«التضامن»: حملة «هنوصلك 2» تنفذ 200 قافلة ب19 محافظة    كواليس تلقي الرئيس السادات خبر استشهاد شقيقه في حرب أكتوبر    كم سجل سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه اليوم في البنوك المصرية؟    نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التونسية تبلغ 27.7%    مفوض أممي: المدنيون في لبنان عالقون بين النزوح وعدم القدرة على الاحتماء    مولر: عمر مرموش استغل الفرص أمام بايرن ميونخ بدون مشاكل    عمر مرموش يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف بالبطولات الأوروبية    "سنوات من الظلم والتجميد".. أول محكمة كرة قدم نسائية في مصر تعلن اعتزالها وتكشف الأسباب    إصابة 18 شخصا في حريق داخل مطعم بالشيخ زايد    صندوق مكافحة الإدمان ينظم زيارة للمتعافين من أبناء المناطق «بديلة العشوائيات»    كيف خلدت الأفلام المصرية نصر أكتوبر؟    بعد إعلانه بيع مطعمه.. نقل صبحي كابر إلى العناية المركزة (فيديو)    رسالة نارية من نجم الزمالك السابق إلى حسام حسن بشأن إمام عاشور    تعليق مثير من محمد صديق على أزمة أحمد حجازي مع حسام حسن    جيش الاحتلال: لا صحة للإشاعات التي تتحدث عن إنقاذ بعض الأسرى في غزة    شكوك حول دخول جواسيس إسرائيليين للجزائر بجوازات مغربية    سعر بيع مطعم صبحي كابر    القبض على سائق "توك توك" تعدى على طالبة فى عين شمس    العبور الثالث إلى سيناء.. بعد 50 عاما من التوقف انطلاق أول قطار إلى سيناء من الفردان إلى محطة بئر العبد غدا الاثنين.. (صور)    بالتزامن مع بدء تركبيها.. ما أهمية مصيدة قلب المفاعل النووي؟    محافظ الإسماعيلية يستقبل رؤساء الوفود المُشاركة بمهرجان الفنون الشعبية    توقعات الأبراج حظك اليوم برج الجدي على جميع الأصعدة.. فرص جديدة    بخفة دمه المعهودة.. علاء مرسي يحتفل بزفاف ابنته بالعزف على الدرامز    أمين الفتوى: 6 أكتوبر من أيام الله الواجب الفرح بها    إحالة فريق"المبادرات" بالإدارة الصحية بطوخ للتحقيق    ديتر هالر: خريجو الجامعة الألمانية سفراء لعالم أكثر سلامة واستدامة    في الذكرى ال140 لتأسيسها.. البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالفجالة    أرخص 5 سيارات SUV في السوق المصري    اللواء مجدى علام: 6 أكتوبر كان اليوم المناسب لشن الحرب    أكرم القصاص: حرب أكتوبر خداع استراتيجي وملحمة غيرت موازين القوة    تداول 3200 طن بضائع عامة و418 شاحنة بميناء نويبع البحري    وكيل الأوقاف محذرًا من انتشار الشائعات: "كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع"    بالفيديو.. رمضان عبدالمعز: النصر دائما يكون بالتمسك بالكتاب والسنة    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمحور عمرو بن العاص الحر    إطلاق دليل الحلول والممارسات الناجحة للاستثمار بمجال الطاقة المتجددة    فكري صالح يطالب بإلغاء الترتيب بين حراس منتخب مصر    المنيا تحتفل بذكرى نصر أكتوبر (صور)    الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمَّر 611 مسجدا كلّيًا بغزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام    إصابة سيدة وابنتها في انهيار حائط منزل ببني سويف    سوريا:غارة جوية إسرائيلية استهدفت 3 سيارات تحمل مواد طبية وإغاثية    جلسة تصوير للتونسى محمد علي بن حمودة أحدث صفقات غزل المحلة.. صور    أكاديمية البحث العلمي تعلن إنتاج أصناف جديدة من بعض الخضراوات    خبير استراتيجي: الحق لا يرجع بالتفاوض فقط.. يجب وجود القوة    أستاذ بالأزهر: يوضح حكم الصلاة بدون قراءة سورة الفاتحة    أحد أبطال حرب أكتوبر: القوات المسلحة انتهجت أسلوبا علميا في الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة    استشاري تغذية: الأسس الغذائية للاعبي كرة القدم مفتاح الأداء الرياضي    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    اتحاد الكرة يحيي ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة ويهنئ الرئيس السيسي    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية بالجوازات    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك فى إقامة حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    الحياة المأساوية للنازحين من ذوي الإعاقة والأطفال في مخيم خان يونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من معاني الهجرة النبوية الشريفة

كانت الهجرة النبوية سفينة نجاة للمسلمين من أذي قريش وبطشهم. لتصل بهم إلي بر الأمان وموطن الحرية التي افتقدها المسلمون طويلاً. تلك المدينة التي أراها الله نبيه في منامه فقال صلي الله عليه وسلم: "رأيت دار هجرتكم. ذات نخل بين لابتين. فتجهز المسلمون للهجرة إلي المدينة المنورة. ليبدأوا مرحلة جديدة في تاريخ الدعوة الإسلامية. مرحلة لا بطش فيها ولا إذلال. مرحلة الدولة متكاملة الأركان. يعيشون فيها ويمارسون عبادتهم دون تصييق. لتشهد انطلاقة حقيقية في تاريخ الدولة الإسلامية.
وغدا تشرق علينا ذكري الهجرة النبوية. فتنشر بين الناس المثاليات والأخلاق العالية. وتدعو الأمة إلي الوفاق المجتمعي وإلي التصافح والتسامح والتصالح. وإلي المؤاخاة التي أرسي مبادئها خير خلق الله صلي الله عليه وسلم حتي تعيش الأمة في سلام وأمان وفي رضاء واطمئنان. وبمناسبة هذه الذكري نتذكر دروس الهجرة وأحاديثها والنبي صلي الله عليه وسلم يقول في شأن الهجرة المخصوصة التي أكرمه الله بها من مكة إلي المدينة: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية. وإذا استنفرتم فانفروا". فبعد فتح مكة خرجت من عبادة الأوثان ودخلت في التوحيد الخالص فلم يعد هناك حاجة للفرار بالدين منها إلي المدينة المنورة كهجرة إيمان أو إلي الحبشة من قبل كهجرة أمن. فقد آمن الناس وشعروا جميعاً بالأمن.
وللهجرة معني مهم في ذاته نراه عند جميع الأنبياء. لأننا لو تتبعنا هجرة الأنبياء لوجدناها كانت لأغراض كثيرة. فأصبحت منهج حياة لطلب الرزق أو العلم أو الأمن أو الإيمان أو غير ذلك. ولذا كان لابد أن يكون للهجرة معني مستمر في حياتنا لمكانتها المهمة من الدين سواء أكان أحدنا ينتقل من مكان إلي مكان أو من حال إلي حال.
فقد ورد عن الانتقال من مكان إلي مكان أنه إذا رأي المرء منكراً فليزله أو فليزل عنه. وهو معني قوله تعالي: ûوإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتي يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكري مع القوم الظالمين‎. وهذا منهاج قوي في مقاومة الفساد وعدم الرضا به. يرتبط ارتباطاً عضوياً مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأما الانتقال من حال إلي حال يتمثل في التوبة والرجوع إلي الحق وعدم اليأس من الوقوع في فعل الذنب. لأن الاستمرار فيه أشد من الوقوع فيه. وقضية التوبة هذه هي أساس الرقابة الذاتية للإنسان علي نفسه علي حد قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في خطبته: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا. وتزينوا للعرض الأكبر. يوم تعرضون لا يخفي منكم خافية". وهو مصداقاً لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمني علي الله".
ونتيجة لهذا المفهوم فإن الهجرة تكون أمراً مستمراً يدخل في الحياة اليومية للمؤمن وأن مفهومها من ناحية أخري واسع لا يقتصر علي النقلة المكانية. ولقد أصبحنا في أشد الحاجة إلي هذا المفهوم في عصرنا الحاضر حيث يشمل أولاً: مقاومة الفساد والإفساد. سواء أكانت هذه المقاومة بالأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو التغيير الواجب بكل وسائله أو كانت توبة نصوحة ينخلع فيها المفسد من فساده ويرجع إلي الله بمحاسبة النفس والهجرة بعد العصيان. قال تعالي: ûوسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين‎. وثانياً: هذا المفهوم الواسع المستمر للهجرة يجعلنا من المهاجرين وما أدراك ما ثوابهم ومرتبتهم عند الله إذا ما قمنا بما نسميه في عصرنا الحاضر بالتنمية. فهناك ارتباط وثيق بين معني الهجرة الشرعي وبين مقاصد التنمية الشاملة وأهدافها. ويرتبط ذلك أيضاً بقوله تعالي: ûإن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم‎.
وإذا ما ذهبنا للقراءة الصحيحة لهذه الآيات والأحاديث كما علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم نجد أنها لا تقتصر علي الحالة الروحية ولا الدلالات اللغوية الضيقة ببعض الألفاظ وإنما تمتد لتكون معني واسعاً يتناسب مع مراد الله من خلقه ومع مراد الله من شرعه. فهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "أتدرون من المفلس؟".
قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار". فيجب أن نفهم الدين بهذه السعة كما علمنا نبينا صلي الله عليه وسلم.
وإذا كان المسلم المهاجر يترك مكانه إلي مكان آخر. فما معني الهجرة المقصود هنا؟ وإلي أين يهاجر الإنسان؟ إنه في الحقيقة يهاجر من داخله إلي داخله. من إطاعة نفسه ورغباتها إلي طلب القرب من الله عز وجل. ومن الذنوب والخطايا إلي التوبة والمغفرة. فهو في كل حالة من حالاته ينتقل من مرتبة إلي مرتبة. حتي لتصبح حياته كلها هجرة وطلباً وسيراً إلي الله تعالي.
فارتباط تاريخنا بمعني الهجرة ينبهنا إلي معني مهم. وهو أن تاريخنا كأمة إنما يصنعه الذين صدقوا مع الله تعالي في هجر ما نهي الله عنه. إنما يصنعه الذين عاشوا معني الهجرة من النفس الأمارة بالسوء إلي النفس اللوامة. ثم ارتقوا بها في أعلي مراتب النفس البشرية إلي النفس الملهمة. فالمطمئنة. فالراضية. فالمرضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.