مازالت حرائق إسرائيل تثير العديد من علامات الاستفهام. ولا يعلم أحد حين يتم الانتهاء من إخمادها إن كانت هناك أسرار ستتكشف من تحت الرماد. أم عصفت بها مياه أجهزة الإطفاء. إسرائيل متهمة دائماً بأنها وراء كل حرائق الشرق الأوسط. قبل الربيع العربي وبعده. إسرائيل تملك جهاز أمن داخلياً هو "الشين بيت" وجهاز أمن خارجياً هو "الموساد" يستعصيان علي الاختراق من الداخل أو الخارج إلا نادراً. ويعرفان أو هكذا تزهو إسرائيل دائماً دبة النملة داخل إسرائيل. وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة. بل وفي المنطقة كلها. إسرائيل التي تتيه دائماً بتفوقها التكنولوجي في مجالات عديدة. خاصة مجالات الأمن. والمواجهة السريعة للأزمات المختلفة. إسرائيل هذه. تتعرض لحرائق ضخمة تمتد لعدة أيام متصلة. ولا تعرف لها سبباً. ولا تقدم لها حتي الآن تفسيراً مقنعاً. إسرائيل هذه. لم تتوصل حتي الآن لإجابة واحدة قاطعة عن سؤال بسيط هو: مَن الفاعل في هذه الحرائق. وعجزت كل أجهزة أمنها بمعدات الرصد والمراقبة التي تملكها عن ضبط حالة تلبس واحدة لشخص متورط في إشعال هذه الحرائق. وكل من قبضت عليهم في هذه القضية وعددهم 13 شخصاً. هم مشتبه بهم. وليسوا فاعلين مؤكدين. إسرائيل هذه. بكل تفوقها التكنولوجي. تضطر لثاني مرة في تاريخها كله للاستغاثة بالخارج. وطلب المساعدة من الدول المختلفة في إطفاء هذه الحرائق. وكانت المرة الأولي في حرب 1973. حين وجدت الجيش المصري ينجح في العبور. ويتقدم في سيناء. فاستغاثت رئيسة وزرائها جولدا مائير. بالولايات المتحدة التي فتحت لها جسراً عسكرياً جوياً. ينقل إليها الدبابات والمدرعات وغيرها. من مصانع إنتاجها مباشرة إلي ميدان القتال في سيناء. المتطرفون اليهود في إسرائيل. سارعوا إلي اتهام الفلسطينيين بأنهم وراء الحرائق. وقال قائلهم إنه لا يمكن ليهودي أن يحرق دولته. وهو اتهام جاهز ومعلب. ولا يضر الفلسطينيين أكثر مما يسيء إلي أجهزة الأمن الإسرائيلية.. كيف عجزت عن ضبط متهم واحد متلبساً. بينما الحرائق تمتد عدة أيام. وتشتعل في ساحات جديدة. وفي مناطق غابات مكشوفة يسهل رصد الحركة فيها. البعض لجأ إلي تفسير مضاد. فطالما أننا في مجال توزيع الاتهامات. فلماذا لا تكون إسرائيل هي التي تحرق نفسها. وتلقي بالاتهام دون دليل علي غيرها. لتؤكد للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. صحة عقيدته التي عبر عنها في إحدي خطبه الانتخابية. وهي أن الفلسطينيين إرهابيون. وإنه لن يكون هناك سلام معهم. ما لم يتخلوا عن العنف. وأن يغيروا مناهجهم الدراسية التي تمجد "الجهاد" وقتل الإسرائيليين. وأن يتوقفوا عن اعتبار من يقتله إسرائيلي شهيداً يحظي بالتكريم. ويطلق اسمه علي الشوارع والمدارس تخليداً لذكراه. ويدلل أصحاب هذا التفسير علي صحة تفسيرهم. بإعلان بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل. بأنه إذا ثبت أن هناك تعمدا وراء إشعال الحرائق. فسيعتبر ذلك "عملاً إرهابياً" وسيجري التعامل مع الجهة التي قامت به. في هذا الإطار. ويتساءل أصحاب هذا التفسير أيضاً: كيف تحول الحرائق مناطق شاسعة من إسرائيل إلي جهنم. ولا يموت إسرائيلي واحد بسببها. ولا حتي يختنق رجل إطفاء خلال قيامه بمهمته؟!! وكالعادة. حين لا يجد الناس تفسيراً علمياً مقنعاً لظاهرة ما. فإنهم يلجأون إلي التفسيرات الغيبية. وأكثر هذه التفسيرات شيوعاً خلال الأيام الماضية. هو أن الحرائق انتقام إلهي من قرار إسرائيل الذي صدر قبل اشتعال الحرائق بأيام قليلة. وهو قرار منع رفع الأذان في القدس والمسجد الأقصي. ويقولون إن السماء تضامنت مع المساجد والكنائس التي تحدت القرار. ورفعت الأذان. وأثبتت أن المسلمين والمسيحيين "إيد واحدة" في مواجهة عدوان الاحتلال علي المقدسات ومنعه الشعائر. ومع ذلك. تظل حرائق إسرائيل لغزاً حتي إشعار آخر.