أحمد زويل مات ما أسوأ أخبار الموت دائماً ما أبعد من يرحلون لكن زويل.. كان حالة وأملاً ونافذة ظننا لوقت طويل أنها ستظل مشرعة دوماً. زويل مات.. كان هذا هو النبأ. ولم تعد مهمة بعده التفاصيل.. لا يليق به سوي الصمت. ولولا أنها عادة ربما. لكان أجدي ألا نكتب.. أن نترك صفحة بيضاء تبللها الدموع. وتتراءي فيها صورته التي لم نرها إلا لنتفاءل. زويل مات.. هل يحتاج النبأ لما تحتاجه كل التقارير من هذا النوع.. النشأة والميلاد والسيرة الذاتية والجوائز.. وماذا بعد.. هل ستنسي العنوان في خضم التفاصيل؟.. لم يحدث.. زويل مات.. مات. يوم سافر أحمد زويل إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1969. تزامن وصوله مع هبوط نيل آرمسترونج علي سطح القمر.. كان نبأ مرعباً ومدهشاً لهذا الفتي القادم من نيل مصر.. كانت الدكتوراه أقصي أمانيه.. واليوم. وبعدما أنجز هبط زويل أيضاً علي أرض القمر وألف قمر.. أتدرون.. لقد كان القمر. للوهلة الأولي.. لم أصدق أنه مات عن 76 عاماً.. كان طفلاً وكان شاباً ورجلاً وعالماً.. حمل كل أعمارنا وحلق بها. وبدا وهو يرحل. وكأنه يخطف بعضا من أعمارنا أو أرواحنا. ولد زويل في 26 فبراير 1946 في مدينة دمنهور والتي تبعد 60 كيلو متراً عن مدينة الاسكندرية التي حصل منها علي درجة البكالوريوس والماجستير. وفي سن 4 سنوات انتقل مع أسرته إلي مدينة دسوق حيث نشأ وتلقي تعليمه الأساسي وكان زويل الأخ الوحيد لأخواته البنات الثلاث. والداه المتحابان كانا العامل الرئيسي المؤثر في حياة زويل. فقد منحاه كل الثقة التي يحتاجها. وكان حلم العائلة أن يحصل زويل علي درجة علمية عالية من الخارج ثم يعود ليكون أستاذاً جامعياً وعلي باب غرفته وضع والديه ورقة تحمل "د.أحمد" بالرغم من أن الوقت مازال مبكراً في هذا السن للحديث عن كونه دكتوراً. نشأ زويل في مناخ متدين جداً. وهذا المناخ شكل طفولته المبكرة. ومسجد سيدي إبراهيم الدسوقي كان ذا أهمية قصوي في مرحلة الطفولة لزويل. فقد اعتاد زويل أن يذهب هذه الأمتار القليلة التي تفصله عن المسجد ليس فقط من أجل الصلاة ولكن للدراسة أيضاً. لأن هذا المكان الروحي لم يكن فقط من أجل الصلوات. حيث كان المسجد الشهير سيدي إبراهيم الدسوقي في مدينة دسوق مثل مظلة تجمع ما بين المصلين والعمال والاحتياجات المعيشية في وئام تام. التحق زويل بكلية العلوم بجامعة الاسكندرية بعد حصوله علي الثانوية العامة وحصل علي بكالوريوس العلوم بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1967 في الكيمياء. وعمل معيداً بالكلية ثم حصل علي درجة الماجستير عن بحث في علم الضوء وبدأ الدكتور أحمد زويل مستقبله العملي كمتدرب في شركة "شل" في مدينة الاسكندرية عام 1966 واستكمل دراساته العليا بعد ذلك في الولاياتالمتحدة حيث حصل علي شهادة الدكتوراه في علوم الليزر عام 1974 من جامعة بنسلفانيا. بعد شهادة الدكتوراه انتقل الدكتور زويل إلي جامعة بيركلي بولاية كاليفورنيا وانضم لفريق الأبحاث هناك. وفي عام 1976 عين زويل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتك". وتعد من أكبر الجامعات العلمية في أمريكا كمساعد أستاذ للفيزياء الكيميائية وكان في ذلك الوقت في سن الثلاثين. في عام 1982 نجح في تولي منصب أستاذ للكيمياء وفي عام 1990 تم تكريمه بالحصول علي منصب الأستاذ الأول للكيمياء في معهد لينوس بولينج. وفي سن الثانية والخمسين فاز الدكتور أحمد زويل بجائزة بنيامين فرانكلين بعد اكتشافه العلمي المذهل المعروف باسم "الفيمتو ثانية" وهي أصغر وحدة زمنية في الثانية. وتسلم جائزته في احتفال كبير حضره 1500 مدعو من أشهر العلماء والشخصيات العامة مثل الرئيسين الأسبقين للولايات المتحدةالأمريكية جيمي كاتر وجيرالد فورد وغيرهم. وفي عام 1991 تم ترشيح الدكتور أحمد زويل لجائزة نوبل في الكيمياء وبذلك يكون أول عالم عربي مسلم يفوز بتلك الجائزة في الكيمياء منذ أن فاز بها الدكتور نجيب محفوظ عام 1988 في الأدب والرئيس الراحل محمد أنور السادات في السلام عام 1978. من إنجازاته * ابتكر الدكتور أحمد زويل نظام تصوير سريعاً للغاية يعمل باستخدام الليزر. له القدرة علي رصد حركة الجزيئات عند نشوئها وعند التحام بعضها ببعض. والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها الصورة هي فيمتو ثانية. وهو جزء من مليون مليار جزء من الثانية. * نشر أكثر من 350 بحثاً علمياً في المجلات العلمية المتخصصة مثل مجلة ساينس ومجلة نيتشر. * ورد اسمه في قائمة الشرف بالولاياتالمتحدة التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأمريكية. * جاء اسمه رقم 18 من بين 29 شخصية بارزة باعتباره أهم علماء الليزر في الولاياتالمتحدة وتضم هذه القائمة ألبرت أينشتين. وألكسندر جراهام بيل. أشهر الجوائز التي حصل عليها: جائزة الملك فيصل العالمية في الكيمياء "1989". جائزة وولف "1993". وسام بنجامين فرنكلن "1998". جائزة نوبل في الكيمياء "1999". لادة بريستلي "2011". والدكتور أحمد زويل يحمل أيضاً العديد من الشهادات الفخرية من جامعة اكسفورد البريطانية وجامعة كاثوليك البلجيكية وجامعة بنسلفانيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وجامعة لوزان السويسرية وجامعة سوينبرن الاسترالية. كما أطلق اسمه علي بعض الشوارع والميادين في مصر وأصدرت هيئة البريد المصري طابعاً بريدياً باسمه وصورته. وتم إطلاق اسمه علي صالون الأوبرا.