لاحظت كما لاحظ غيري اهتمام البعض بقياس شعبية الرئيس السيسي بين أفراد الشعب كل شهر تقريباً ولاحظت أيضاً أن استطلاعات الرأي هذه صادرة عن مركز واحد هو مركز "بصيرة" لقياس الرأي العام وكأن هذا المركز هو الجهة الوحيدة التي تطبق المعايير الصحيحة لقياس الرأي العام علي الرغم من أن هذا المركز أنشيء عام 2012 أي أن خبرته في هذا المجال مازالت محدودة. عدة ملاحظات وددت أن أسجلها علي هذه الاستطلاعات بعد أن تابعت اثنين منها الأول تم إجراؤه في شهر يوليو بمناسبة مرور عامين علي تولي الرئيس السيسي المسئولية. والآخر تم إجراؤه في مطلع هذا الشهر وأعلنت نتائجه يوم 15 أغسطس أي منذ ثلاثة أيام وهرولت خلفه وسائل الاعلام المرئية والمقروءة وكأن هذا الاستطلاع الأخير قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. الاستطلاع الأول أكد أن شعبية الرئيس 91% بينما في الاستطلاع الثاني انخفضت الشعبية إلي 82% كما انخفضت نسبة من سيعيدون انتخاب الرئيس مرة أخري إذا أعيد ترشيحه من 71% في الاستطلاع الأول إلي 66% في الاستطلاع الثاني. وملاحظاتي تتلخص في الآتي: الاستطلاع الأول تم إجراؤه بمناسبة مرور عامين علي حكم الرئيس وتكونت العينة التي تم استهدافها من 2600 فرد من الفئات العمرية التي تبدأ من 18 سنة وهي نسبة يمكن قبولها باعتبار أن من بين المستهدفين بالاستطلاع شباباً لم يلتحقوا بعد بالتعليم الجامعي وهذه الفئة قليلة الاطلاع كما هو حال معظم المصريين وقليلة الإلمام بالأوضاع المحيطة بمصر والمخاطر التي تواجهها ووارد جداً أن يكون رأيهم غير موضوعي خاصة أن هذه الفئة حديثة الخروج من مرحلة الطفولة طبقاً للقانون والدستور. كما لم يخبرنا مركز بصيرة كم عدد أصحاب هذه الفئة العمرية الذين شملهم الاستطلاع فمن يدرينا أن نسبة هذه الفئة "من 18 سنة إلي 20 سنة مثلاً" لن تكون أكبر من نسبة اصحاب الفئة العمرية الأعلي سناً وبالتالي تصبح الآراء السائدة في الاستطلاع لأفراد قليلي الثقافة لا يعون الفارق بين الدولار واليورو أو هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. الاستطلاع الثاني تم إجراؤه بعد ثلاثة أشهر فقط من إجراء الاستطلاع الأول وكانت أزمة ارتفاع الاسعار قد استفحلت بالاضافة إلي توابع أزمة الدولار التي مازالت تخنق الاقتصاد بفعل فاعل نعرفه جميعاً وبالتالي فإن توقيت إجراء الاستطلاع له تأثير مباشر علي نتيجته فنسبة شعبية الرئيس بعد وقوع حادث إرهابي مثلاً تختلف عن نسبة شعبيته بعد صدور قرارات برفع اسعار شرائح استهلاك الكهرباء أو الكلام عن مناقشة قانون القيمة المضافة خاصة أن نسبة ليست قليلة من الشباب من فئة 18 سنة ارجعت رفضها لتأييد الرئيس في الاستطلاع الثاني إلي استمرار البطالة وارتفاع الاسعار. عدد العينة التي استهدفها الاستطلاع الثاني كانت 1533 فرداً بانخفاض أكثر من ألف فرد عن الاستطلاع الأول وفي ذلك عدم دقة حيث إنه من المتعارف عليه أنه يجب تثبيت عناصر الاستطلاع إذا كان الهدف واحداً في كل مرة وهو هنا السؤال عن شعبية الرئيس. الاستطلاعان أكدا أن الفئة العمرية أكثر من 50 سنة كانت الأكثر تأييداً للرئيس ورغبة في إعادة انتخابه إذا أعيد ترشيحه مرة أخري وفي ذلك واقعية إذا طبقنا عليها المبدأ نفسه المتعلق بالثقافة والإلمام بالمخاطر المحيطة وبناء الرأي علي أسس موضوعية كما لم يخبرنا الاستطلاع عن عدد أصحاب هذه الفئة أيضا ممن شملهم الاستطلاع. الاستطلاعان لم يوضحا لنا الاتجاهات السياسية والفكرية لأفراد العينة المستهدفة فقد تكون نسبة كبيرة منهم ممن يطلقون علي أنفسهم نشطاء أو شباب متمرد يطبق مبدأ "خالف تُعرف" أو من مؤيدي أعداء الوطن. نسبة من استجاب للمشاركة في الاستطلاع الأول كانت 55% بينما انخفضت هذه النسبة في الاستطلاع الثاني إلي 49% وهذه نتيجة طبيعية لانخفاض حجم العينة من 2600 إلي 1533 فقط وبالتالي إذا تمت زيادة حجم العينة للرقم نفسه الذي أجري عليه الاستطلاع الأول "2600" لزادت نسبة الاستجابة وأيضا لزادت نسبة المؤيدين للرئيس وهذا ينسف الاستطلاع من أساسه حتي لو تم حساب النسبة المئوية للمشاركين في الاستطلاعين بناء علي الرقمين المختلفين. هناك عدة نقاط يجب أن يعيها كل باحث وراء شعبية الرئيس وارتفاعها أو انخفاضها: 1- الرئيس السيسي رئيس استثنائي لدولة استثنائية في ظروف استثنائية ولا يجب تطبيق قواعد إجراء استطلاعات الرأي التقليدية عند الحديث عنه. 2- الرئيس هو كبير العائلة المصرية شاء من شاء وأبي من أبي. وعندما يتخذ كبير العائلة اجراءات لإصلاح أحوال العائلة حتي لا تلقي مصير غيرها من العائلات التي تشردت بين الدول وحتي لا تنهار العائلة وتأكلها الذئاب المنتظرة علي الأبواب ويري بعض أفراد العائلة أن هذه الاجراءات لا ترضيهم فإن ذلك لا يعني انخفاض شعبية. 3- الشعب المصري يعلم جيداً ما فعله ويفعله الرئيس السيسي لإنقاذ مصر من خونة الخارج والداخل وندامي الحال من بائعي أنفسهم المتآمرين علي الوطن ولن يصدق استطلاعاً هنا أو هناك تجريه جهة تقول عن نفسها مستقلة. بينما توجهاتها غير معروفة. 4- إن نظرة واحدة للأشقاء السوريين والعراقيين واليمنيين المشتتين بين دول العالم تجعلنا نحمد الله ليل نهار أن أرسل إلينا رئيساً مخلصاً يحب وطنه ومواطنيه ويواصل الليل بالنهار للارتقاء بهم وتحسين أحوالهم بمشروعات يبصرها الجميع علي الرغم من مؤامرات الليل والنهار المحيطة به وبمصر وبالمصريين. هل وصلت الرسالة يا عديمي البصر والبصيرة؟!