يجب أن نفصل تماماً بين مهام وتكوين وتبعية الأمن المركزي الآن ومدي سلامة ذلك من عدمه وبين الدعوة الخبيثة جداً لأن يكون هذا الجهاز تابعاً للقوات المسلحة بالذات. الأمن المركزي بوضعه الحالي يحتاج إلي إعادة هيكلة وهذا لاشك فيه ولنا أسبابنا المنطقية والواقعية التي تدفعنا للمطالبة بذلك. لكن.. نرفض تماماً سحب تبعيته من الداخلية واسنادها للقوات المسلحة.. ولنا ايضا اسباب جوهرية لذلك. * * * نعلم جميعاً.. أن الأمن المركزي مهمته التدخل في أوقات الفوضي والاضطرابات للحفاظ علي أمن الجبهة الداخلية..كما حملوه ايضا بمهمة حماية الملاعب خلال المباريات وكأن الشرطة ناقصة تصادما مع الشعب. والأمن المركزي يتبع فعلياً وزارة الداخلية.. وهو عبارة عن "طبق سلاطة".. إذ أن ضباطه وقياداته من رجال الشرطة وافراده من المجندين بالقوات المسلحة المنتدبين لهذا الجهاز الشرطي.. كيف؟.. لا أدري. والأحداث التي مرت وتمر بها البلاد الآن تدفع الأمن المركزي الي التدخل لفض المظاهرات والاعتصامات.. ولأنه جهاز شرطي كما قلت وهناك مرارة مازالت في حلوق الناس من الشرطة.. فإن أي مواجهات ولو كانت بالأيدي أو حتي بالميكروفونات سرعان ماتتحول تلقائياً الي صدامات دموية.. وبالتالي.. لابد من تغيير التبعية واعادة تسمية وهيكلة الجهاز بشكل جذري. من الممكن أن يسمي الحزب الوطني أو جهاز مكافحة الشغب أو الأمن الداخلي أو أي مسمي آخر مثلما هو موجود في كل الدول الديمقراطية. ومن الممكن أن يكون أفراد هذا الجهاز من المتطوعين أو من المكلفين علي طريقة الخدمة العامة ممن لايجوز تجنيدهم ويحصلون علي مرتبات مجزية تجذبهم للعمل.. وأن تكون قياداتهم من المدنيين وليس العسكريين. ومن الممكن أن يتبع هذا الجهاز رئيس الجمهورية شخصياً أو نائبه بعد الانتخابات أو رئيس الوزراء أو نائبه.. وليس الداخلية أو القوات المسلحة. * * * إذا كان طلب ابعاد هذا الجهاز عن الداخلية له اسبابه المعروفة للكافة والتي ذكرت بعضها آنفاً.. فإن اصرارنا علي رفض تبعيته للقوات المسلحة له أيضاً اسبابه وفي مقدمتها ضرورة ابعاد الجيش عن الصدام مع الشعب. أري أن طلب نقل تبعية الأمن المركزي للقوات المسلحة هو دعوة خبيثة جداً لتوريط الجيش ومحاولة الوقيعة بينه وبين الناس. ليس من مهمة الجيش تفريق المظاهرات والاعتصامات وحفظ النظام في ملاعب الكرة ومطاردة الجماهير المنفلتة.. وقد حافظت القوات المسلحة علي المساحة العريضة من الحب والاحترام مع الشعب ولم تطلق رصاصة واحدة تجاه أي مواطن منذ انشاء الجيش في عهد محمد علي الكبير حتي اليوم. لقد حاول بعض الخبثاء جر رجل الجيش للصدام مع الشعب بأكثر من طريقة وفشل بجدارة.. والآن يحاول ثانية من خلال "منفذ" الأمن المركزي وسوف يفشل ايضا وبنفس الجدارة. يا هذا ويا ذاك.. الجيش هو خط الدفاع الأول عن الوطن والمواطن.. ولن يستطيع أحد "نسف" هذا الخط أبداً.