من عجائب مخلوقات الله الكثيرة والمتنوعة وكل مخلوق له صفات وتحركات تنطق بقدرة الله عز وجل ومن يتأمل أي حيوان أو طائر أو حشرة يكتشف بديع صنع الله في خلقه. ويحتار المرء في تأملاته ويتساءل من علم ذلك الطائر الضعيف بناء "عشه" علي أفضل ما يكون التكوين يحنو علي طيوره الصغيرة ويطعمها بأسلوب كأنما تعلم علي يد خبير ماهر "صنع الله الذي أتقن كل شيء". ولعلنا إذا نظرنا إلي تلك الحشرة الضعيفة النحلة فنجد اننا أمام عالم كبير له نظامه المحكم وإدارة تصرف الأمور بأحدث الأساليب فريق للعمل يسميه خبراء النحل: بالشفاهية يعني النحلة الشغالة وهذه المجموعة لديها تكليفات محددة وإلهامات من رب العالمين مهام محددة داخل "المقر" مكلف بحراسة المقر ومكوناته وفريق وهناك الأم داخل المقر أو "الخلية" وهي الملكة التي تتولي إدارة شئون المملكة من تلك المخلوقات العجيبة وصدق الله العظيم إذ يقول: "وأوحي ربك إلي النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" 69 النحل. هذا المخلوق العجيب ينفذ تعليمات رب العالمين بالهام منه تري النحل في الجبال يتخذ له مكانا آمنا الأدوار موزعة باتقان وكل يزاول نشاطه بلا تقاعس أو تواكل كما يفعل البشر وبلا تزويغ كما تري بين العالمين من بني الانسان. الفريق الشغال تنطلق أفراده إلي الاشجار والوديان تلتقط من ريحتها وتخزنه في بطونها ويتم تحليله واستخراجه بصورة تعجز عقول البشر وتلفت الأنظار لكي يتدبر ويتعرف علي بديع صنع الله ولعل الإنسان يتخذ من النحلة نموذجا يطبقه في حياته يعمل ولا يزوغ أو يركن إلي الكسل ولا يتهرب من العمل تحت أي مسمي كما نري ونشاهد. من عجائب النحل ان هناك فريقا مختصا بإعداد الشمع وتجميع العسل بأسلوب يفوق تصور أي عالم متمكن وصاحب نظريات علمية. العسل الذي يخرج من بطن النحل "الشغال" وله ألوان متعددة الأبيض والأحمر والأصفر ولعل من يتناول العسل يشعر بطعم الشجر الذي ارتشفت النحلة رحيقها منه انه غذاء متكامل ومن رحمة الله ان هذا العسل فيه شفاء وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رجلا جاء إلي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال: ان أخي استطلق بطنه. فقال: اسقه عسلاً فذهب وسقاه ثم جاء فقال: يا رسول الله سقيته عسلاً فما زاد إلا استطلاقا فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - اذهب فاسقه عسلا ثم عاد وأخبر الرسول بأن الأمر لم يتغير فقال رسول الله: "صدق الله العظيم وكذب بطن أخيك" اذهب فاسقه عسلا فذهب فسقاه عسلا ولم يتوقف وقد شفاه الله تماما". وحول تعليل هذه الظاهرة وعدم شفائه في البداية ولتعليل ذلك قال بعض علماء الطب: يبدو أن هذا الرجل كان عنده فضلات فلما سقاه عسلا وهو حار فاسرعت في الاندفاع فزاده اسهالاً فاعتقد الرجل ان هذا يضره وعندما سقاه مرة أخري تحللت هذه الفضلات واسرعت في الخروج وصلح بطنه وقد تم شفاؤه نتيجة استمرار تناول العسل. حقيقة ان من يتابع نشاط النحلة يدرك مدي الهام الله لهذه الحشرة ضعيفة البنية لكنها تؤدي مهمة شاقة تختار الأشجار ذات الثمرة التي تستطيع التقاط مادة منها تتناسب مع مهمة هذه النحلة كل ذلك يدل علي قدرة الخالق جل وعلا "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".