكل أنوثة طاغية حافية القدمين والجلباب مبلل والإيشارب علي رأسها لتعبر الكورنيش باحثة عن الميكروباص الذي تنام فيه. والإسكندرية التي تحولت أيامها الصيفية الأخيرة قبل موسم المدارس "مصيف فلاحي" هرب من شواطئها المجانية أو المميزة المصطاف الثري الذي أصبح يلجأ إلي الساحل الشمالي بحثاً عن مياه نظيفة بعد أن انتشر قشر البطيخ الملقي في مياه البحر لأن المصطاف يريد أن يغذي نفسه أثناء الاستحمام دون مراعاة لغيره بالإضافة إلي حفاضات الأطفال المتسخة التي يتم أيضاً إلقاؤها في البحر التي تستخدم كوسيلة استحمام للطفل أثناء تغيير حفاضاته. الغريب أن "الصعايدة" لا يختلفون كثيراً في§ مصيفهم في رحلات اليوم الواحد عن الفلاحين إلا في الاستعانة بأقاربهم من الزاحفين للإسكندرية للعمل كسمسار أو بواب أو بائع متجول للإقامة لديه بصفة مؤقتة فتقوم الأسرة الصعيدية بالنزول إلي الشاطئ في الساعات المبكرة جداً من الصباح بالنسبة للنساء حتي لا يراها أحد وتكتفي بعض النساء بالجلوس علي الرمال دون مشاركة في الاستحمام لتوافد المصطافين وتنام الأسرة الصعيدية أحياناً كثيرة علي الأرصفة بجوار مقر البواب الذي يستضيفهم حيث تنام النساء في الداخل والرجال علي الأرصفة مستغلين حرارة الجو وارتفاع نسبة الرطوبة بصورة كبيرة. أما الغريب حقاً هو ما أعلنه مالكي الشقق والسماسرة والبوابين الذي يؤجرون الشقق المفروشة لصالح أصحابها من تأجير الشقق لمدة نصف يوم للاستفادة قدر الإمكان من رحلات اليوم الواحد التي يحضر فيها مثلاً موظفي الشركات أو العمال فتقوم كل مجموعة بجمع المبلغ المالي المطلوب للحصول علي الشقة من أجل النوم أو الاستحمام أو قضاء الحاجة أو إعداد الطعام لباقي المشاركين في الرحلة. وقد انتشرت ظاهرة تأجير الشقق المفروشة لمدة نصف يوم من بداية شارع خالد بن الوليد من جهة سيدي بشر الترام حتي شارع محمد نجيب أو الشوارع المتجهة إلي شارع "45" خاصة الشوارع الفرعية والجانبية. يقول محمد عبدالحميد- سمسار- إن البوابين يبحثون علي أي مكسب هذه الأيام التي قل فيها الإقبال علي الشقق المفروشة فأصبحوا يضعون لافتات تحمل "شقة نصف يوم" وهذه الطريقة الجديدة تلقي قبولاً لدي رحلات اليوم الواحد خاصة أن كل "بواب" يقوم بالاستعانة بأقاربه وأصدقائه لتوزيع ورق دعاية علي الشواطئ بالشقة وقيمة الإيجار وتليفونه للاتصال به بل ويقوم معارفه في المناطق المختلفة بالإسكندرية للدعاية له أيضاً لجلب المزيد من الزبائن وتوزيعها علي السيارات الخاصة بالرحلات سواء بميدان محطة الرمل أو بمنطقة سيدي جابر وغيرها. عبدالهادي يوسف- سمسار- تأجير النصف يوم ظاهرة لا تلقي قبول لدينا لأن خيرها قليل ولكننا أصبحنا نضطر لها حتي لا يحتكر البوابون سوق العقارات بالإسكندرية ولا نترك الساحة لهم في الوقت نفسه لا يوجد سوي قلة قليلة تحضر هذه الأيام لاستئجار الشقة المفروشة لعدة أيام أسوة ببداية الموسم الصيفي فمثلاً الشقة التي تستأجر ب 200 جنيه في اليوم نحصل علي "خمسين جنيهاً" ولو ب "300 جنيه" نحصل علي مائة وهكذا. سمير إبراهيم- سمسار- المؤسف أن عملية مصيف النصف يوم فتح الباب أمام الدعارة بصورة علنية فبالرغم من أننا نشترط أن الإقامة لبضعة ساعات تكون للأسرة فقط ولا نسمح لمجموعة من الشباب بمفردهم إلا أن هناك الكثيرين يستأجرون الشقق لشباب وفتيات في شوارع جانبية بعيدة عن الشوارع الرئيسية بمسافات دون أن يتمكن أحد من محاسبتهم خاصة أن الأسعار الآن رخيصة جداً في مثل هذه النوعية من الشقق حيث تتراوح ما بين 120 إلي 170 جنيهاً ويتم تأجيرها منذ الصباح حتي منتصف الليل ويجب أن يغادر المستأجر الشقة لأنه يقوم بالتوقيع علي عقد بإيجار النصف يوم ويتضمن العقد شروط تتعلق بمكونات الشقة وعدم إتلاف محتوياتها ويتم تمزيق العقد فور تسليم المفتاح والتأكد من تطابق الشروط. أضاف.. والغريب أن مسألة تأجير النصف يوم أصبح يلقي قبولاً لدي عدد كبير من الأسر السكندرية بالمناطق الشعبية الذي يستأجرون الشقة لعدد كبير من الأسرة لو حسبنا قيمة ما سيقع علي كل فرد منها من تكلفة مادية قد لا يتعدي الخمسة وعشرين أو ثلاثين جنيهاً وهو مبلغ ضئيل نظير قضاء يوم كامل علي الشاطئ وتناول الطعام الساخن والاستحمام والنوم ثم العودة من جديد للشاطئ مع التنزه لأن عملية الإيجار تبدأ منذ السادسة صباحاً وحتي منتصف الليل كما ذكرت وهو ما جعل أبناء منطقة مينا البصل وكرموز وغربال وغيرهم يقبلون علي هذه الشقق مع نهاية الموسم الصيفي وأيضاً رفع من أسعار الإيجار بوجهة العموم بعد أن كانت تعاني من الركود في أعقاب انتهاء أسبوع العيد.