مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية أحد أهم المدن الصناعية المصرية منذ أكثر من نصف قرن خاصة في صناعة صهر وتشكيل الالومنيوم حيث تنتج حوالي 85% من حجم صناعة الأواني المنزلية بمختلف أنواعها وأشكالها ويخصص منها حوالي 20% للتصدير إلي دول أفريقية وعربية وعلي الرغم من ذلك فان هذه الصناعة تعاني خلال السنوات الاخيرة من بعض المشاكل التي تخنقها في مقدمتها معوقات للحصول علي رخص التشغيل إلي الحد الذي دفع نصف هذه المصانع إلي العمل بدون ترخيص ناهيك عن محاصرة الامن الصناعي بالمحاضر المبالغ فيها والتي أدت إلي الحكم علي البعض بالحبس وهروب البعض الآخر إلي المجهول بالاضافة إلي التأمينات والضرائب وعدم توفر القروض اللازمة لدفع الاستثمار وتطوير المنتج لمضاعفة طلبات التصدير الذي يحظي حاليا بفرصة عظيمة إلي دول الكوميسا إذا ما تدخلت الجهات الحكومية المعنية لدعم هذه الصناعة وتشجيع أصحاب المصانع. محمد العايدي نائب رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية يشير إلي ان مدينة ميت غمر قد عرفت طريقها للصناعة في أوائل القرن الماضي من خلال صناعة الاواني النحاسية التي اندثرت في مطلع الستينات ليحل محلها صناعة الالمونيوم ومع مرور الوقت حدثت طفرة في الجودة التصنيعية لهذه المنتجات أدت إلي تصدير ما يعادل 30% من انتاجنا إلي العديد من الدول الافريقية في مقدمتها السودان وتشاد والنيجر وافريقيا الوسطي واكولا واوغندا اضافة إلي دول شمال افريقيا تونس وليبيا والجزائر والمغرب. ونظرا لتراجع التسويق علي المستوي المحلي خلال الاعوام القليلة الماضية اصبحت المصانع تعمل بنصف طاقاتها الانتاجية ومن ثم فانه من المفروض الاستعاضة عن ذلك من خلال التوسع في عمليات التصدير علي اعتبار ان مصر قلب افريقيا وهناك اتفاقيات تجارية بيننا وبين دول الكوميسا التي تستوعب صناعات هندسية قيمتها "100" مليار دولار يخص مصر منها 1% فقط بينما تستحوذ الهند والصين علي نصيب الاسد وفي مجال الالمنيوم لدينا فرص عظيمة لدي هذه الدول شرط القضاء علي البيرقراطية التي تواجهنا فانا علي سبيل المثال اصدر لهذه الدول لانني اتحمل دور التصدير المعتدة التي لا احصل من خلالها علي مستحقاتي المادية الا بعد اربعة اشهر من التصدير وربما غيري لايتحمل ذلك.. يضيف المهندس العايدي أن صناعة الالمونيوم نتج عنها صناعات تكميلية لمعدات التصنيع والكارتون في قطع الغيار والبلاستيك وادوات التغليف ومن ثم فان هذه الصناعة تستوعب "100" ألف عامل منهم عشرة آلاف من أبناء محافظاتالغربية والقليوبية والقاهرة.. ففي الوقت الذي يوجد فيه حوالي 45 مصنعا لانتاج خام الالمونيوم نجد هناك اكثر من 300 ورشة تشكيل هذا المعدن. وفيما يتعلق بوقود التشغيل فقد تم تخصيص حصة ثلاثة آلاف اسطوانة لمصانع ميت غمر مصرف من احدي شركات تعبئة الغاز وبعد فترة فوجئنا بخفض هذه الكمية إلي النصف وهنا اضطر الناس للاعتماد علي سد احتياجاتهم الباقية من السوق السوداء ورغم مخاطره وتأثيره علي الدعم ويري ان حسم هذه المشكلة لن ينتهي بتوصيل الغاز الطبيعي للمدينة. يقول يحيي طه عابدين "صاحب مصنع" ان زيادة الاعباء تؤدي إلي انتاج الصناعات رديئة المستوي ولك ان تتخيل أن رخصة مزاولة المهنة يتطلب الحصول علي موافقات "56" جهة وكل منها تضع عراقيل اكثر من الاخري فنضطر للحصول علي رخصة مؤقتة وعند تجديدها تتلقفك عصابة استنزاف الاموال حتي تمنحك مدة اخري وبالتالي فان 50% من المصانع تعمل بدون تراخيص وحينما تقوم الرقابة الصناعية بالتفتيش عليها تحرر لها محاضر غلق وغرامات والتي تنتهي بالسجن وهناك 30% يعملون بتراخيص مؤقتة و 20% لديهم رخص دائمة. يضيف عابدين ان ميت غمر لا تكلف الدولة أي أعباء فنحن لا نحصل علي أية حصص من مصانع القطاع العام التي تحتاج إلي دفع القيمة كاملة قبل الاستلام باسبوعين في الوقت الذي نقوم نحن بالبيع بشيكات آجلة بعد ان اصبح المعروض أكثر من المطلوب ومن ثم لجأنا إلي اجراء عمليات صهر المعدن وتحويله إلي الواح من الالومنيوم بنسبة نقاء تصل إلي 99% وأدي ذلك إلي استيعاب قوي عاملة واتاحة فرص عمل اكثر للشباب وتشير إلي ان هناك مشكلة اخري تتمثل في التأمينات التي تحاصر المنشآت الصناعية بالشكل الذي يدفعك إلي الرغبة في عدم استكمال المشروع فتقوم بتحرير محاضر وحال التأخير في الدفع تفرض ضرائب مجمعة تصل إلي 24% ما أدي إلي تعسر البعض واشهار افلاسهم. وعلي نفس النهج يأتي دور القوي العاملة المعوق حيث يفاجئونا بتحرير محاضر عشوائية وبالتالي نحن نطالبهم بأن يساعدونا في توفيق الاوضاع وتوجيه صاحب المصنع بدلا من اسلوب المباغته واعلاننا بالجلسات عن طريق المحكمة..اضف إلي ذلك شركة الكهرباء هي الاخري التي لا تتورع عن تحريك الاسعار بشكل متواصل. وائل علام وكيل وزارة القوي العاملة بالدقهلية يشير إلي أن شهر ديسمبر 2014 كان قد شهد وقوع حادث انفجار انبوبة بوتاجاز في احد المسابك بمنطقة كفر النعيم بميت غمر وادي إلي مصرع خمسة من العمال ولم يكن مؤمنا عليه سوي عامل واحد فقط وهناك 28 منشأة صناعية في هذا المكان مقامه علي ارض زراعية دون ترخيص باستثناء منشأة واحدة فعرضنا الامر علي المحافظ في حينه فقرر اصدار قرار بغلقهم مع نقل جميع مفتشي الامن الصناعي هناك ونظرا للظروف الانسانية تم تأجيل قرار الغلق ومنح المصانع مهلة ستة اشهر لتوفيق أوضاعها والتأمين علي العاملين وقد انتهت هذه المدة في يوليو الماضي الا انهم أوضحوا اصطدامهم بعقبات مع التراخيص والضرائب وفي نفس الوقت هناك شكاوي عديدة من المواطنين بسبب الازعاج الواقع عليهم وعلي أي حال فان هناك اتجاه حاليا بأن يمنح المحافظ مصانع كفر النعيم مؤقتة لمدة 5 أعوام.. ولحسم هذا الموضوع وضع فكرة بتخصيص 23 فدانا بحوض تل المقدام كمجمع للصناعات رفع إلي مجلس الوزراء للحصول علي الموافقة والاعتماد اللازم لحماية اصحاب المنشآت من أي مطاردات ومن نفس الوقت يحقق الهدوء والراحة للمواطنين. عبدالرحمن الشهاوي رئيس مركز ومدينة ميت غمر يقول انه تم بالفعل ادراج مدينة ميت غمر ومصانعها ضمن خطة العام الحالي لتوصيل الغاز الطبيعي عن طريق مدينة زفتي التابعة للغربية التي تقع في الجهة المقابلة لميت غمر ويجري حاليا نزع ملكية الارض التي ستقام عليها المحطة هناك تمهيدا لاجراء عمليات التوصيل للغاز.. وبالنسبة للضرائب فقد قرر المحافظ مراجعة جميع ملفات المصانع وخاصة المبالغ فيها واعتماد المبالغ التي تتماشي مع الواقع الفعلي للدخول الخاصة بالمصانع والورش وذلك بالتنسيق مع مدير عام الضرائب العامة وبالنسبة للأمن الصناعي والقوي العاملة فبناء علي قرار المحافظ فلن يغلق أي مصنع تحت أي ظرف من الظروف من خلال مواجهة مشاكلهم بحلول واقعية غير نمطية مراعاة للبعد الاجتماعي وتشجيع هذه الصناعة علي المستوي المحلي ودفع عجلة التصدير.. كما اعددنا مذكرة بخصوص منح هذه المنشآت غير المرخصة رخصة مؤقتة لمدة سنة اسوة ببرنامج مشروعك الخاص بالشباب.. وعلي الجانب الآخر فان هناك عدة لجان بمقر الوحدة المحلية بميت غمر لمنح قروض لشباب الخريجين وأصحاب المنشآت الصناعية وقد بدأت في تلقي الطلبات منذ الخامس والعشرين من يناير وحتي الخامس عشر من فبراير حيث منح الصندوق الاجتماعي قرضاً قيمته مليوني جنيه وكذا برنامج مشروعك بينما تمنح إدارة شباب الخرجيين قروضا قمتها 10-20 ألف جنيه. أما حسام إمام محافظ الدقهلية فقد قرر تشكيل لجنة من الاجهزة المختصة لاعداد تقرير شامل بمشاكل المصانع المرخصة وغير المرخصة وكيفية مساعدتها.