مازالت مشاكل التليفزيون المصري قائمة ومتشابكة وتحتاج إلي خارطة طريق واضحة وقوية لحلها علي مدار شهور إذا ما توافرت الارادة الحقيقية والإدارة الواعية.. وهناك كثيرون من خبراء الإعلام الذين قدموا بعض الرؤي الجيدة التي تصلح لأن تكون خطوطاً عريضة تتفرع منها مسارات عدة لتفكيك هذا الكيان الإعلامي الضخم الراكد ليؤدي مهامه بشكل يتناسب مع وضع مصر الجديد. ** سجلنا من قبل في هذا المكان بعض الاقتراحات بشكل مجمل ولكن الأهمية غالبا ما تكمن في التفاصيل.. ومقترح اليوم ليس مطلبا جديداً ولكن حانت الفرصة لتنفيذه بشكل صحيح وهو يتلخص في إنشاء قناة إخبارية "بحق وحقيقة" ونعتقد أن التليفزيون الرسمي هو وحده القادر علي ذلك فالقنوات الخاصة أو شبكاتها مهما بلغت قوتها وقدرتها لن تستطيع أن تبث قناة إخبارية لأنها باختصار لن تستطيع تمويلها ولن تستطيع جلب إعلانات تغطي تكاليفها. ** فأي قناة إخبارية قوية تحتاج إلي دعم مادي كبير لا تقدر عليه إلا الدول وفي مصر لن تستطيع كتلة الإعلانات كاملة وهي تبلغ في أحسن الأحوال مليار وربع مليار جنيه سنويا أن تغطي قناة إخبارية علي مستوي تقني ومهني عالي فنحن هنا لا نتحدث عن قناة النيل الإخبارية ولكن عن قناة إخبارية علي مستوي قناة الجزيرة في الحرفية والمهنية والقوة. ** القناة الإخبارية المصرية يجب أن تكون هي الأساس في إعلام الدولة إذا أرادت أن تقدم صناعة إعلامية استراتيجية بإمكانات حقيقية.. قناة إخبارية بمعني الكلمة تحتاج إلي استديوهات حديثة بث مباشر في كل المواقع شبكة مراسلين في كل أنحاء العالم.. مراسلين مثقفين واعين مدربين باقة مذيعيين مدربين علي أعلي مستوي معدين محنكين وماهرين سقف حرية عالي واستقلال إداري وغيره وغيره. ** كل ذلك يحتاج إلي ميزانية ضخمة لإدارة عجلة قناة واحدة إخبارية قادرة علي تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لا حدود لها إذا ما أديرت بعقلية واعية ودارسة لأصول اللعبة.. قد لا تحقق إعلانات تكفي لتغطية نفقاتها وستحتاج إلي دعم كبير من الدولة ولكنها ستحقق مكاسب أكبر من هذا الدعم واسألوا الجزيرة!