بالرغم من أن المايسترو سليم سحاب سبق أن خصص حفل افتتاح الموسم لاعمال محمد عبدالوهاب إلا انه نجح في تقديم حفل متنوع في فقراته ضمن سلسلة حفلات "وهابيات" التي تقام علي مسرح معهد الموسيقي العربية وتلقي إقبالا جماهيريا كبيرا.. وسلسلة "وهابيات" مجموعة حفلات تقدمها دار الأوبرا شهريا يؤدي خلالها نجوم الفرق أغاني موسيقار الاجيال بمصاحبة عدد صغير من العازفين وعادة تكون أعمالاً تعتمد علي المغني الفرد ولا تحتاج إلي كورس. والفرقة القومية التي تقدم هذه السلسلة اسستها الراحلة د. رتيبة الحفني في آواخر الثمانينيات وذلك حين كانت تشغل منصب رئيسة الأوبرا بهدف تقديم أغاني وألحان من البلاد العربية الشقيقة وأسندت قيادتها إلي المايسترو سليم سحاب الذي قدم لنا في بدايتها مجموعة كبيرة من الألحان الشامية ولكن عشقه للتراث الغنائي المصري جعله يركز عليه.. الحفل تميز بالثراء وأحياه اربعة من نجوم الفرقة القومية وتضمن 12 فقرة تنوعت بين أغاني عبدالوهاب الخاصة وألحانه للمطربين الآخرين. "قصيدة نادرة" بداية الحفل كانت موفقة من المايستروحيث كانت مع أغاني عبدالوهاب الخاصة التي أداها نجم الفرقة يحيي عبدالحليم الذي يتميز بدقة في الأداء وصوت رخيم اتضح في غنائه لاغاني "فين طريقك فين" و "قولي عملك أيه قلبي" ثم كانت المفاجأ التي تحملها بمفرده بدون مصاحبة من الفرقة الموسيقية حيث جلس محتضنا العود ليؤدي قصيدة "لئن طال عمري" التي تمثل الاضافة الحقيقية في هذه السهرة ليس فقط لقيمتها الفنية ولكن لأنها تمثل اكتشافاً لألحان نادرة وغير متداولة.. القصيدة من كلمات الامير عبدالمحسن بن عبدالعزيز ولحنها عبدالوهاب عم 1960 والتسجيلات المتوفرة بالعود فقط.. وتبدأ بمقدمة موسيقية طويلة أداها الفنان يحيي علي العود بأمانة ومهارة محافظا علي اللحن الاصلي مع اداء جيد للشعر لتكون هذه أهم فقرات هذا الحفل. "تقليد التقليد" عقب ذلك جاءت المطربة الشابة حسناء لتقدم أغنية "كل ده كان ليه" التي تعد إحدي اغنيات عبدالوهاب الاصيلة والتي غنتها منذ فترة قريبة الفنانة انغام بصوتها وبطريقتها الخاصة والتي قلدتها هنا المطربة حيث أن نسيج صوتها يتشابه معها وأري أن المايسترو لم يكن موفقا حيث قدم لنا عملا مشهورا وبأسلوب غير أصيل حيث شاهدنا تقليد التقليد قدمت لنا بأداء طيب لحن مضناك بجفاه والذي كان اللحن الوحيد في البرنامج الذي يمثل أغاني الفترة المبكرة لعبد الوهاب حيث لاحظنا ان معظم الالحان التي تم تقديمها تنتمي للفترات الحديثة.. اختتمت حسناء فقرتها بقصيدة نزار قباني "أيظن" أحد روائع عبدالوهاب ولكن للأسف اللحن لم يكن مناسبا لامكانيات صوتها وبذلت جهدا كبيرا في أدائه واستخدمت نغمات عالية غير ملائمة للحن الذي صاغه عبدالوهاب لنجاة ولطبيعة صوتها كما لم تتمكن من تقديم فقرة الاداء المر تجل التي اشتهرت نجاة بأدائها في هذه القصيدة وخاصة انها مناسبة لهذا الجمهور المتخصص.. ولكن لاننكر ان هذه المطربة الشابة لديها إمكانيات تعبيرية وحضور مسرحي سوف يحتضنان بشكل جيد مع حسن الاختيار لما تؤديه. الفاصل الثاني من الحفل كان مع النجم المخضرم اسماعيل صادق الذي اشتهر بأدائه لأغاني العندليب وغني له ظلموه وفوق الشوق ثم غني أغنية أم كلثوم الشهيرة دارت الايام والاداء جيد ومحافظ علي تفاصيل اللحن. "خير ختام" ختام الفاصل كان مع المطربة إيمان عبدالغني التي تعد حاليا من أقدر الاصوات علي الساحة صوت جميل براق وطبيعي قادر إلي حد ما علي التلوين تصل للنغمات العالية بيسر وسهولة وقد أدت من ألحان موسيقار الاجيال أغنية وردة "لولا الملامة" وأغاني فايزة "هان الود" كلمات أحمد رامي و "خاف الله" كلمات حسين السيد والاغنيتان من الالحان الصعبة والتي تحتاج مهارة في الاداء الصوتي والتعبيري كما ان بهما توزيعا موسيقيا جيدا وعزفا منفردا علي الآلات الشرقية العود والقانون والناي والذي حرص المايسترو علي ابرازهم في عدد من أغاني البرنامج والذي يستحق عازفيهم كل التحية والتقدير والاعجاب الذي عبر عنه الجمهور بالتصفيق الحار.. وقد كانت هذه الفقرة خير ختام لهذه السهرة.. البرنامج جاء جيدا ولكن افتقدنا فيه مقطوعة موسيقية لموسيقار الاجيال خاصة ان الفرقة تضم أمهر العازفين كما افتقدنا أغاني من مرحلته المبكرة في الثلاثينيات والاربعينيات ولكن هذا لم يقف حائلا امام استمتاع الجمهور باختيارات هذا المايسترو المحبوب الذي يعد اسمه أحد عوامل الجذب الجماهيري.