حقائق وأمور كثيرة من شئون الحياة أشار إليها ربنا سبحانه وتعالي في القرآن الكريم وغفل عنها الناس. حذر من بعض الزوجات والأولاد ومحاولات السيطرة علي الزوج وفرض أمور تتعلق بمسئوليته ورفض أي رأي للزوج مخالف لما تريده هذه الزوجة وأبناؤها وقد أناط الله بالرجل مهام وواجبات وحدد الضوابط لهذه المسئولية ووضع الخطوط الفاصلة بين مسئوليته وبين حقوق الزوجة والأبناء كل له واجبات وعليه حقوق لا يطغي أحد علي شئون الآخر بحيث تنسجم أمور الحياة ولا تختلط الأوراق وبالتالي تختفي المعوقات التي تعطل كثيرا من الشئون وتحد من الانطلاق نحو آفاق أرحب من العمل والإنتاج وأعمال العمران. كما حذر الحق تبارك وتعالي من التهافت علي زخارف الحياة وزينتها وجمع الأموال بأي طريق دون تحري الحلال وأن يكون الكسب من جهد الانسان وعمله وسعيه لأن ذلك يدخل السعادة علي القلب ويجعل النفس مطمئنة بالاضافة إلي كبح جماح النفس البشرية شديدة الشره لمتع الحياة التي تغري كثيرا من البشر كما أشارت تحذيرات الله للعباد في الكتب السماوية إلي كثير من ضوابط العدالة التي تمنع اختلال الموازين وضياع الحقوق واختفاء العدالة الاجتماعية كما حدد الله الضوابط التي تضمن للانسان حياة كريمة دون أن يتجاوز أو يطغي علي حقوق الآخرين. وحتي تمضي الحياة في الأسرة بلا منغصات أشار الله كما ذكرت في المقدمة إلي ضرورة أن ينهض المرء بمسئوليته غير عابئ بغضب أو رضا الزوجة والأبناء "يا أيها الذين أمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم. إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم. فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" 14-16 التغابن. إنها حدود لمعالم الحياة جعلها الله أوامر للذين آمنوا بالله ورسوله وأرسي القواعد التي تضمن عدم طغيان حق الانسان علي آخر بحيث لا ترتبك الحياة وتختلط الأمور وتنقلب الأوضاع رأسا علي عقب إذ قد تضطرب حياة الأسرة إذا تجاوزت الزوجة حدودها وإذا أفلت الزمام فاستولي الأبناء علي حقوق الأب مما أدي لشل حركة الأب ومنعه من النهوض بمسئولياته والحد من تصرفاته وبذلك بنفلت الزمام حيث نجد الزوجة تتسلط علي الرجل وتعاون الأبناء علي السطو علي مسئولية الأب وكم رأينا من الانفلات في شئون الأسرة وذلك حينما ترغم الزوجة الرجل علي طرد أمه من المنزل أو مقاطعة الأخ أو الطغيان علي حقوق الجيران وكم رأينا أيضا من ارتباك في شئون الدولة نتيجة تجاوز المرأة لحدود مسئوليتها ومن يتأمل ما يجري حولنا هذه الأيام يدرك مدي تعليمات الله لعباده وللزوجات اللاتي تحفظ لنفسها حدودها وللرجل حقوقه وتقف في وجهه أي اختلال يؤدي إلي تسيب شئون الحياة وانفلات الزمام من يد الرجل مما يؤدي إلي ضياع الأسرة وانهيار قيم العدالة وتجاوز كل امرئ حدوده وطغيان الأفراد بعضهم علي بعض. ولاشك ان الآيات التي جاءت في سورة التغابن تؤكد علي تلك القواعد وتدفع الايمان إلي قلب الزوجة الصالحة والهمة لانفعالها وتذكرها بضوابط حياتها في قلب الأسرة وتحذيرها من الميل نحو الزوج أو الأبناء وانها بمثابة رمانة الميزان تحفظ لكل فرد دوره وتترك للرجل مسئولياته وتعاونه علي النهوض بها بعيدا عن الشطط أو الغلو ولعل التاريخ يسجل لحظات أدت إلي كثير من تدهور الأسر واندحارها بسبب الغرور بالمال والأولاد والسلطان والجاه وتواري القواعد التي حددت هذه المعالم بكل وضوح "ولا تزر وازرة وزر أخري" وقوله تعالي: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعي وأن سعيه سوف يري" والزوجة الصالحة ترتقي بالأسرة وينهض أفرادها علي يديها كل في مجاله وفي سجلات الأمم والشعوب كثير من الوقائع التي تذكر ان اختفاء تقوي الله من القلوب تقود إلي الدمار والخراب فها هي امرأة صعدت بزوجها إلي عنان السماء قوة وعلما وتقوي ورسوخاً في العمل الصالح وأخري دمرت زوجها وأولادها وأصابها الغرور وأعمي قلبها الطغيان فتحررت من كل القيود فانفلت العيار وانقلبت الأمور رأسا علي عقب. حقيقة ان تفريط الرجل في مسئوليته أولي درجات الانهيار كما ان طغيان المرأة وتسلطها يؤدي إلي خلل اجتماعي قاست من ويلاته كثير من الأسر والشعوب فتسلط الزوجة يدفع الرجل إلي طرد أمه من مسكنها وتدمير حياتها وسيطرة الزوجة علي مقدرات الأسرة تساهم في فوضي تصيب الجميع بنيرانها وصدق رسول الله - صلي الله عليه وسلم - حين قال: "خير ما يكنز الرجل من الدنيا المرأة الصالحة. إن نظر إليها سرته وإن غاب عنها حفظته في ماله وعرضه" تضع تقوي الله نصب عينيها ولا تحيد مطلقا عن هذه المهمة فها هي امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت اثنين من أنبياء الله لكنهما خرجتا عن هذه القواعد فاستحقت كل منهما سخط الله وعذابه وتلك الأمور أشار إليها ربنا لكي يلتزم بها الرجل والمرأة قدر الاستطاعة "فاتقوا الله ما استطعتم" إن حرص الزوجة علي هذه الحدود يرفع الأمم ويرتقي بالشعوب إلي أعلي درجات التقدم والرقي والحضارة ويكفي ان نعتبر بما تحقق أمام أعيننا علي أرض الواقع من نماذج متكررة في الشعوب والأمم سواء في هذا الزمان أو غيره من غابر الأيام "فاعتبروا يا أولي الأبصار"!! علي جانب آخر حذر القرآن الكريم بعدم الغرور وأرشد الناس إلي ان المال والأولاد متاع وفتنة والانفلات يحول هذا المتاع إلي ضياع ودمار كما أن الرجل والمرأة كليهما يجب أن يكون تحري كسب المال من الطرق المشروعة هو من المهام الأولي في تربية الأم والأب للنشء لأن أول من يكتوي بهذه النيران الوالدان وكم شاهدنا من نماذج ضلت الطريق واختفت لديها موازين الكسب الحلال فصار كل همها في الحياة جمع المال من أي طريق ودون مراعاة لضوابط الحرام والحلال "يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض" 267 البقرة. "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون".. ومن يفعل ذلك مصيره الهلاك "ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه ناراً وكان ذلك علي الله يسيرا" 30 النساء. الأمر يتطلب أن يدرك الانسان هذه الحقائق ولا يدعها تفلت من بين يديه ويبتعد عن طريق الفساد بأي شكل من الأشكال فالدنيا تقلباتها خطيرة وواقع الحياة يشهد كثيرا من الحقائق التي يلمسها الانسان بوضوح علي مدي الأيام خاصة في هذا الزمن الذي نعيشه وليتنا نتعلم من حركة التاريخ وتقلبات الأيام وأن الطمع والجشع وأكل مال الناس ونهب خيرات يفسد علي المرء حياته وتنشغل الأمة بالأباطيل. الكل يتربص بالآخر والذكي جدا هو الذي يسارع في كسب المال.. بأي طريق حلال أم حرام. وقد حذر الله ورسوله من هذا المنزلق الخطير الذي يدمر حياة الفرد والجماعة فها هو سيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول فيما معناه: "يأتي زمان علي أمتي يقبل فيه المرء علي جمع المال بالحلال والحرام".. ولعل الأيام قد وضعت أمامنا صورا علي أرض الواقع قديما وحديثا كلا انها تذكرة فمن شاء ذكره وتحذير لكل المؤمنين من الفساد والمفسدين فاذا أردنا النماء الحقيقي وتعمير الأرض فالكسب الحلال هو النموذج وختاما أردد قول الله تعالي: "وأنيبوا إلي ربكم واسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون" 54 الزمر. يا سادة احذروا الحرام فليس العذاب خلف القضبان فقط انما جزاء الآخرة وانتقام الله أشد بأسا "فاتقوا الله يا أولي الألباب". **** دعاء "ربنا قنا شر أنفسنا والشيطان. ارزقنا الحلال وامنحنا القوة لكسب المال بالعرق والجهد. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة. انك أنت الوهاب. يا ربنا نسألك حسن الخاتمة في كل شئون حياتنا وارزقنا العفاف والتقي.