هبوط أسعار البترول إلي 30 دولاراً للبرميل بعد أن كانت 100 دولار هل هو نتاج ظهور بدائل أخري للطاقة كالزيت الصخري والغاز الصخري في دول الغرب أم مؤامرة لضرب اقتصاد دول الخليج التي تعتمد عليه بصورة اساسية أم بسبب تباطؤ النمو في الاقتصاد الصيني وانخفاض طلب الصين علي النفط بسبب اشتعال المنطقة بحروب وصراعات كبري بعد ظهور داعش الذي يقوم بسرقة البترول وبيعه بأسعار بخسة. أم نتيجة رفع الحظر عن إيران وقيامها بضخ كميات أسهمت في خفض الأسعار بصورة كبيرة أم بسبب سماح الكونجرس الأمريكي بتصدير النفط للخارج.. أم لهذه الأسباب مجمعة. "المساء" استطلعت آراء الخبراء حول أسباب هذا الانخفاض الحاد في أسعار البترول والآثار السلبية والإيجابية مع مصر خلال المرحلة القادمة. يقول د. مدحت يوسف "خبير بترول" إن انخفاض سعر البترول عالميا لمستوي 30 دولاراً بعد أن كان 100 دولار. سببه الصراع الدائم بين الدول الصناعية العظمي المستهلكة للبترول مثل أمريكاوالصين واليابان وكوريا وبين الدول المنتجة للبترول والغنية بموارد الطاقة فالدول المستهلكة للطاقة لا تنتج منها ما يضمن الوفاء باحتياجاتها فتلجأ إلي مؤامرات ضد دول الخليج المنتجة للبترول لضرب اقتصادها بخفض أسعار البترول. أوضح د. يوسف أن عام 2008 شهد أزمة مالية كبري في أمريكا بعد ارتفاع أسعار البترول لأرقام كبيرة حيث بلغ سعر البرميل 148 دولاراً وبسبب هذه الأزمة لجأت أمريكا إلي بدائل للطاقة باستخدام تكنولوجيات متطورة. مثل الغاز والزيت الصخري وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والإثيانول الوقود الحيوي. ونجحت أمريكا بالفعل في توفير مخزون هائل من تلك البدائل اغناها عن اللجوء للبترول منذ يوليو الماضي وهو ما ضرب أسعار البترول وفي المقابل لم تلجأ الدول المنتجة للبترول إلي خفض الإنتاج لتقليل المعروض والحفاظ علي أسعاره. كما أن دخول إيران علي الخط بعد رفع الحظر عن صادراتها وهي دولة منتجة للبترول زاد كميات المعروض منه ورفض السعودية والامارات المصدرة للبترول خفض إنتاجها مما أدي لهذا الانهيار في الأسعار العالمية للطاقة ولذلك الخوف من تباطؤ النمو في الصين وانخفاض طلبها علي البترول. أضاف أن مصر تستفيد من هبوط اسعار البترول بنسبة 100% حيث يؤدي ذلك لتوفير 40% من قيمة الوقود وهي فرصة لا تعوض لانها من الدول المستهلكة والمستوردة له ويمكن للحكومة استثمار ذلك بزيادة الاستثمارات ودعم الاقتصاد ودعم معامل التكرير لزيادة المخزون الاستراتيجي من الطاقة وهذا الوضع يقود إلي انفراجة في دعم الوقود الذي يتم رفعه بصورة تدريجية وتوقع أن السعر سوف يصل إلي 50 دولاراً للبرميل خلال الشهرين المقبلين وهو ما يسمي السعر العادل المتفق عليه بين الدول المنتجة والمستهلكة للبترول. يقود د. رمضان أبوالعلا "خبير هندسة بترول بجامعة قناة السويس" ان انخفاض اسعار البترول عالميا هي الموجة الرابعة حيث سبقته موجات أخري أعوام 1986. 2003. 2008 لكنة الانخفاض الأخير هو أكبر نكسة للاسعار. وفي كل مرة كانت الشركات العالمية تقوم بضخ استثمارات ضخمة في البحث والتنقيب فتتأثر الدول العربية سلبياً حيث يؤدي انخفاض السعر إلي صعوبة ضخه إلي امريكا وأوروبا.. وسماح الكونجرس الامريكي بتصدير النفط للخارج ورفض الدول المصدرة للبترول خفض انتاجها منه. اكد أن انخفاض سعر البترول له آثار سلبية وأخري إيجابية علي مصر التي تقوم باستيراد كميات كبيرة منه وسوف يؤدي الانخفاض إلي تقليل الضغط علي ميزانية الدولة خصوصا في ظل الاضطراب السياسي الذي شهدته مصر منذ ثورة يناير وهذا يقلل من الانفاق علي دعم الطاقة من 114 ملياراً إلي 35 ملياراً وهذا الفارق يذهب إلي مجالات أخري في الموازنة العامة وهو ما يحقق انفراجة ويقلل العجز في الموازنة. أضاف أما الآثار السلبية لخفض أسعار البترول فأهمها انخفاض المساعدات القادمة من دول الخليج لمصر وخصوصا السعودية التي تضخ بترولا بما يعادل 900 مليار ريال سنويا تقلصت إلي 400 مليار فقط حيث أثر هبوط الاسعار عليها سلبا بمعدل 60% ومن ثم فمن المتوقع استغناء المملكة عن كثير من العمالة المصرية لديها فضلاً علي أن الحكومة السعودية سوف تعيد النظر فيما تقدمه لمصر من منح وقروض ومشتقات بترولية.. الأمر ذاته قد ينطبق علي باقي دول الخليج التي تأثر اقتصادها سلباً وتراجعت أرباحها من مبيعات البترول. د. أمجد غنيم مسئول سابق بوزارة البترول يقول: ان مصر ليست متضررة من خفض أسعار البترول عالميا حيث أن فاتورة الدعم للمنتجات البترولية باهظة جداً وللأسف عندما كان سعر برميل البترول عالياً كان يكلفنا الكثير وكان يؤثر علي دعم المنتجات. أوضح أن انخفاض أسعار النفط يعود إلي شقين الأول أن امريكا قامت باستخراج غاز وزيت صخري من الصخور لديها وتكلفة استخراجه عالية تصل إلي 30 دولارا للبرميل الواحد وقامت بالاستعانة بشركات كبري وبدأت هذه الشركات مساعدتها في استخراج الزيت الصخري الذي استطاعت أن تكتفي منه وزاد انتاجها عن الحاجة وبالتالي انخفض استيرادها للبترول من دول الخليج لذلك هبطت الأسعار العالمية. أضاف أن الشق الثاني لانخفاض الأسعار فيعود إلي قيام السعودية والخليج بغلق الشركات فلو انخفض سعر البرميل فهذه الشركات سوف تقوم بالإنتاج بأسعار عالية ولن يكون أمامها خيار آخر سوي الإغلاق. يشير إلي أن هناك لعبة سياسية حيث ان الاقتصاد الروسي والإيراني سوف يتأثران بهذا الهبوط بعد رفع العقوبات عنهما والاتفاق النووي الا في الاغراض السلمية فقط بعيداً عن الاستخدامات العسكرية وهو ما سمح لطهران بضخ نحو 500 مليون برميل نفط يوميا. أيمن زكي رئيس مجلس ادارة التعاون للبترول: هناك اسباب كثيرة وراء تراجع أسعار البترول عالميا واهمها انخفاض الطلب عليه في الدول الأوروبية وأمريكا نتيجة استخراج النفط الصخري في امريكا الأمر الذي مكنها من الضغط علي دول الخليج اقتصادياً وايضا نتيجة الصراعات السياسية المشتعلة في بعض الدول مثل العراق وليبيا وسوريا وتحالف داعش مع تركيا جعل الأسعار تنخفض. يضيف أن سرقة المواد البترولية من العراق وليبيا بطرق مشروعة وغير مشروعة خفضت ايضا في البترول العالمي مشيرا إلي أن تكلفة دعم المواد البترولية في مصر سوف تتراجع لو استمرت اسعار النفط العالمية في التراجع الشديد خلال الفترة القادمة كما أن مصر سوف تلجأ لاستيراد كميات من المواد البترولية بمبالغ تقدر بنحو 1.3 مليار دولار شهريا وهذا الأمر يؤثر علي الاسعار. يسري شامل حمدي وكيل أول وزارة البترول سابقاً: ان تدهور اسعار البترول عالمياً وراءه استمرار التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط والحرب العالمية علي داعش والتي تدفع فاتورتها دول الخليج بمقدار مليار دولار سنويا حيث ان 90% من اقتصادياتها تعتمد علي إيراداتها من تصدير البترول ومشتقاته.