رغم العقوبات المقررة قانوناً في جريمة ازدراء الأديان.. نجد من يطل علينا بين الحين والآخر.. ويحتقر ويسخر ويستهزئ من المقدسات والرموز الدينية.. فماذا لو ألغينا المواد المجرمة لازدراء الأديان؟!.. بالتأكيد.. لحلت الفوضي وانتشرت الفتن. المطالبون بإلغاء هذه المواد من قانون العقوبات يتذرعون بحرية الفكر والتعبير.. وإن تطاول البعض علي الأديان.. ويتناسون أن حرية الأفراد مقيدة بحقوق الآخرين التي يأتي في مقدمتها: عدم ازدراء دينهم أو مقدساتهم وهذا لن ينضبط إلا بقانون.. وفي أوروبا نفسها تتم محاكمة من يسب رجال الدين. علماء الأزهر يرون ضرورة الإبقاء علي المواد المجرمة لازدراء الأديان في قانون العقوبات مع تغليظ الأحكام في حالة تكرار المخالفة.. فالمقدسات خط أحمر.. ويجب حمايتها من التحقير والاستهزاء. أكد د.محمود مهني عضو هيئة كبار العلماء أن كلمة "ازدراء" تعني احتقار الشيء. والضرب به عرض الحائط بلا قيمة ولا اعتبار.. ولو أن إنساناً مجنوناً ازدراه عاقل لغضب المجنون.. فكيف بالأديان السماوية التي نزلت علي قلوب رسل هم 25 نبياً ذكرهم القرآن تفصيلاً ومئات الأنبياء خارج القرآن. قال إن ازدراء الأنبياء واحتقارهم علمانية. وإلحاد. وبعد عن الحق وكفر بالعلي الأعلي.. قال تعالي: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله". أوضح أن ديننا يأمرنا بأن نؤمن بكل الشرائع السماوية التي نزلت علي موسي وعيسي ونوح وآدم ويعقوب ويوسف وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وسائر الأنبياء.. فمن سب نبياً.. كفر.. ومن أنكر شيئاً من المعلوم من الدين بالضرورة ابتعد عن الحقيقة.. مؤكداً أن الذين يقولون ذلك يسمون أنفسهم مبدعين بينما هم مبتدعون. أشار إلي أن الأديان خط أحمر ويجب محاكمة من يزدريها ويحتقر الأنبياء ويتعالي علي الله.. مشيراً إلي أن رئيس الدولة يحترم الأديان ويقدر مقدساته ومقدسات الآخر ولا يفرق بين أتباع الأديان.. وهذا هو صميم ديننا.. إذ لا يجب أن نسب مقدسات الآخر.. ولا نحتقره قال تعالي: "ولقد كرمنا بني آدم". أكد أنه يجب تغليظ عقوبات ازدراء الأديان.. بحيث تصل إلي المؤبد والإعدام. اكد د. صلاح أحمد عبدالرحيم أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بأسيوط أن الأديان كلها تدعو إلي عبادة الله وحده.. موضحاً أن ما جاء في قانون العقوبات من تجريم لازدراء الأديان يتوافق مع كل الشرائع السماوية.. وينبغي تغليظ العقوبات.. فالذي يهدم الأديان مثل الذي يهدم الإنسان.. فإذا كان القاتل يعاقب بالإعدام فإن هادم الأديان يستحق العقوبة نفسها.. وأشار إلي الضروريات الخمس: "حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض" التي أتت بها كل الملل. أضاف أن الله عز وجل جعل القتل عقوبة الاعتداء علي الدين أيا كان.. وشرع القصاص للحفاظ علي النفس. أكد د. عبدالفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة. أن المواد المجرمة لازدراء الأديان بقانون العقوبات أقرها نواب الشعب آنذاك بأغلبية ساحقة باعتبارها الضمانة الحقيقية للحفاظ علي استقرار المجتمع.. انطلاقاً من أن الأديان ورموزها المقدسة خطوط حمراء لا يجب الاقتراب منها باسم حرية التعبير. قال إن حرية التعبير المكفولة بالدستور منضبطة ومقيدة بعدم المساس بالثوابت المقدسة في نفوس المجتمع.. ولا يجوز باسم الحرية احتقار أي رمز ديني أو عقيدة أو أي مقدس عند أصحابه حتي لو كان هذا المقدس وضعيا.. فكيف بالأديان الإلهية والوحي السماوي المتمثل في الإسلام واليهودية والمسيحية.. موضحاً أنه إذا كانت حرية التعبير مكفولة للجميع فإن الحفاظ علي هذه المقدسات حق للمجتمع بأسره كفله الدستور أيضاً.. فما كان عاماً من مواد الدستور الممثلة لحرية التعبير خُصص بهذه الضوابط التي تحافظ علي المقدسات.. ومن ثم لا تناقض بين مادة تُرسي قواعد هذه الحرية ومادة أخري تجرم التجرؤ علي احتقار المقدسات والسخرية منها. أضاف أن قانون العقوبات بوضعه الحالي رادع لكل من تسول له نفسه ازدراء الأديان.. وإن رأي نواب الشعب التقدم بمشروع قانون جديد يغلظ العقوبات في ازدراء الأديان لكان ذلك أفضل حتي لا يفكر أي متطاول يستهويه الشيطان أو المغريات.. فيقع في المحظور ويستهزئ بالمقدسات. أكد د. أسامة نبيل المشرف العام علي مرصد الأزهر أن تحقير الأديان عندما يصدر ممن يعلم ماذا يقول وماذا يقصد.. من شخص واع. مثقف. عاقل.. يجب محاكمته بالقانون.. وإن صدر ذلك من شخص بسيط يجهل ما يقول يجب علينا مراجعته أولاً ومساعدته في فهم صحيح الدين وإذا استمر بعد ذلك.. وجبت محاكمته أيضاً. قال إنه يجب معاقبة من يزدري الأديان.. وتشدد العقوبات في حالة تكرار المخالفة.. موضحاً أنه بالطبع مع الإبقاء علي المواد المجرمة لازدراء الأديان في قانون العقوبات.. إذ لابد من ردع كل من يحاول هدم الدين.. مع الوعي بأن هناك فرقاً بين التحقير من الأديان والمقدسات والرموز الدينية.. وبين حرية التعبير.. فلا يجوز لأي إنسان ازدراء معتقدات الآخرين. أضاف أنه من حق صاحب أي دين أن يحظي باحترام الآخر وأن تحفظ له الدولة دينه ومعتقداته ومقدساته من الازدراء.. إذ لا يجوز عقلاً ولامنطقاً هذا التناقض.. يدعون إلي حرية التعبير في موقف.. ويتخلون عنها في مواقف أخري مع الوضع في الاعتبار أنه في بلد الحريات يحاكم من يتحدث عن اليهود والسامية بطريقة غير لائقة.. كما يحاكم في أوروبا من يسب رجل الدين.. مؤكداً أن حرية الفرد مقيدة بحقوق الآخر. أكد د. أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق. عضو مجلس النواب أن الإسلام حافظ علي الإنسان أيا كان معتقده.. قال تعالي: "لا إكراه في الدين" وقال عز وجل "ولقد كرمنا بني آدم" فلا ينبغي علي الإنسان أن يزدري غيره أو دينه أو مقدساته ومن هنا تأتي أهمية وجود تشريع قانوني يحمي الأديان من الازدراء.. موضحاً أن المسلم لا يتحمل أن يسخر منه أحد ولا يجوز له إسلامياً أن يسخر من أحد. أضاف أن القول إن ازدراء الأديان حرية.. مردود عليه بأن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة.. وأن الحرية تنتهي عند حقوق الآخرين.. وإلا تحولت إلي فوضي وثارت الفتن.. مؤكداً أن الحرية مقيدة بعدم ازدراء الآخر أو دينه أو مقدساته.. لذلك لابد من الإبقاء علي المواد التي تجرم ازدراء الأديان في قانون العقوبات. قال د. سالم السكري أستاذ التفسير بكلية أصول الدين بالقاهرة إنه لابد من الإبقاء علي المواد المجرمة لازدراء الأديان بقانون العقوبات.. بل ينبغي تشديد العقوبات حتي لا يكون هناك مجال للتطاول علي المقدسات الدينية.. فنحن مع الحرية المنضبطة بقواعد الشرع والفكر المنضبط بالتخصص.. إذ لا يجوز مثلاً لمن لا دراية له بعلوم القرآن والسنة أن يطعن فيها. تساءل: ماذا لو تم إلغاء عقوبات ازدراء الأديان؟!.. فرغم العقوبات هناك ازدراء للأديان! أشار إلي أن الله تعالي قد حمي المقدسات الدينية بقوله تعالي: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم".. وفي ذلك أمر إلهي بألا نسفه من عقائد الآخرين حتي لا تكون لهم ذريعة في سب معتقداتنا وتسفيه شرائعنا.