نجحت الولاياتالمتحدة والإعلام الغربي في تضخيم تنظيم "داعش" وتصويره علي أنه أخطر تنظيم إرهابي يمثل خطرا ليس علي المنطقة العربية فحسب بل علي المجتمع الدولي كله.. وفي سبيل القضاء علي هذا التنظيم حشدت واشنطن تحالفا دوليا لمحاربة "داعش" الذي يضم في صفوفه 20 ألف مقاتل فقط لا يملكون مقاتلات حربية ويقتصر تسليحهم علي الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقذائف ال "آر.بي.جي" والسيوف والخناجر والسكاكين.. فهل هذا التنظيم بهذه القوة التي تستحق أن يحشد له تحالفا دوليا يضم ما يقرب من 20 دولة أجنبية وعربية لمواجهته والقضاء عليه؟! لا أدري هل مصادفة أن تشهد مدينة جدة السعودية اجتماعا عربيا أمريكيًا تركيًا في نفس يوم ذكري هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة في العام 2001 علي يد تنظيم القاعدة للإعلان عن تشكيل هذا التحالف الدولي الذي سيواجه هذه المرة تنظيم "داعش" بعد أن فقد تنظيم القاعدة بريقه وأدي دوره علي أكمل وجه!! ان تعامل أمريكا مع تنظيم "داعش" يثير العديد من علامات الاستفهام والتعجب خاصة في ظل ما يتردد بأن هذا "التنظيم الداعشي" صناعة أمريكية تماما مثلما كان يتردد عن علاقة واشنطن بتنظيم القاعدة وهو ما يدفعنا إلي فضح الأساليب والنوايا الأمريكية التي تستخدم تلك التنظيمات الإرهابية المتشددة كأداة لتحقيق أغراضها في المنطقة وبمجرد ما تؤدي الغرض المطلوب منها تعلن الحرب عليها لتبدو أمريكا في النهاية الدولة الرئيسية الداعمة لمحاربة الإرهاب وهو نفس السيناريو الذي مارسته واشنطن مع تنظيم القاعدة الذي نشأ وترعرع في بادئ الأمر بدعم أمريكي لمحاربة السوفييت في أفغانستان ثم انقلبت عليه بعد أن أدي دوره المكلف به!! وإذا كان تنظيم القاعدة وهجمات 11 سبتمبر مبررا للتدخل الأجنبي في أفغانستان فإنه بات من الواضح أن تنظيم "داعش" سيكون بوابة الدخول إلي سوريا في إطار المخطط الأمريكي الذي يهدف إلي إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط بالشكل الذي يضمن عدم تهديد المصالح الأمريكية ويحفظ أمن إسرائيل في المقام الأول وهو المخطط الذي يعتمد علي نشر الفوضي وأعمال القتل والإرهاب في المنطقة عبر داعش وجبهة النصرة وأنصار بيت المقدس وغيرها من المسميات التي ظهرت علي السطح العربي مؤخرا؟! "نحن أمة تقتل نفسها" قالها بشكل عفوي الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال لقائه الأخير برؤساء تحرير الصحف المصرية تعليقا علي عمليات القتل التي تتم باسم الإسلام في العراقوسوريا وليبيا واليمن ومصر.. وها هي الولاياتالمتحدة تنجح عبر "داعش" وغيره من الجماعات المتشددة في تأجيج النعرات الطائفية والمذهبية لتشهد المنطقة تحت لواء التحالف الأمريكي حربا بين السنة والسنة.. وبين السنة والشيعة.. وكل ذلك باسم الحرب علي الإرهاب.. وعلي العرب كل العرب أن يدفعوا الثمن!!