كنت واحدا من الذين حرموا أنفسهم من أكل اللحوم في العيد. وأصابهم الفزع من انتشار ظاهرة ذبح الحمير بالأقاليم وتصديرها لأهل القاهرة. خاصة في محافظة البحيرة والمراكز المحيطة بها. كما كنت من أوائل المتابعين لعمليات القبض علي من ذبحوا ووزعوا وتاجروا بهذه اللحوم وتربحوا من ورائها بالآلاف. وكنت من أشد المندهشين من غباء هؤلاء الذين يذبحون الحمير ويتاجرون بلحومها وما يلبثون أن يتم القبض عليهم ويذهبون بهم خلف القضبان وأمامهم طريق أحلي وأجمل وأسهل من ذلك بكثير يمكنهم به تحقيق ما يحلمون به من أرباح. بل وأكثر مما يحلمون. هو طريق تصدير الحمير. ولعلك تابعت حين منعت الدول الافريقية منبع الحمير تصدير الحمير إلي الصين بعد أن شهدت أعدادها تراجعا ملحوظا أدي إلي ارتفاع ثمنها ارتفاعا كبيرا. حيث ارتفع سعر الحمير من 34 إلي 147 دولارا. والصين استوعبت المشكلة وأعلنت موافقتها علي دفع هذا السعر مقابل إعادة التصدير. وطبعا الصين ليست عبيطة. لأن موافقتها تعود إلي احتياجها للحمير للحصول علي مادة الجيلاتين التي تنتج من غلي جلودها وتستخدم في صناعة الأدوية والمقويات العصبية والتنفسية والمنشطات الجنسية فضلا عن فوائد أخري لا تعد ولا تحصي. يأتي في مقدمتها علاج السعال والتهاب الحلق وعلاج البرد والأرق وتنشيط الدورة الدموية. نحن اختصرنا فوائد الحمير في التربح من بيع لحومها. ولا ندرك أن تصدير الحمير حية يعود إلي بلادنا بالنعم الكثيرة. ولا غرابة أن النيجر باعت خلال عام 2016 نحو 80 ألف حمار للصين مقارنة ب 27 ألفا العام الماضي وباعت بوركينا فاسو 18 ألفا هذا العام مقارنة بألف فقط العام الماضي. فلماذا لا نستفيد من هذه الفكرة. خاصة وما أكثر الحمير لدينا؟. كذلك ما المانع أن نفعل مثلما فعلت نايفاشا الكينية حين افتتحت عددا من المجازر لذبح الحمير بهدف تصدير جلودها. وباقي أجزائها لمن يريد؟. ممكن الصين تشتري الجلود والهند تشتري العظم وروسيا تشتري الكلاوي مثلا. أتوقع لو ركزنا وفكرنا في فتح نوافذ لموارد جديدة للموازنة العامة التي تشتكي من العجز دائما كل عام. لكان موضوع تصدير الحمير من أهم هذه النوافذ. ولتوقفنا عن الاقتراض من خلق الله لمعالجة هذا العجز. ولأمكننا تحقيق أرباح طائلة. ورحمنا الناس من دخول السجن بسبب ذبح الحمير. حيث سيكون الأمر مشروعا وعلي عينك يا حكومة. أنا عن نفسي أفكر من الآن أن أترك مهنتي التي لم أعمل في غيرها منذ تخرجت في الجامعة. واستعد لهذه المهنة الجديدة التي تأكل عيش بحق وحقيقي. تاجر حمير.