تشارك عازفة الفلوت الشهيرة والناقدة الموسيقية الدكتورة رانيا يحيى فى مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى فى دورته الثلاثين هذا العام بكتاب عن صوت النوبة الأسمر محمد منير. وتقول د.رانيا فى مقدمة الكتاب إنها اختارت «منير» لما يتحلى به من قومية نوبية وما يحمله من عبق التراث وجذور نهر النيل الممتدة من أعماقه، مع تداخل الصدق والإحساس فى نبرة صوته، والتى جعلت منه فناناً حقيقياً بلونه الجديد الذى عشقه أبناء جيله والأجيال الشابة الأكثر حداثة ، واستطاع أن يمس جيلاً كاملاً بألحان ذات نكهة جديدة مغايرة للشكل التقليدى للأغنية الطربية ،كما حمل صوته بعض التناقضات التى تجمع بين الأصالة الممتدة لحضارة الماضى ومعاصرة المستقبل، فضلاً عن المزج بين سحر الشرق وحرفية الغرب. وتناولت الباحثة طبيعة صوته المميز الذى ينتمى لصوت التينور أحد طبقات الأصوات الرجالية ، بالإضافة لطبيعة صوته ذى الأبعاد الفلسفية الكامنة والتى تثير لدينا مشاعر الحب والأمل والترقب والحزن الدفين والانتظار وغيرها من القضايا الفلسفية الإنسانية التى تشغلنا جميعاً ولكن هذا من خلال الاثنى عشر فيلماً الذى شارك منير فى بطولتها وهى: «حدوتة مصرية» عام 1982 إخراج يوسف شاهين اليوم السادس عام 1986 إخراج يوسف شاهين الطوق والأسورة عام 1986 إخراج خيرى بشارة «يوم مر ويوم حلو» عام 1988 إخراج خيرى بشارة «شباب على كف عفريت» عام 1990 إخراج محسن محيى الدين اشتباه عام 1991 إخراج علاء كريم «ليه يا هرم» عام 1991 إخراج عمر عبد العزيز «حكايات الغريب» عام 1992 إخراج إنعام محمد على «البحث عن توت عنخ آمون» عام 1997 إخراج يوسف فرانسيس «المصير» عام 1997 إخراج يوسف شاهين «دنيا 2006» إخراج جوسلين صعب «مفيش غير كده» عام 2007 إخراج خالد الحجر. كما عقدت الدكتورة رانيا يحيى مقارنة بين محمد منير وأبناء جيله للوصول لأسباب تميز منير واحتفاظه بمكانته على الساحة الفنية ، لافتة إلى أن الأغنية الدرامية ساهمت فى استمرارية تألقه وإبداعه عن غيره ،واعتبرت أغنياته الدرامية سبباً مباشراً لنجاح بعض الأفلام بدليل أن الأفلام التى لم تتميز فيها أغنياته الدرامية لم يحظ الفيلم ذاته على نفس الجماهيرية التى وصلت إليها أغنياته التى حصلت على قبول شعبى كبير وكانت أحد عوامل النجاح. وأشارت مؤلفة الكتاب إلى تأثره بالطابع النوبى الذى يعتمد على آلات الدفوف الإيقاعية فى التراث النوبى وهو من أكثر الآلات المستخدمة فى أغنيات منير، والتى أضفت انطباع القومية النوبية على أعماله ، لافتة أيضاً إلى ما كان للهجة العامية من أثر فى قرب أغنياته من الجماهير مع اختلاف الأعمار والأجيال وحتى الثقافات والبيئات ، وتشبع أغنياته الدرامية بمضامين هادفة ذات رؤى فلسفية وأبعاد إنسانية لها أثر إيجابى فى المجتمع. وقالت إن من أكثر أغنياته الدرامية شهرة «حدوتة مصرية»، على صوتك بالغنا ،بعد الطوفان انتى ابتديتى واديتى ،توت توت ،غريب ، يوم الرحيل، فين السعادة ..علاوة على هذا مشاركته مع المخرج العبقرى يوسف شاهين فى ثلاثة أفلام هم حدوتة مصرية ،اليوم السادس ،المصير.. وأيضاً فيلمين مع المخرج الكبير خيرى بشارة يصنفان فى الاستفتاءات ضمن أفضل مائة فيلم فى السينما المصرية وهما يوم مر ويوم حلو، الطوق والأسورة. وكشفت رانيا يحيى أن «منير» يعتمد فى كثير من الأحيان على الارتجال والابتكار، ويميل إلى الاحتفاظ بالغناء فى منطقة صوتية محددة وهى سمات تتعلق بمدى تأثره ببيئته النوبية، وتأثيرها على أسلوب أدائه والذى استمر محتفظاً به ومميزاً له . وقالت:» نجد فى أغنياته السلم الخماسى الذى يعد أحد السمات الهامة للغناء النوبى وأيضاً المقامات الشرقية والتى يغلب عليها الكرد والعجم وهو ما يتفق مع إبداعه الصوتى ..ولم يستطع مغن آخر السير على نهجه بهذا الاحتراف والإبداع والتجديد من حيث التوفيق فى حسن الاختيارات للكلمة واللحن بجانب موهبته الربانية .. فكان هذا السبب الحقيقى ليكون ملك الأغنية المعاصرة بكل ما تحمله من خصائص تمزج بين الشرقية والغربية».