"الأوبرا للخلف دُر" هذا الكلام سبق أن تناولناه علي صفحات الجريدة عام 2003 إثر إبعاد المايسترو أحمد الصعيدي عن منصبه كقائد أساسي لأوركسترا القاهرة السيمفوني والاستعانة بقائد أجنبي بدون مبررات فنية ومادية. منذ هذا اليوم تبادل القادة الأجانب علي الفريق الذي هبط مستواه الفني والجماهيري عما كان عليه وأصبحت الحفلات ذات القيمة الفنية نادرة في المواسم المتعاقبة.والآن التاريخ يعيد نفسه حيث بدأت حرب خفية ضد عودة المايسترو الصعيدي إلي السيمفوني بعد أن تقدم لشغل هذا المنصب ورشحته اللجنة المكلفة بالإجماع حيث تفوق علي خمسة من القادة الأجانب الذين تقدموا للمنصب وبهذا يكتمل مسلسل محاربة الكفاءات المصرية الذي ظهر مؤخراً حيث قدم المايسترو نادر عباسي قائد أوركسترا الأوبرا استقالة بسببه.. كما تم الاستغناء عن المايسترو المجتهد جورج بشري وها هو الصعيدي يواجه بشكاوي من بعض العازفين يستمع إليها مسئولو الدار وربما يشجعونها ومنها التشكيك في اللجنة والاعتراض علي قرارها.. ولأن أوركسترا القاهرة السيمفوني علامة حضارية هامة لمصر ورمز من رموز نهضتنا وكان هذا التحقيق الذي نخرج به عن طبيعة هذه الصفحة من تناول العروض بالنقد والتحليل ونفجر هذه القضية ونبحث في أركانها من أجل مستقبل مصر في مجال الفنون الموسيقية الجادة.. اللجنة التي شكلت لاختيار القائد وصدر بها قرار وزاري تكونت من ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة الأوبرا وهم د.فوزي فهمي ود.صبري الشبراوي ود.طارق شرارة ومن اثنين من المتخصصين الأكاديميين هم د.محمد حمدي الرئيس السابق للبيت الفني ود.حسن شرارة العميد السابق للكونسرفتوار ومن السيمفوني د.إيناس عبدالدايم وثلاثة من شباب العازفين. لماذا الاختيار؟ وبدأنا اللقاء مع بعض أعضاء اللجنة السؤال الذي طرحناه لماذا كان اختيارهم للصعيدي دون القادة الاخرين؟ قال د.طارق شرارة: نحن كأعضاء لجنة لا ننظر للأشخاص دائماً وإنما للأوراق التي قدمت إلينا أي السيرة الذاتية لكل قائد وبصراحة لم تكن هناك مقارنة علي الإطلاق بين الصعيدي والخمسة المتقدمين من حيث الكفاءة والمؤهلات العلمية والمستوي العالمي والخبرة العملية.. ويضيف شرارة تفوق الصعيدي بجدارة علي هؤلاء أما النقاط التي أثارها بعض العازفين الذين حضروا فكانت غير موضوعية وتم مناقشتها بحيادية تامة ويلتقط خيط الحديث د.محمد حمدي ويقول نقطة أخري وجدنا الخمسة الأجانب خبرتهم تنحصر في قيادة الأوبرا ولم يسبق لهم قيادة السيمفوني ويكمل حمدي ولاننكر أن الصعيدي لنا تجربة معه فارتقي السيمفوني علي يديه وسافر في جولات عالمية في مدن أوروبا كما أنه سجل بالفريق سيمفونيات بيتهوفن التسعة وكونشرتا البيانو بالإضافة لنشر موسيقانا القومية نسجل كونشرتو البيانو لعزيز الشوان وافتتاحية أوبرا أنس الوجود الصعيدي له أيادي بيضاء علي هذا الفريق ولكن رغم كل هذا إذا كان هناك من يفوقه من الأجانب المتقدمين كنت سوف أوافق عليه لأنني أتعامل مع أوراق أمامنا وسيرة ذاتية.. وأتعجب أن د.عبدالمنعم كامل يستمع للشكاوي الكيدية ولهذا الهراء.. أما د.حسن شرارة فيقول: بما إنني عضو في نقابة الموسيقيين لا أقبل أن يعتلي منصب أجنبي أقل كفاءة من المصري.. كما انني أتعجب الأمر وأبديت دهشتي منه هو أن هذا المنصب لم يتم الإعلان عنه وأن هؤلاء القادة من اليابان وهولندا وسويسرا وإسبانيا وإيطاليا تقدموا عن طريق علاقات شخصية مما يثير الشبهات ويضيف ولكن رغم هذا قمت مع أعضاء اللجنة بعملنا واختيارنا للصعيدي جاء علي أُسُس علمية واتفقنا أن نجتمع ليصاغ عقد الصعيدي أمام اللجنة وفق شروط اختصاصات القائد الأساسي المتفق عليه عالمياً ولكنني فوجئت أن هناك بعض أعضاء الأوركسترا اعترضوا واعترضوا علي وجودي أنا ومحمد حمدي بحجة أننا نعمل مع الصعيدي وهذا تشكيك لا نقبله كما أن عددا كبيرا من أعضاء الأوركسترا يعملون معه فهو قائد محترف ونحن عازفين محترفين وهذه مهنتنا وأتعجب من الموقف السلبي لرئيس الأوبرا تجاه هذا الموقف ولماذا لم يدعونا لكتابة عقد الصعيدي حتي الآن؟؟ الأوركسترا ومن داخل الأوركسترا كان اللقاء مع العازف تامر فهمي عازف الفاجوت وأحد المتميزين والذي أكمل تعليمه في سويسرا وعمل مع الصعيدي وأيضاً مع الأجانب يقول: المصلحة العامة بعد الثورة تحتاج لمايسترو مثل الصعيدي يعيد المكانة لهذا الأوركسترا.. نحن في حاجة إلي قائد نستفيد منه لأن كل الأجانب استفادوا من الأوركسترا وأقول بصراحة إن من يعترض لا يمثل الأوركسترا ويسعون للتحكم في الفريق بالإضافة ان الصعيدي يسير بالأوكسترا نحو العالمية وفق خطة محكمة وهذا لا نجده في قائد أجنبي بصراحة الأوركسترا يعاني من التسيب والتفكك ونريد قائدا حاسما وقويا مهنياً وهذا يتوفر في الصعيدي. آراء المتخصصين وفي استطلاع لرأي المتخصصين كان اللقاء من د.عواطف عبدالكريم تقول: المفروض في المرحلة الجديدة أن نؤيد العناصر المصرية خاصة إذا كانت متميزة وعلي مستوي من الكفاءة مثل الصعيدي.. ان أي بلد تهتم بكفاءاتها وتدعمها لأن ذلك سوف يعود عليها قيمة ثقافية كبيرة في العالم الخارجي.. وبالنسبة لرفض بعض العناصر أقول إن هؤلاء هم الكسالي الذين يخافون من حزم الصعيدي وحرصه علي الاتقان يريدون الأجنبي الذي لا يهتم بالبروفات وليس لديه الحس القومي لتطوير الأوركسترا.. وتستطرد د.عواطف: أقول هذا وهم جميعاً أبنائي ودرست لهم.. أنا أري أن هذا ضرب للكفاءات فالمايسترو نادر عباسي والصعيدي يحاربوا في مصر وتستفيد بهم البلاد العربية التي بدأت تهتم بالأوركسترا ونحن لنا الريادة في هذا. * هدي طعيمة الأستاذ بكلية التربية الموسيقية ومن المتابعين بدقة لنشاط السيمفوني نؤكد أن عودة الصعيدي تصحيح لخطأ كبير ارتكب في العهد الماضي لأن العودة للقادة الأجانب وتكاليفهم المادية الباهظة من تذاكر طيران ومرتب بالعملة الصعبة ضرب لتمصير السيمفوني والذي بدأ مع المايسترو الراحل أحمد عبيد وأكمله يوسف السيسي ثم الصعيدي الذي نفتقد برنامجه السنوي ذات الخطة الطموحة .. ومن بين مقاعد المتفرجين كان اللقاء مع عبدالرحمن نصار من كبار المتذوقين ومن رُعاة الأوبرا يقول: الصعيدي من المدرسة النمساوية وأنا أنظر إليه كمايسترو عالمي يتعامل مع السيمفوني والجمهور بأسلوب علمي ووفق تقاليد عالمية راسخة وعودته مكسب كبير للأوركسترا يجب أن تسعي الأوبرا إليه لأنها سوف تكسب كفاءة مصرية وأيضاً للجمهور وبالتحديد عشاق الموسيقي الذين هجروا الأوركسترا إلا من بعض الحفلات النادرة.. يختم الحديث القائد الشاب د.محمد سعد باشا المؤلف الموسيقي وقائد أوركسترا الساقية الوتري.. يقول: ما يحدث مهزلة.. الصعيدي ارتقي بالأوركسترا وأقام ورشة للقيادة وجميعنا استفدنا منه وكان في سبيله لخلق جيل ثاني من القادة المصريين وأنا شخصياً قدمني كقائد أي أنه يبني من أجل الوطن وتركه للسيمفوني كانت مؤامرة من سمير فرج ومن النظام البائد والثورة تعني عودته والحرص عليه أما من يحاربونه فهم أصحاب مصالح شخصية ولا يهمهم الأوركسترا ولا الموسيقي الجادة. إهداء وأخيراً: هذا التحقيق أهديه لوزير الثقافة الذي مازلت أصر أن رياح الثورة لم تهب علي وزارته وقطاعاتها والدليل ضرب الكفاءات المصرية وإبعادها والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل يعود الصعيدي للسيمفون؟؟ وكذلك نادر عباسي وجورج بشري.. هذا السؤال سوف نري اجابته في الأيام القادمة.