بعد رفض مجلس الدولة لمشروع القانون الخاص بالتعديلات القضائية الذي أعدته اللجنة التشريعية بمجلس النواب فما هو مصير هذه التعديلات بعد الآن؟! اعترض مجلس الدولة علي أن البرلمان أقر التعديلات الجديدة قبل عرضها علي الجهات والهيئات القضائية بالمخالفة للمادة 185 من الدستور. قال مجلس الدولة إن المشروع الذي قدمه البرلمان يخالف مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث المقرر في المادة رقم 5 من الدستور والتي نصت علي أن يقوم النظام السياسي علي أساس الفصل بين السلطات والتوازن بينها درءا للصراع. واستند مجلس الدولة الي حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 25 لسنة 22 قضائية دستورية بجلسة 5/5/2001 التي نصت علي مبدأ استقلال السلطة القضائية قضاء وقضاة وأسند إليها إدارة شئونها مانعا بذلك تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا الشأن ومن ثم فإن أي تشريع يسلط سلطة علي أخري يكون مشوبا بمخالفة الدستور. وقال مجلس الدولة إن المشروع الذي عرضه مجلس النواب يجعل من رئيس الجمهورية وهو رئيس السلطة التنفيذية بموجب المادة 129 من الدستور سلطة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية فانه بذلك يسلط السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية ويهدر مبدأ الفصل بين السلطات. وكان المستشار بهاء أبوشقة رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب أكد أن البرلمان عندما يباشر سلطة التشريع فهو بذلك ينفذ التزاما باختصاص أصيل احتجزه الدستور له بغير تعقيد أو منازعة من غير سلطة أخري بالدولة. وشدد أبوشقة علي احترام المجلس وبشكل مطلق لمبدأ الفصل بين السلطات الذي كرسه الدستور. بينما قال المستشار محمد عيد محجوب أمين عام المجلس الأعلي للقضاء إنه تم ارسال خطابين لمجلس النواب برفض التعديل المعروض عليه بشأن تعديل اسلوب اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية. وأعلن النائب أحمد حلمي الشريف مقدم مشروع القرار أن مشروع تعديل اختيار رؤساء الهيئات القضائية جاء ليعالج أوجه القصور التي اكتنفتها التشريعات القائمة والتي أفرز الواقع العملي من آثار تطبيقها عدم ملائمتها لتنظيم آلية التعيين المعمول بها حاليا في تلك الجهات والهيئات. واعترض المستشار أحمد ابوالفتوح رئيس محكمة جنايات القاهرة علي التعديلات التي أدخلها البرلمان علي قانون السلطة القضائية وقال إنه ضرب برأي شيوخ القضاة عرض الحائط. وناشد المستشار أبوالفتوح الرئيس عبدالفتاح السيسي التدخل شخصيا بهدف وأد هذه الفتنة المتمثلة في هذا المشروع لإصداره بالشكل المهين لقضاة مصر. وأضاف أن قرار البرلمان بتعديل قانون السلطة القضائية أحدث فتنة وأثار غضب قضاة مصر جميعا لأنها تنال من استقلالهم موضحا أن التعديل الذي طرأ فجأة دليل علي أن البرلمان يبغي من هذا القانون التصادم مع السلطة القضائية. واكد أن تقدم أحد أعضاء مجالس النواب بهذا المشروع يعد سابقة لم يشهدها المجلس كما أنه يخالف العرف الذي حرصت عليه مجلس النواب المصرية منذ إنشاء مجلس النواب في مصر. وأشار المستشار أبوالفتوح إلي أن الدستور نص علي أنه لا يجوز تعديل أي قانون يتعلق بالسلطة القضائية إلا بعد أخذ رأي المجلس الأعلي للقضاء وسائر الهيئات القضائية.. وأن رأي المجلس الأعلي ليس استشارياً وإنما يعني الأخذ برأيهم. وأضاف أن قضاة مصر في شموخ ولن يرضوا بهذا الهوان وهذا أمر معروف للكافة.. ووصف التعديل بأنه فرد عضلات واستعراض قوة من قبل أعضاء البرلمان الذين أعدوه وأصدروه بليل. وقال المستشار سامي زين رئيس محكمة جنايات القاهرة اذا كان القضاة رفضوا هذا المشروع فلماذا تصرون عليه رغم علمكم برفضه. وهكذا.. يبدو أن هناك صراعا محتدما بين البرلمان والهيئات القضائية.. فإلي أي جهة ينتهي هذا الصراع.. وفي حال إقراره من البرلمان فما هو رد الهيئات القضائية عليه. قالت مصادر باللجنة التشريعية بمجلس النواب إن رفض مشروع قرارها من قبل مجلس الدولة سوف يحال للجنة في أول يوم عمل لها لكتابة تقرير بشأن الاعتراضات لعرضه علي الجلسة العامة للبرلمان لتحديد مصير التعديلات.