لا أدري كيف يلوذ البنك المركزي بالصمت في مواجهة التقارير الصحفية التي تتحدث عن قيامه بطباعة نحو 30 مليار جنيه دون غطاء لسداد التزامات الحكومة ومصاريفها ودفع أجور العاملين في الدولة رغم ما يمثله ذلك من خطورة علي الوضع الاقتصادي والاستقرار في البلاد. السكوت هنا ليس من ذهب.. وليس علامة صحية.. لأنه يعني مباشرة ان ما تحمله هذه التقارير صحيحا.. وأننا بناء علي ذلك مقدمون علي مرحلة صعبة وأزمات اقتصادية.. فليس خافيا ان طباعة النقود دون غطاء من الذهب أو حتي من النقد تؤدي الي زيادة معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية للجنيه وصعود هائل وغير منضبط للدولار وتخطيه جميع التوقعات التي كانت تعتقد ان حاجز ال10 جنيهات هو نهاية المطاف. سوف اكتفي هنا باقتباس رأي أثنين من كبار المتخصصين في الشئون الاقتصادية والمالية تضمنه التقرير المنشور في صحيفة "الدستور" يوم الاثنين الماضي 28/2/.2016 * المستشار أحمد خزيم رئيس منتدي القيمة المضافة والخبير الاقتصادي يؤكد ان اقدام البنك المركزي علي هذه الخطوة يساهم في تأجيج أزمة الدولار التي صنعها البنك بنفسه. علي حد قوله. بدءا من تقييد الايداعات والتحويلات ووصولا إلي زيادة الحد الأقصي. ما أثر سلبا في تدفق الاستثمارات المباشرة إلي مصر.. وينذر بتعطل المزيد منها في المستقبل.. فطالما لم تتم عمليات الطبع بناء علي غطاء نقدي فذلك يؤدي الي انهيار قيمة العملة المحلية.. والواضح ان البنك المركزي "استسهل" عملية الطبع لسد العجز في السيولة المطلوبة وهو ما يؤدي الي انفجار سعر الدولار. ويضيف المستشار خزيم انه كان يتم الاستناد الي غطاء الذهب في طباعة العملات. ومؤخرا اتفقت الدول علي الاستناد الي غطاء الدولارات.. وبطبيعة الحال يعاني الاحتياطي لدي مصر من انخفاض بلغ حد الخطر. خاصة في ظل وجود 6 مليارات دولار من اصل نحو 16 مليارا ودائع تملكها دول الخليج ويحق لها استردادها في أي وقت. كما تمثل هذه الودائع عنصرا ضاغطا علي القرارات السياسية.. واذا لم يتم اعداد قواعد الانتاج بسرعة من صناعات وتصدير فجنون الاسعار سوف يتواصل.. صحيح ان دوافع البنك المركزي ترجع الي حاجته لسداد التزاماته الداخلية من أجور ومستلزمات ومصروفات الحكومة.. لكن بنهاية الامر ترتكز خطورة طباعة النقود دون غطاء في احتمال انهيار الدولة اقتصاديا.. ويقود الي ما هو ابعد من أزمة اليونان.. وسيكون التصنيف الإئتماني لمصر في مهب الريح.. وسيتراجع حينها اذ يبني التصنيف بالاساس علي قدرة الدولة علي الوفاء بالتزاماتها الدولية.. وهو الامر الصعب في ظل توحش ازمة الدولار. * الدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الاسبق تؤكد ان طباعة النقود دون غطاء يمثل خطورة شديدة علي الاقتصاد.. اذ ان طباعة العملة يجب ان تخضع لقواعد علمية.. أولها ان تتم بنسب متساوية مع معدل النمو في الدولة.. مضافا اليه زيادة تتراوح بين 5.1:2% أما زيادة النقود المطبوعة فيؤدي الي ارتفاع التضخم بشكل مباشر.. وهذا يؤثر في معاملات الدولة مع الجهات الدولية.. نظرا لما يتسبب فيه من عدم استقرار بالعملة المحلية. يضاف الي ذلك ان تراجع القوة الشرائية للجنيه في ظل ثبات الاجور يمثل عبئا كبيرا علي المواطنين.. خاصة الطبقة الفقيرة التي يجب ان تحظي برعاية واهتمام كبيرين.. ولايمكن لنا ان نتصور ان يطبع محافظ البنك المركزي عملة زيادة عن النسب المحددة والمتعارف عليها دوليا دون موافقة الحكومة. والان .. ماذا يقول محافظ البنك المركزي؟!