بالرغم من أن الإسكندرية ملتقي الحضارات والأديان المختلفة.. إلا أنها من أكثر المحافظات التي شهدت حوادث للفتنة ليست قاسية فحسب ولكنها مدمرة وعادة تبدأ الاحداث بنزاعات عادية تتحول لفتنة بين المسلمين والأقباط أو قصص حب تنتهي بفتنة أو حوادث فردية وأيضا أعمال إرهابية. الفتنة بالإسكندرية لها طبيعة خاصة.. فالاقباط بالثغر شديدو التعصب ولا يختلفون كثيرا عن أقباط الصعيد. كما أن شباب الاقباط غير قابلين للسيطرة عليهم من قبل القساوسة وعادة ما يختلط الحابل بالنابل فلا تعرف لمن تلجأ لاحتواء الفتنة وفي لحظة قد تتحول المسألة إلي كارثة. حوادث الفتنة بعضها يبدأ بكارثة يتعاطف فيها المسلمون مع الأقباط ويتضامنون ثم يخرج البعض في مظاهرات يهاجمون المسلمين فينقلب الحال من تعاطف لغضب مكتوم وضغائن ولعل أشهرها ما حدث في الجريمة الإرهابية بكنيسة القديسين التي لاتزال مفتوحة حتي الآن حينما تمت مهاجمة المسلمين الذين شاركوا في قداس الجنازة ومنهم وزراء وأعضاء مجالس محلية ومجلسي شعب وشوري وكاد الأمر يتحول إلي كارثة لولا ستر الله. مناطق الدخيلة وكرموز والمنتزة وغربال من اقوي المناطق التي تضم فئات متعصبة من الجانبين. المتطرفون المسلمون والأقباط لديهم القدرة علي التنظيم والحشد. في التسعينيات نشبت مشاجرة حامية بمنطقة كرموز بين تجار خردة مسلمين وأقباط وتزعم الاقباط عضو مجلس شعب سابق وتم تبادل اطلاق النيران والقذف بالحجارة مما أسفر عن العديد من المصابين. والعام قبل الماضي انتشرت شائعة ايضا بالمنطقة عن هروب فتاة قبطية اشهرت اسلامها مع شاب مسلم وتجمع الأقباط امام كنيسة مار جرجس بالمنطقة وتبين ان الفتاة كانت هاربة لدي أحد اقاربها وليس لها أي علاقة بمسلم وتدخل القيادي الاخواني بالمنطقة "محمود عطية" وبعض القيادات القبطية لاحتواء الموقف الذي لم يدم طويلا. كما شهدت الدخيلة وبالتحديد شارع الجيش خلافات بين اقباط ومسلمين أدت إلي اغلاق الشارع بأكمله والقاء الزجاج والحجارة علي قوات الشرطة التي تدخلت لاحتواء الموقف والصدامات التي استمرت لبضعة أيام. أما الواقعة الأشهر فكانت في عام "2005" بدائرة غربال اثناء الاستعداد للانتخابات البرلمانية حينما اذاع مرشح لعضوية مجلس الشعب من المنتمين لأحد الأحزاب المعارضة عن عرض مسرحية بعنوان "كنت أعمي والآن أبصرت" وأنها تهاجم الدين الإسلامي مما اثار الشباب من المسلمين إلي الزحف لدائرة محرم بك محاولين اقتحام الكنيسة التي تردد أن المسرحية عرضت بها وترتب علي الواقعة تحطيم واجهات العديد من المحال واحراق السيارات واشعال مقر مرشح الحزب الوطني "القبطي" بدائرة غربال وايضا زميله مرشح الحزب "المسلم" واغلاق طرق بأكملها ولولا تواجد قوات الأمن بكثافة لتحولت المسألة إلي كارثة وبعد هذا الحادث بسنوات قليلة قام شاب مسلم مريض نفسيا بمهاجمة كنيسة بدائرة قسم باب شرقي في الساعات الأولي من الصباح واصاب ثلاثة تقريبا ثم حاول الهجوم علي كنيسة مار جرجس بالابراهيمية وفشل ليقوم باستكمال مسيرته الجنونية بمهاجمة عجوز قبطي امام كنيسة القديسين بالمنتزة ويقتله.. وبالرغم من القبض علي الشاب المختل إلا أن المظاهرات الغاضبة من الاقباط أكلت الأخضر واليابس وتحولت إلي شارع 45 الذي القي من نوافذ عقاراته الطوب والزجاجات الفارغة علي المتظاهرين وكانت عمليات القذف بالطوب والزجاجات الفارغة أشبه بالحرب الاهلية خاصة بعد وفاة "تاجر مسلم" تم قتله أثناء مساعدته لفتاة محجبة اعتدي عليها شباب لم يتم تحديد هويتهم وحاولوا هتك عرضها. القيت التهم من قبل المسلمين علي الأقباط ليتحول الأمر إلي كارثة عانت منها الاسكندرية وانتشر في ذلك الوقت شائعات كثيرة عن وجود اسلحة وزجاجات ملوتوف داخل كنيسة شارع "45".. وظل الأمن بقواته يحاصر الشارع بأكمله لمدة تزيد عن الاسبوع واضطر مساعد وزير الداخلية للأمن العام في ذلك الوقت للحضور إلي الاسكندرية ليتولي رئاسة غرفة العمليات الخاصة باحتواء الأزمة.. ولتتوالي الحوادث الفردية بالثغر من ملتحين يعتدون علي راهبة امام كنيسة محرم بك أو محاولة الهجوم بصورة فردية علي كنيسة مار جرجس بالابراهيمية بخلاف المشاجرات والمشاحنات المعتادة لينتهي الأمر بكارثة مع نهاية العام الماضي بالحادث الإرهابي علي كنيسة القديسين ليلة رأس السنة والذي أسفر عن مصرع ما يقرب عن "23" قبطيا وقبطية بقنبلة مجهولة المصدر ومجهولة التنفيذ وما ترتب علي هذه الكارثة المؤسفة من حالة احتقان لدي الشباب القبطي والمظاهرات التي خرجت تهاجم المسلمين بالرغم من خروج مظاهرات اخري تؤيد الوحدة الوطنية وانتشرت من داخل كنيسة القديسين عمليات القذف بالحجارة خاصة وان الكنيسة يواجهها مسجد تم تحطيم اجزاء منه من تأثير القنبلة. علي وجه العموم الاقباط لديهم ما يقرب من خمس جمعيات اهلية تتلقي مساعدات لبرامجها من المراكز الاجنبية سواء لمشاريع عن المشاركة المجتمعية أو دعم المواطنة أو دعم الوعي السياسي أو حقوق الانسان. السؤال الذي يطرح ذاته ويثير حالة من الرعب ماذا سيحدث أن شهدت الاسكندرية أي حالة معتادة من الفتن الطائفية.. فالإسكندرية بالأمن كان قادرا فيما سبق علي احتواء الأزمات واصبح الآن بلا حول أو قوة.. ولا يوجد قيادة تنفيذية لها تأثير بين أوساط الاقباط أو السلف أو الاخوان. كما أن اجتماعات التصالح والقبلات والجلسات الحوارية اثبتت فشلها علي الساحة ليظل السؤال بلا اجابة مع انتشار التعصب الديني في شوارع الإسكندرية بصورة ملحوظة لا تخفي عن أعين المتابعين.