قلنا إن الأمن المركزي يجب أن تكون له قيادة مستقلة وتبعية محددة بعيداً عن وزارتي الداخلية والدفاع.. قالوا لنا اطلعوا من البلد!! وقلنا إن الأمن المركزي بشكله الحالي وهيكله الغريب عبارة عن "طبق سلطة" حيث إنه يتبع وزارة الداخلية وقياداته ضباط شرطة في حين أن جنوده من المجندين المنتدبين من الجيش.. قالوا لنا إن هذا الكلام تخاريف صيام رغم أن رمضان لم يهلّ بعد!! الآن.. ظهرت "الرؤية" بدري وتأكد أن ما قلناه لا يستحق النفي ولا هو تخاريف صيام بل حقيقة تحتاج إلي الدراسة واتخاذ القرار السياسي الجريء والسريع والحاسم. بعد جمعة القصاص.. خرج بيان من رئاسة الوزراء يعلن في أحد بنوده السبعة اتخاذ قرار بإنهاء خدمة ضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين. في اليوم التالي.. بدأ التذمر في العديد من قطاعات الشرطة اعتراضاً علي هذا البند من البيان. أمس الأول الأحد.. أعلن الأمن المركزي في قطاع القناة وسيناء ومقره الإسماعيلية حالة العصيان وهَمَّ أفراده بقطع الطريق الدولي ثم تراجعوا عن ذلك حتي لا يضار الشعب لكنهم رفضوا التوجه إلي المدينة الحرة لتأمين إحدي مباريات كرة القدم في الدوري.. كما رفض جنود الأمن المركزي في سندوب بالمنصورة وجمصة بمركز بلقاس بالدقهلية الخروج من ثكناتهم لتقديم الخدمات الأمنية. وبالأمس.. نسقت قطاعات الأمن المركزي علي مستوي الجمهورية مع بعضها ومع الائتلاف العام لضباط الشرطة للاعتصام أمام وزارة الداخلية وتنفيذ اضراب عام!! الموضوع بهذا الشكل أخذ منعطفاً خطيراً.. ويبدو أننا ننسي ونتعامل مع الأمور بالبركة وبنفس الأخطاء دون أن نتعلم منها. لو كنا قد أعدنا هيكلة هذا الجهاز وغيرنا تبعيته بعد حركة التمرد التي نفذها قطاع الهرم في عهد الوزير أحمد رشدي واحترقت خلالها الفنادق والملاهي والمحلات التجارية بطول شارعي الهرم وفيصل.. ما كنا قد وصلنا إلي ما نحن فيه الآن. الأمن المركزي يعتبر الإطاحة بكل القيادات مجزرة غير مبررة وغير قانونية حيث لم تثبت تهمة قتل المتظاهرين علي أي منهم بحكم قضائي بات.. رافضين أخذ الناس بالشبهات ويطالبون بالانتظار لأحد الأجلين: إما خروج القيادات للمعاش أو إدانتهم كلهم أو بعضهم قضائياً. لكن.. الضغوط شديدة وعنيفة علي رئيس الوزراء الذي يضغط بدوره علي وزير الداخلية لتنفيذ مطالب الثوار. هنا.. لابد من نقطة نظام ثلاثية الأبعاد: الأولي هي البدء بجدية وفوراً في إعادة هيكلة وتبعية الأمن المركزي. والثانية محاسبة كل من يخرج علي النظام العام من أفراد الأمن المركزي و يعرض الأمن القومي لأخطار. والثالثة "وقف" كل المشكوك في تورطهم في قتل المتظاهرين عن العمل حتي يتم الفصل قضائياً فيهم مع تسريع المحاكمات لتبرئتهم أو إدانتهم وحتي تهدأ النيران في صدور أسر الشهداء.. فإن تمت تبرئتهم عادوا إلي أعمالهم وإن أدينوا خرجوا تلقائياً من الخدمة.. وهو إجراء قانوني مائة في المائة ومعمول به فعلاً. لكن.. أن يبقوا علي كراسيهم وهم متهمون.. فهذا لا يجوز.. لايجوز.. لايجوز.