في أول اختبار للقوة بين الحكومة والبرلمان رفضت وزارة المالية مقترح لجنة الخطة والموازنة بتخفيض ضريبة القيمة المضافة إلي 11 أو 12% تخفيضاً عن المستهلكين وتحسباً لارتفاع الأسعار. وتمسك وزير المالية الذي حضر اجتماع اللجنة أول أمس التنازل عن سقف ال 14% وقررت اللجنة حسم النسبة في الجلسة العامة للبرلمان الأسبوع المقبل. الغريب أن أحد مبررات وزير المالية لرفض مطلب الخطة والموازنة هو أن تخفيض الضريبة يضر بمحدودي الدخل لعدم توافر الموارد الكافية لوفاء الحكومة بالتزاماتها الخاصة بالصحة والتعليم. والحقيقة أن هذه الضريبة بمستواها الحالي تضر بالفعل بمحدودي الدخل والطبقة المتوسطة التي تعاني حالياً من موجات متتابعة من ارتفاع الأسعار. وتحمل لها هذه الضريبة ارتفاعاً جديداً في السلع والخدمات حتي تلك السلع الغذائية المعفاة من هذه الضريبة تم رفع اسعارها مؤخراً علي خلفية زيادة الدولار وفي مقدمة ذلك الزيوت بجميع أنواعها. ومنتجات الألبان والبقول. واللحوم والدواجن وغيرها. أحد مشاكل هذه الضريبة بسعرها الحالي هو المساهمة في زيادة حالة الركود وبطء حركة البيع والشراء التي تضرب الأسواق خاصة مع زيادة التضخم. وهذا الركود يؤدي إلي خفض معدل النمو الاقتصادي الذي تسعي الحكومة إلي زيادته. ولا ننسي أنه في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في السنوات التالية للثورة. كان الاستهلاك هو السبب الرئيسي وراء معدل النمو الذي تحقق في هذا الوقت إلي جانب القطاع غير الرسمي الذي كان له دوره الملحوظ في توليد هذا النمو. ولا شك أن الاستهلاك سوف يتأثر ليس فقط بالضريبة الجديدة. ولكن بإجراءات الاصلاح الاقتصادي الوشيكة والمتوقع صدورها مطلع الشهر المقبل والتي تطلق عليها الحكومة "القرارات المؤلمة" وتشمل خفض دعم الطاقة من خلال رفع أسعار البنزين والسولار.. وفقاً لمصادر رسمية في تصريحات بجريدة الشروق أمس وهو الأمر الذي سوف ينعكس علي أسعار الانتقالات من جهة وعلي اسعار تكلفة نقل السلع. كما تشمل خفض قيمة الجنية أو تعويمه وفقاً للبرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد. وهذا كله يجعلنا نتشكك في إمكانية تحقيق معدلات النمو التي تستهدفها الحكومة خاصة أن حركة التجارة العالمية تشهد هي الاخري بطئاً مما يقلل من احتمالات معدلات النمو المرتبط بها. لذلك كله يجب ألا تراهن الحكومة فقط علي موارد متوقعه من الضريبة تتراوح بين 20 و30 مليار جنيه. في حين أن المتأخرات الضريبية السنوية تبلغ نحو 60 مليار جنيه سنوياً كحد أدني. ويمكنها من خلال سياسة ضريبية. حاسمة أن تحصل علي الزيادة المرتقبة للقيمة المضافة من خلال تحصيل هذه المتأخرات فضلاً عن سياسات اصلاح ضريبي تعتمد علي تفعيل العدالة الضريبية من خلال العمل بنظام تصاعدية الضريبة المطبق في أكبر الدول الرأسمالية واعادة العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية. اذا كنتم متمسكون بضريبة القيمة المضافة التي تمثل حجر الاساس في برنامج الاصلاح ويتوقف عليها الحصول علي الشريحة الأولي من قرض البنك الدولي أو صندوق النقد. فعلي الأقل خفضوا سقف الضريبة لتخفيف الضرر علي محدودي الدخل وعلي مستويات الاستهلاك المحلي.