سبق أن أكدت ومازلت أؤكد أن العلاقات المصرية السعودية يجب أن تسمو فوق أي خلافات جانبية أو مؤقتة.. وأثق أن القيادة السعودية وعلي رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تدرك يقينا أن قوام الأمة العربية وتماسكها رهن بقوة العلاقات بين القاهرة والرياض. وأن هذه النظرة لا تغيب أبدا عن تفكيرهم وتخطيطهم لعلاقات بلدهم العربية والاقليمية والخارجية. في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز تعرضت العلاقات بين البلدين لبعض التوترات.. ولكن سرعان ما عادت المياه إلي مجاريها بعد حرب 1967 مع إسرائيل.. واظهر القادة السعوديون معدنهم الأصيل في تجاوز هذه الخلافات. واعلانهم عن دعم مصر بكل قوة لتعود إلي مكانة الريادة ولتأخذ مكانها الطبيعي بين منظومة الدول العربية. وعندما وقعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل أيام الرئيس الراحل أنور السادات. وقطعت كل الدول العربية ماعدا سلطنة عمان علاقاتها الرسمية مع مصر.. لم تنقطع الاتصالات بين مصر والسعودية وبقي التعاون بين البلدين في جميع المجالات.. وحافظ الاخوة السعوديون علي اشقائهم المصريين العاملين في المملكة.. ولم نسمع وقتها أي شكوي لأي مصري من سوء المعاملة. من هنا فانني أستبعد تماما أن يكون للمملكة الشقيقة أي تدخلات في الشأن الداخلي المصري.. لأن الشعب السعودي وقادته لديهم عقيدة ثابتة في العلاقات مع الشعوب الأخري.. فكما أنهم يرفضون أي تدخل خارجي في شئونهم الداخلية.. فإنهم في الوقت نفسه لا يسمحون لأنفسهم أن يتدخلوا في شئون الآخرين. وعندما اعترف بعض السلفيين في مصر بأنهم يتلقون مساعدات من الخارج حددوا الدول التي تمدهم بهذه المساعدات.. ونفوا أن تكون السعودية من بين هذه الدول. وقيام بعض الأفراد في مصر برفع العلم السعودي بلونه الأخضر المميز في المظاهرات ليس دليلا علي أن السعودية وراء هذه الظاهرة. وإنما هو في رأيي تصرف شخصي من بعض الأفراد. إن لم يكن محاولة من بعض الجهات للوقيعة بين البلدين خاصة في هذه الظروف التي كثر فيها الحديث الإعلامي عن أن هناك شيئا ما في العلاقات بين البلدين. وبالأمس نقلت إلينا الأنباء من جدة والرياض أن مئات المصريين الموجودين في السجون السعودية يتوقعون بين لحظة وأخري صدور عفو ملكي عنهم وإعادتهم إلي مصر بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم. وهذه الخطوة إذا تمت ونرجو أن تتم فعلا فسوف تكون مبادرة ودليل حسن نية من المملكة الشقيقة بصفة عامة. ومن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بصفة خاصة تجاه الشقيقة الكبري مصر ولتؤكد بعد نظر القيادة السعودية في أن العلاقات مع مصر علاقات استراتيجية لا يمكن أن تتأثر بخلافات مؤقتة أو سطحية أو محاولات وقيعة مكشوفة. ننتظر نحن المصريين صدور العفو الملكي عن اشقائنا وشقيقاتنا المصريين والمصريات ليعودوا إلي أحضان أسرهم في هذا الشهر الكريم واثقين أن عاطفة الحب ذات الجذور التاريخية الراسخة التي يكنها أفراد الأسرة الملكية السعودية تجاه وطنهم الثاني مصر هي التي توجه بوصلة السياسة الحكيمة لهم. وأن مصر والسعودية كانتا ومازالتا وستظلان يدا واحدة لا تفرقها حتي الأنواء والأعاصير.