مجلس القضاء الأعلى يقر مشروع الجزء الثاني من الحركة القضائية للعام القضائي 2024/ 2025    حزب العدل يشيد بتعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية    وزير الزراعة يزف بشرى سارة لمزارعي قصب السكر والبنجر    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. اليوم 10 سبتمبر 2024    جوتيريش: الموت والدمار في غزة هو أسوأ ما شاهدته خلال فترة ولايتي    عائلات كاملة اختفت، ارتفاع ضحايا مجزرة مواصي خان يونس إلى 40 شهيدا وأكثر من 60 جريحا (فيديو)    مجزرة إسرائيلية فى خيام النازحين بمواصى خان يونس تسفر عن عشرات الشهداء والمفقودين    الجيش الإسرائيلي يعلن إيقاف قافلة تابعة للأمم المتحدة شمال غزة    تبادل إطلاق نار بين حرس الحدود الاسرائيلي ومهربين في صحراء النقب    مجزرة خان يونس.. إسرائيل تُعلن القضاء على 15 عنصرا من حماس    الكومي: منتخب مصر رفض تأجيل مباراة بوتسوانا.. ووصلنا لحل وسط مع كاف    مصدر ليلا كورة: كهربا يعتذر عن عدم الحضور للتدريبات.. والأهلي يطبق اللائحة    داري خرج من الإحماء مصابًا.. رائعة دياز تقود المغرب لهزيمة ليسوتو (فيديو)    لحظة إصابة أشرف داري مع منتخب المغرب| فيديو    انتشال جثة فني ماكينات أسفل عقار الزيتون المنهار (صور)    لماذا يعد آيفون 16 برو ماكس الأفضل على الإطلاق؟    مصرع شخصين وإصابة 11 آخرين فى حوادث طرق    «من حقك تعرف» .. هل يجوز وضع شرط بعدم التعدد فى وثيقة الزواج؟    مستشفى الرياض المركزي.. صرح طبي عملاق في كفر الشيخ| صور    إصابة سيدة في حريق هائل بمخزن كاوتش بمركز اطسا بالفيوم    ارتفاع في درجات الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء    البطل الأولمبي محمد السيد: صلاح ورونالدو الأفضل وهاخد شوبير في ماتش خماسي    عاجل - الجنيه ينتفض أمام الدولار في البنوك.. كم سعر العملة الِأمريكية الآن؟ (تحديث جديد)    «طبيب مزيف» يجري جراحة مستعينا بمقاطع «يوتيوب».. والنهاية مأساوية    وزير الزراعة عن أسعار البطاطس والطماطم: مصر الأرخص في العالم.. ولا زلنا ندعم الخبز والبنزين    محمد الأتربي: تغييرات مرتقبة في المناصب القيادية بالبنوك الحكومية (فيديو)    بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.. ننشر حركة قيادات النيابة العامة    مفاجأة في عيار 21 الآن.. ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 بالصاغة    هنغاريا تعتزم تحويل مساعدات دفاعية إلى تشاد بدلا من أوكرانيا    وجبة فاسدة.. العناية الإلهية تنقذ عمال مصنع بأكتوبر من الموت    إخلاء سبيل صاحبة إعلان ميلودي من قسم أكتوبر    "أول ممثل أفريقي جسد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية".. 10 معلومات عن الراحل جيمس إيرل جونز    هل طلبت زوجة عصام صاصا خلوة شرعية معه في السجن؟.. فيديو توضح ما حدث    شيرين توجه رسالة لجمهورها بعد الفوز بجائزة غنائية.. ماذا قالت؟    17 سبتمبر.. عودة أسبوع الأفلام فى معهد جوته القاهرة والإسكندرية    برج الدلو.. حظك اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2024: حل مشكلات الماضي    أيمن الشريعي: سأترشح على منصب رئيس الرابطة    أوقاف الفيوم تحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف من المسجد الكبير بالصعيدي    إبراهيم نور الدين: الكاميرا بتحبني..« ولا أبحث عن الشو»    "مصر ضد بتسوانا".. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    أنجولا تتصدر المجموعة السادسة بالفوز على السودان 2-1    مواعيد وخطوات الكشف الطبي للطلاب المستجدين بجامعة بنها 2024-2025    حققوا أموال طائلة.. تفاصيل إحالة عدد من منتجي البيض للنيابة بتهمة رفع الأسعار    حدث بالفن| موقف محرج لابنة نجمة وثري يعرض على فنانة مرتب شهري وأول تعليق لبدرية طلبة بعد العملية    سامح قاسم يكتب: سيد درويش.. من ألحان الفقراء إلى صوت الشعب    شارك صحافة من وإلى المواطن    على باب الوزير    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بأسواق المنشية للأسبوع الثاني    سعاد صالح: لا يجوز للزوج أن يأخذ مليمًا واحدًا من زوجته إلا بإذن    سعاد صالح توضح حكم ارتداء الشباب للبناطيل المقطعة -(فيديو)    «البياع» رئيساً للمكتب الفني و «أبو زيد» مديراً لإدارة التحفظ    تعرف على فوائد تناول الأسماك يوميًا لمرضى السكري    تضم أدوية ضغط وسكر وأورام.. ضخ 113 مليون عبوة جديدة للصيدليات    سامح حسين يعود إلى الشاشة الصغيرة ب "برامودا"    جائز بشرط.. الإفتاء توضح حكم إقامة مجالس الذكر في المساجد والجهر بها    رمضان عبد المعز: الصلاة تمحو الذنوب وتخفف الأعباء عن المؤمنين.. فيديو    وكيل صحة الدقهلية: تكثيف الدورات التدريبية للعاملين بالقطاع الصحى    «التعليم» تصدر كتابًا دوريًا لتنظيم إجراءات صرف المقابل المادي لمعلمي الحصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عل صوتك بالغنا".. كتاب صغير الحجم .. كبير الفائدة
نشر في المساء يوم 17 - 05 - 2015

"علي صوتك بالغنا" كتاب للدكتورة رانيا يحيي الأستاذة بأكاديمية الفنون وعازفة الفلوت بدار الأوبرا المصرية.. والعنوان اسم لأغنية مشهورة للفنان محمد منير.
الكتاب الذي يقع في 72 صفحة يقدم تحليلاً لدور الاغنية الدرامية في الأعمال السينمائية التي شارك فيها المطرب النوبي الملقب "بالملك".. ويتضمن كذلك توصيفا علميا أكاديمياً لعلاقة الفن السابع بالطرب والمطربين الذين لعبوا أدوار البطولة في السينما المصرية منذ بداية ظهور أولي الافلام السينمائية المصرية!
الكتاب برغم صفحاته المحدودة يقدم فائدة ومتعة غير محدودة بالنسبة لعشاق السينما وللنقاد علي حد سواء.. بصورة أخص بالنسبة لعشاق المطرب محمد منير الذي شارك في بطولة 12 فيلماً سينمائياً وتلفزيونيا منها أفلام تدخل ضمن أفضل الانتاج السينمائِي المصري مثل فيلم "حدوته مصرية" "1982" ليوسف شاهين و"الطوق والأسورة" لخيري بشارة..
لعبت الاغنية الدرامية دورا مهما في تشكيل وعي الجمهور" بهذا السطر تبدأ المؤلفة "مقدمة" الكتاب إذا تضع خطا واثقا تحت عنصر أساس من عناصر الترفيه السينمائي مثلما يلعب الفيلم دورا في توطيد العلاقة بين المطرب ومريديه حيث اقترن الغناء بالسينما مع باكورة دخول الصوت إلي السينما وحتي وقتنا هذا فلا يخلو فيلم من الأفلام المصرية من مطرب واغنية حتي صار الفيلم هو الوسيط الذي يتكئ عليه المطرب في الوصول إلي الناس..
وهناك فارق كبير بين الاغنية الدرامية التي تدخل في بناء الفيلم الدرامي. وتصبح خيطا رئيسيا في نسيجه الفني كما يوضح الكتاب وبين الاغنية المحشورة حشرا لزيادة جرعة الترفيه الاستهلاكي.
محمد منير واحد من أهم الأصوات علي الساحة الفنية بلونه الغنائي المنفرد الذي ينتمي لاهالينا الكرام بأرض النوبة.. وتعتبر القومية النوبية التي يتحلي بها منير من أجمل خصائص صوته المميز الذي يحمل عبق التراث بامتداد جذور نهر النيل.. بالإضافة إلي أن هذا الصوت يتمتع بحالة من الدرامية في ادائه لكل ما يشدو به دون شريطة وجود الأغنية داخل السياق الدرامي. بمعني أن اسلوب ادائه للاغنيات يتسم بالدرامية الشديدة التي تخاطب عقل ووجدان المتلقين بصدق احساسه وروعة تعبيراته ليخرج لنا لوحة غنائية تضاف لمعرض لوحاته الغنائية شديدة الثراء..
وفي نهاية "المقدمة" تطرح المؤلفة سؤالا مهما: هل كانت الأغنية الدرامية في عمر محمد منير الفني الذي يقارب الأربعة عقود مجرد ظهور عابر يمر دون أثر أم أنه سيظل هو نفسه علامة من علامات الغناء الدرامي؟؟
وفي إجابتها المطولة علي هذا السؤال تستعين الدكتورة الاكاديمية بخبرتها ودراستها العلمية للموسيقي في الكشف عن خصائص الغناء النوبي بملامحه واستخدامات ايقاعاته المركبة. التي تعتمد عليها الاغنيات والرقصات الفردية والجماعية. وفي القاء الضوء علي المقومات التي ينفرد بها اللون الغنائي الذي يقدمه ابن اسوان محمد منير الذي ولد عام 1951. والذي منحه الله موهبة غنائية متميزة استطاع أن ينفذ من خلالها إلي جمهور عريض من أقصي جنوب مصر إلي شمالها.
وتتناول الكاتبة دور الصدفة في حياة منير وكانت عنصرا مهما في بداية مشواره الفني عندما التقي مع مؤلف الاغاني الجنوبي مثله عبد الرحيم منصور الذي أعجب بصوته وقدمه إلي الملحن النوبي الشهير أحمد منيب الذي فتح له طاقات الابداع وتعاونا معا في مجموعة كبيرة من الاعمال شكلت رحلة نجاح بدأت ولم ولن تنتهي.
وتؤكد الدكتورة الاكاديمية عازفة الفلوت أن محمد منير يعتبر قائد ثورة التغيير في الأغنية المصرية من حيث هي مصدر الهام لكل جديد. كما حمل صوته من التناقضات التي تجمع بين الأصالة الممتدة لحضارة الماضي ومعاصرة المستقبل وأيضا المزج بين سحر الشرق وحرفية الغرب.. وتقول:
"إن محمد منير ليس مجرد مطرب. ولكنه فنان مبدع فرضت اختياراته اللحنية نفسها علي الوسط الفني . وكذلك عبرت أغنياته التي كان ينتقي كلماتها من المخزون العقلي الحقيقي لكل سامع مع اختلاف بيئته وظروفه وثقافته. بجانب ما يتمتع به صوته من جمال. فكان هو أكثر مطرب علي الساحة إلماما ببواطن السياسة التي تناولها في أغنياته بشكل غير مباشر. وكذلك القضايا الفلسفية التي إحتوتها جنبا إلي جنب مع الأغنيات العاطفية والاجتماعية كاحتياج فني حقيقي لدي العامة لذلك وصل إلي قاعدة عريضة من الجمهور العربي في وقت قصير حتي أصبح هو "الملك" في نظر معجبيه.
ومنذ أن طرح محمد منير نفسه علي الجمهور في اواخر السبعينات وحتي الآن وهو مستمر بلون مميز وفريد ولم يستطع مغن آخر السير علي نهجه بهذا الاحتراف والابداع والتجديد من حيث التوفيق في اختيار الكلمات واللحن بجانب موهبته الربانية.
ومن أهم مميزات مؤلفة هذا الكتاب أنها تعين القارئ علي استيعاب التحليل العلمي الاكاديمي للموضوع الذي اختارته. فتجعل متعه القراءة مركبة فنحن أمام ظاهرة جماهيرية كاسحة تتمثل في مطرب نستمتع باغانيه ولكننا لا نتوقف أمام تصنيف طبقة صوته وطبيعته وسط الأصوات الرجالية حيث تنقسم اصوات الرجال إلي ثلاث طبقات متدرجة من الحدة إلي الغليظة وهذه الطبقات هي "التينور" التي ينتمي اليها صوت محمد منير. ثم الباريتون واخيراً الباص.."
وعن سمات الغناء النوبي المتأصل في صوت منير يقول: أثرت البيئة النوبية التي نشأ فيها منير وامتدت جذوره اليها علي اختياراته الغنائية واسلوب غنائه الذي يمثل حالة ابداعية فريدة لم يستطع مغن آخر مضاهاتها في منطقة النوبة التي تمتد حدودها الجغرافية من السودان جنوبا وحتي اسوان شمالا.
ويعتبر الغناء والرقص النوبي أحد اهم مميزات الثقافة الشعبية النوبية التي تتسم بالمحافظة علي تقاليدها التي تميزها عن غيرها من ثقافات المنطقة ككل.
ومحمد منير حسب معطيات الكتاب ومادته الموضوعية الفنية ابن شرعي طبيعي للثقافة الشعبية النوبية التي تعتبر الموسيقي والغناء النوبي أهم مقوماتها والتي تمتلك خصائص فريدة منها جدية الموضوعات التي تساير جميع المناسبات الدينية والاجتماعية والسياسية والتي تعتمد بشكل أساسي علي الصوت البشري بدلا من الآلات والتي تقتصر عندهم علي آلة الطنبورة الوترية ذات الخمسة أوتار وآلة الطار الايقاعي وآلتي النفخ الخشبيتين الشرقيتين الطابع "الكوله والسلامية".
وبسبب الخصائص الدرامية المميزة لصوت محمد منير أصبح ضمن أكثر المطربين الذين حققوا نجاحا من خلال الدراما. وأكثرهم جدية في اختياراته للأفلام وموضوعاتها وفي اختيار كلمات الاغنيات التي تنطوي علي قيمة فكرية ومضمون ومستوي تعبيري ولفظي حاد يبتعد كل البعد عن الابتذال الذي عهدناه في العقدين الأخيرين تحديداً وتتناول المؤلفة بالتحليل رصيد محمد منير كممثل ومطرب في 12 فيلما سينمائيا حيث عمل مع يوسف شاهين الذي قدمه في أول فيلم سينمائي في مشواره كممثل وهو فيلم "حدوته مصرية" 1982 وبعده "اليوم السادس" 1986 ثم "المصير" "1997"..
يوسف شاهين بحاسته الدرامية المرهفة وجد في محمد منير المطرب حالة ابداعية قد لا تتوفر في مطربين آخرين وأغنية الفيلم تمثل - المفروض.. البناء الوجداني والفكري والفلسفي والشحنات العاطفية التي يمكن أن يستخلصها المشاهد من الفيلم وتعتبر ضمير كل المصريين
وإلي جانب الدور الذي لعبته الاغنية الدرامية في افلام يوسف شاهين ساهم منير بأغنياته في اثراء افلام لمخرجين مجددين مثل خيري بشارة في "الطوق والاسورة" "1986" ويوم حلو ويوم مر "1988" ومع انعام محمد علي في "حكايات الغريب" "1992" ويوسف فرانسيس في فيلم "البحث عن توت عنخ أمون" وجوسيلن صعب في فيلم "دنيا" 2006 وخاله الحجر في فيلم "مفيش غير كده" 2007 ومع محسن محيي الدين في "شباب علي كف عفريت" "1990" وعلاء كريم في فيلم "اشتباه"
قراءة التحليل القيم لدور الاغنية في هذه الاعمال والكلمات المختارة وانواع الآلات الموسيقية المستخدمة للتعبير عن المواقف الدرامية والحالة الدرامية التي عبر عنها محمد منير بصوته .. هذه القراءة التي قدمتها الدكتورة رانيا يحيي تجعلك متشوقاً لمشاهدة ثانية أو ثالثة لهذه الاعمال حتي يزداد وعيك بأثر الاغنية ودور المطرب في تعميق الحدث الدرامي وابراز معانيه مثلما تزداد قدرتك علي التمييز بين مطرب لا غني عنه وآخر يتم اقحامه في سياق العمل دون ضرورة درامية..
** الكتاب يعتبر ضمن أفضل ما قدمته الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما في مهرجان الاسكندرية الاخير .2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.