هل دخلت اتفاقية تيران وصنافير حيز التنفيذ.. وهل يحق لرئيس الجمهورية الدعوة مباشرة لاجراء استفتاء علي هذه القضية.. وما هي اجراءات المصادقة علي المعاهدات الدولية والاتفاقيات.. وهل يحق ان نسأل المحكمة الدستورية العليا لكي تفتي في هذه المسألة.. وما هو الفارق بين السيادة والسلطة الفعلية.. وهل تخضع الاتفاقية بعد التصديق عليها للرقابة القضائية.. بل وما هو مصير الدعاوي المرفوعة امام القضاء الاداري حاليا لايقاف العمل بالاتفاقية.. الاجابة عن هذه الاسئلة واسئلة أخري نجدها في هذا الحوار المهم مع د.صلاح فوزي عضو اللجنة العليا للاصلاح التشريعي واحد صانعي دستور 2014 فإلي نص الحوار: * في البداية نريد حسم الجدل الدائر حول هل ما حدث بين مصر والسعودية بشأن جزيرتي "تيران وصنافير" معاهدة أم اتفاقية وهل دخل حيز التنفيذ الفعلي؟ ** أولاً لا يوجد فارق بين الاتفاقيات والمعاهدات ودلالة ذلك ان اتفاقية "فيينا" لقانون المعاهدات الدولية التي في شأنها قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقمي 2166 بتاريخ 5/2/1966 و2287 بتاريخ 6/12/67 نص في المادة "2/1-أ" علي أنه يقصد بالمعاهدة اتفاق دولي معقود بين دول في صيغة مكتوبة سواء ورد في وثيقة واحدة أو أكثر مهما كانت تسميته.. وبالتالي فان المعاهدة هي اتفاق يرتب حقوقا والتزامات علي الطرفين ومن ثم فان الاتفاقيات الدولية والمعاهدات مصطلحين مترادفين وفقا لاتفاقية فيينا وسنضرب مثالا مهماً جدا وهو اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل فقد اخذت 3 مسميات حيث سمي التوقيع الأول والتوقيع الثاني اتفاقية.. والتوقيع الثالث معاهدة سلام.. والدستور الفرنسي يستخدم الاتفاقية والمعاهدة مترادفين.. ودستور مصر عام 71 تحدث في المادة "151" عن المعاهدات ويقصد بها الاتفاقيات الدولية أيضا.. اذن نخلص من هذا ان الاتفاقية هي معاهدة طالما حدث تلاقي ارادات وردت في وثيقة مكتوبة أو أكثر.. أما هل دخل الاتفاق المصري- السعودي حيز التنفيذ أم لا.. فالاجابة لا.. وهذا يجرنا للحديث عن الاجراءات اللازمة لانفاذ المعاهدات أو الاتفاقية فالاجراءات الأول هو ان يتم التوقيع عليها من رئيس الجمهورية وله ان يفوض غيره للتوقيع حسب المادة 148 من الدستور التي تتيح له هذا الحق مع العلم بان التفويض قد يكون لرئيس الوزراء أو للوزراء مثل الخارجية أو الري أو التعاون الدولي أو حتي المحافظين وطبقا للمادة "2/1-ح" من اتفاقية "فيينا" فقد عرفت وثيقة التفويض بانها صادرة عن السلطة المختصة في الدولة لشخص أو اشخاص لتمثيل الدولة في المفاوضات أو اعتماد نص المعاهدة أو القيام بأي تصرف متعلق بالمعاهدة.. ومعني هذا ان التفويض جائز داخلياً بموجب الدستور دولياً بموجب اتفاقية فيينا.. بعد التوقيع من رئيس الدولة أو من يفوض نأتي للإجراء الثاني وهو يحال الأمر إلي مجلس النواب والمادة "151" من الدستور تحدثنا عن فرضين الأول ان يوافق المجلس والثاني ان يرفض.. فاذا وافق المجلس يعود الامر لرئيس الجمهورية للمصادقة فاذا صادق ينشر في الجريدة الرسمية ويصبح له قوة القانون ولا يدخل حيز التنفيذ الا بالاجراء الثالث وهو تبادل التوثيق بين الدول. * وهل مجلس النواب مختص بالموافقة علي كل الاتفاقيات والمعاهدات.. ومتي نلجأ للاستفتاء؟! ** هناك اتفاقيات المجلس ليس مختصاً بالموافقة عليها انما الاستفتاء الشعبي هو الذي يقرر الموافقة من عدمه وهي الخاصة بالصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة.. وباقي المعاهدات البرلمان منوط به الموافقة عليها ولكن هناك قيود شملتها المواد الأولي و151 من الدستور والتي تتحدث عن انه لا يجوز ابرام معاهدات يترتب عليها التنازل عن جزء من اقليم الدولة. * ومن المنوط به طلب الاستفتاء.. هل الرئيس أم المجلس؟! ** المادة "197" من مشروع اللائحة الداخلية للبرلمان وهي مادة مستحدثة تكلمت في الفصل الخامس عن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية علي اتهما مصطلح واحد ونصت علي ان رئيس الجمهورية يبلغ رئيس مجلس النواب بالاتفاقية وبالتالي يقوم رئيس النواب باحالة الأمر إلي اللجنة التشريعية الدستورية- أو لجنة خاصة اذا لم يكن قد تم تشكيل اللجة التشريعية الدستورية- لكي تبدي وجهة نظرها فيما اذا كانت الاتفاقية يكتفي بعرضها علي مجلس النواب ام تطرح علي الاستفتاء الشعبي ويجب ان تبدي اللجنة رأيها خلال 8 أيام من تاريخ احالة رئيس المجلس الأمر لها ثم يعرض تقرير اللجنة علي المجلس وهو صاحب القول الفصل في هذا الأمر.. اذا وافق علي انها معاهدة يختص بنظرها واقرارها تصدر الموافقة بالاغلبية المطلقة للحضور ولا يشترط هنا أغلبية خاصة.. أما اذا قال المجلس كلمته بانه لابد من الاستفتاء يتم ابلاغ رئيس الجمهورية بقرار المجلس لكي يدعو للاستفتاء. * ولكن البعض يطالب الرئيس بالدعوة مباشرة للاستفتاء؟! ** لا تطالبوا رئيس الجمهورية بأمور ليست داخلة في اختصاصه دستوريا فالمادة 157 حددت اختصاصات رئيس الجمهورية في ان يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا وذلك فيما لا يخالف الدستور ومن قبلها نصت المادة "151" علي انه يبرم المعاهدات ويرسلها إلي مجلس النواب وليس الاستفتاء. * ولكن البعض يؤكد ان طرح الأمر علي الشعب استحقاق دستوري؟! ** ابدأ من قال ذلك من قال ان الدستور يوجب علي رئيس الجمهورية ان يطرح كل الموضوعات علي الرأي العام خاصة مسار الاتفاقيات والمعاهدات.. لا يوجد التزام دستوري ذلك.. صحيح ان الشفافية توجب طرح الأمور ولكن هناك اعتبارات متعلقة بأمور سياسية لاتفرضها توجب عدم الطرح العلني لمسار المفاوضات والاتفاقيات والأمر يترك للملائمة فالرئيس يقدر الوقت الذي يعرض فيه الأمر علي الشعب والرأي العام. * ولماذا لا نسأل المحكمة الدستورية العليا في جواز الاستفتاء أم لا؟! ** هذا الأمر لا يجوز بالمطلق.. فالمحكمة الدستورية العليا ليست مهمة افتاء لأي جهة من سلطات الدولة.. الدستورية جهة قضائية محدد اختصاصها بالدستور وهو الفيصل في تنازع الاختصاص القضائي السلبي والايجابي وفي تناقض الاحكام.. والفصل في دستورية القوانين واللوائح.. وتفسير القوانين اذا اثارت خلافا في التطبيق فضلا عن منازعات التنفيذ في احكامها ونظر المنازعات المتعلقة بشئون اعضائها اذن فهي ليست جهة تستفتي لكن ان اراد رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس البرلمان استطلاع الرأي في قضية مثل تلك المثارة حاليا أو غيرها فسبيله إلي ذلك ان يطلب من الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع بمجلس الدولة ابدء الرأي طبقاً لنص المادة 66 فقرة "أ" من قانون مجلس الدولة التي نصت علي ان الجمعية العمومية لقسميها الفتوي والتشريع تختص بابداء الرأي في المسائل الدستورية والسياسية والدولية بناء علي طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو البرلمان أو رئيس مجلس الدولة نفسه.. وانا من وجهة نظري مع ان يستخدم رئيس مجلس النواب هذا الحق ويطلب رأي الجمعية ومع انه استشاري فان له قيما ادبية قوية رفيعة المستوي. * وماذا عن الدعاوي التي اقامها البعض امام القضاء الاداري لوقف تنفيذ الاتفاقية؟! ** للاسف هذا الأمر خارج عن نطاق القانون فمجلس الدولة والقضاء الاداري مختص بالنظر في مشروعية القرارات الادارية.. وبالنسبة لقضية الجزيرتين.. اين القرار الاداري الطعين.. لا يوجد فبالطبع سيتم رفض تلك الدعاوي لانتفاء القرار الاداري الطعين هذه واحدة اما الثانية فالمعاهدة لم تستوفي إجراءات التصديق عليها. * ولكن الا يمكن أن تخضع المعاهدة للرقابة بعد التصديق عليها؟! ** ردي علي هذا بالقضية رقم 48 لسنة 4 ق دستورية الصادر فيها الحكم في 21 يناير 1984 والتي كانت متعلقة بالفصل في مدي دستورية المادتين 3 و5 من اتفاقية تنظيم اقامة الجيوش العربية في البلد الذي قتضي الضرورة العسكرية انتقالها اليه.. في هذه القضية حكمت الدستورية العليا بعدم الاختصاص ولكن ليس علي اساس ان الاتفاقيات والمعاهدات الدولية كأصل عام تعد من اعمال السيادة التي لا تشملها الرقابة القضائية انما صدر الحكم علي اساس الطبيعة الخاصة للمعاهدة موضوع الدعوي حيث اشارت إلي ان مصر وافقت علي هذه الاتفاقية بهدف الحفاظ علي كيان الدولة والاستجابة إلي مقتضيات سلامتها داخلها وخارجها فهي تعد من المسائل المتصلة بعلاقاتها الدولية وتقتضيها السياسة العليا للبلاد وتندرج ضمن اعمال السيادة التي ينبغي ان تنحسر عنها الرقابة القضائية الدستورية.. واستنتج من هذا انه في حالة الطعن بعدم الدستورية بعد المصادقة علي الاتفاقية فإن المحكمة ستبحث الأمر هل هو من اعمال السيادة التي لا تخضع أم لا. * ولكن مع كل الاحترام لتلك الآراء فان البعض يري ان الجزيرتين ملك لمصر وان الشعب من حقه ان يذهب للاستفتاء؟! ** اكرر مرة أخري المواطنون ليس لديها مكانية دستورية في التعبير عن رأيهم حيال الاتفاقيات الا اذا قرر البرلمان ان الاتفاقية يتوجب بشأنها الاستفتاء فالكرة في هذا الشأن في ملعب البرلمان الذي سيقرر ذلك في ضوء المستندات والأوراق التي ستكون امام المجلس علي المائدة.. وللاسف فان الكثيرين ممن يبدون رأيهم في هذه المسألة يعتمدون علي الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي.. والأمور لا تناقش بهذا الشكل فانا لا أملك الاجابة عن سؤال هل هي ملك مصر أم لا الا من خلال الوثائق ولا يصح ابداء الرأي في الموضوعات القانونية بالكلام اللفظي.. انا اتدافع امام المحاكم تفاهم ولكي اقدم مستندات.. مصرية أو سعودية.. هذا الأمر يتم حسمه من خلال المستندات والوثائق وهذه المسألة تجرنا إلي نقطة هامة تختلط فيها الأمور لدي البعض حيث لا يستطيع التفريق بين السيادة والسلطة الفعلية. * وما هو الفارق بين السيادة والسلطة الفعلية؟ وهل تقصد سيادتكم ما ردده البعض بان هناك فارقا بين السيادة والادارة؟ ** سيادة الدولة تعني حريتها في التصرف في اقليم الدولة المقصود به الاقليم البري والمائي والهوائي والدولة لها سيادة حرة في تصريف شئونها الداخلية وتنظيم حقوق الملكية العامة والخاصة والسيادة الخارجية مظهر يراو به استقلال الدولة في الخارج وقرارها الوطني والدولة أعلي سلطة علي اقليمها.. وفي القانون الدولي هناك شييء أسمه السلطة الفعلية وذلك في حالة تأجير جزء من اقليم دولة لدولة أخري فتمارس الدولة المستأجرة السلطة الفعلية علي الجزء المؤجر أو تكلف دولة دولة أخري بالادارة مثلما حدث في غزة أو الجزيريتن كما هو هو معلن.. من هنا أنا افضل استخدام تعبير السيادة والسلطة الفعلية ولي مؤلفات في هذا اسم المحيط في النظم القانونية والقانون الدستوري صفحة 145 وما بعدها.. وكل هذا كما قلت تحسمه المستندات والوثائق. * ننتقل إلي ملاحظات سيادتكم حول تقرير اللجنة البرلمانية المسئولة عن الرد علي بيان الحكومة؟! ** مع تقديري للجهد المبذول في حوالي 300 صفحة الا انني سأكتفي بثلاث ملاحظات متعلقة بتوصيات باليها كل التنظيمية أولها توصية اللجنة بالغاء لجنة الاصلاح التشريعي فقد وقفت كثيرا أمام هذه التوصية متسائلا هل وردت ضمن برنامج الحكومة؟! لجنة الاصلاح التشريعي شكلها رئيس الجمهورية كأحد بيوت خبرة معاونة للحكومة.. ليست حلقة من الحلقات الدستورية المنظمة لإصدار القانون: فما دخل مجلس النواب بها ثم ألا يقوم مجلس النواب بالاستعانة بخبراء.. الملاحظة الثانية هي التوصية بإنشاء مجلس وزاري مصغر يختص برسم السياسة العامة للدولة.. وهذه التوصية تخالف الدستور لانها انتزعت اختصاص رئيس الجمهورية في رسم الساسة العامة حيث نصت المادة "150" من الدستور علي ان يضع رئيس الجمهورية مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة فهل تريد اللجنة البرلمانية تعديل الاختصاصات الدستورية لرئيس الجمهورية.. الملاحظة الثالثة انشاء ديوان للمظالم.. وهذا مخالف لما نص عليه الدستور في تحديد الجهات والهيئات القضائية.. ثم ما هي وظيفة هذا الديوان.. تجميع الشكاوي وارسالها للوزارات.. لماذا هذه المركزية الشديدة.. كان من الاوفق ان تقدم اللجنة مقترحات موضوعية للاصلاح الاداري وليست هيكلية. * أخيرا ماذا عن مشروع قانون انشاء الهيئة الوطنية للانتخابات؟ ** أولا المشروع مكون من 32 مادة وهو ترجمة للمواد من 208 إلي 210 من الدستور بانشاء هيئة وطنية مستقلة تختص دون غيرها بادارة الاستفتاء والانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية ولكن لفت نظري النص علي ان تهم اللجنة في وضع اقتراح تقسيم الدوائر الانتخابية أو تعديلها بالتعاون مع غيرها من الجهات ذات الصلة رغم ان المادة 208 من الدستور نصت علي ان هذه المسائل من اختصاص الهيئة دون غيرها.. مع الاشارة إلي نقطة مهمة وهي ان الانتخابات سنحر. خلال السنوات العشر التالية للعمل بالدستور حتي 224 تحت اشراف كامل من جانب اعضاء الجهات الهيئات القضائية والطعن علي قراراتها في الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيكون امام الادارية العليا.. اما بالنسبة للمحليات يكون الطعن امام القضاء الاداري.. وفي كل الاحوال يتم الفصل بحكم نهائي في الطعن خلال 10 أيام من تاريخ قيده.