سوف يظل أسامة بن لادن سيفاً مسلطاً علي الولاياتالمتحدةالأمريكية يثير في قلبها الرعب ويجعل الإرهاب كبوساً يورقها ليل نهار. ويجعلها تري صورته علي مدي الأربع والعشرين ساعة ترهب قادة البيت الأبيض ومن قبله البنتاجون بهيلمانه وقواته المسلحة بأعتي وأشد الأسلحة تطوراً وتكنولوجيا. فأمريكا التي ترهب العالم يكفي بن لادن شرفاً أن يثير فزعها ويجعل أوباما يعلن علي الدنيا بأسرها أنه قد تنفس العالم الصعداء فقد قتلنا بن لادن وتخلصنا إلي الأبد من شروره وإرهابه. ورغم أن وكالات الأنباء قد طيرت النبأ الهام في حينه إلا أن هذه الجريمة لا تزال لغزاً يصيب الإنسان بالحيرة ويثير في نفس الوقت أكثر من تساؤل منها علي سبيل المثال إذا كانت أمريكا قذ نفذت هذه العملية التي تعتبرها نصراً كبيراً فأين هي جثة بن لادن؟ ولماذا تم إلقاؤها في البحر هل مزيد في التشفي والانتقام أم خوفاً من شبح هذا الرجل المرعب إذ ربما يظهر مرة أخري فيرتكب جرائم الإرهاب بأمريكا؟ وهل بلغ الرعب في قلب أكبر دولة بعالمنا المعاصر إلي درجة أنها تدفن هذه الجثة في مياه المحيط الهندي؟ وإذا كانت أمريكا تمتلك هذه الأساطيل وآلاف الطائرات العملاقة وتخشي أن يتحول قبر بن لادن إلي مزار عالمي يقصده ملايين الناس من كل العالم فلماذا لم تستخدم هذه الأسلحة لإرهاب أتباعه وزائريه؟ علامات استفهام كثيرة ومتلاحقة وبلا إجابة شافية عن القطب الأوحد في هذا العالم!! الأكثر غرابة أن أبسط القواعد القانونية تتضمن أن ثبوت أركان جريمة القتل لا يتأكد ولا يتحقق ثبوته إلا بوجود الجثة. وفي حالة اختفائها فلا جريمة ويصبح ما تردده أمريكا علي لسان رئيسها مثار شك ومجادلات تجعل أي إنسان لا يصدق أن الجريمة قد وقعت. ويتزايد الشك حين تتضارب أقوال رجال المخابرات الأمريكان مع جهاز المخابرات الباكستاني حيث يزعم الأمريكان بأنه لا دور لباكستان بينما تؤكد الأخيرة أنها لعبت دوراً بارزاً في تنفيذ عملية الاغتيال. شكوك تتردد في مختلف الأوساط مما جعل طالبان تؤكد أنها لم تتلق حتي الآن دلائل تشير إلي مقتل زعيم تنظيم القاعدة في إحدي المدن الباكستانية وأعلنت الحركة أنها تشكك فيما أعلنته القوات الأمريكية علي لسان رئيسها باراك أوباما. وأشارت الحركة إلي أنها لا تستطيع إصدار أي بيان بهذا الشأن لأن السلطات الأمريكية لم تقدم حتي هذه اللحظات الدليل المادي الذي يؤكد صدق ما زعموه. المثير للدهشة أن الهلع أصاب أمريكا وقواتها مما دفعها إلي مخالفة كل الأعراف الإنسانية حيث قامت برمي جثة هذا الإنسان في البحر رغم أن اليابسة هي الأفضل لدفن الميت في باطنها. وهل هاجس الخوف الرهيب يجعل الدفن في البحر هو أفضل الوسائل بعيداً عن وجع الدماغ الذي تثير عملية الدفن في اليابس. ثم إن الولاياتالمتحدة تجاهلت قيم الأديان السماوية التي تكرم الإنسان بدفنه في قبر. ولا يمكن اللجوء إلي الدفن في البحر إلا في حدود ضيقة جداً. وبشروط محددة أجمع عليها الفقهاء ورجال الدين سواء في الإسلام أو الأديان الأخري! الأمر يتطلب من أمريكا أن تقدم للعالم دليلاًَ مادياً يكشف كل جوانب الغموض التي تكتنف هذه العملية. عليها أولاً: أن تنشر صورة الجثة كل الملابسات خلال اقتحام مقر بن لادن. وأن توضح بالصور مدي الهلع والفزع الذي أصاب أسرة بن لادن كدليل يؤكد صدق قولها بقتل البعبع الذي يؤرق منامها. وأن تقدم ثانياً صورة حية لعملية تغسيل بن لادن وتكفينه والصلاة عليه ومن هو الذي صلي عليه وهل كانت هناك مجموعة خلف ذلك الإمام الذي أمَّ المصلين أم أن الصلاة تمت بصورة منفردة! كما أن علي الولاياتالمتحدة أن تقدم للعالم مبررات مقنعة لا يتطرق إليها الشك توضح ضرورة إلقاء جثة بن لادن في البحر. وتقدم الأسانيد التي لجأت إليها. وأمريكا لديها من الوسائل التكنولوجية مما يمكنها من ذلك بسهولة وتستطيع أن تطرح "سي.دي" من المجموعة لديها يستطيع العالم من خلاله معرفة كل تفاصيل عملية الاغتيال. إن هروب أمريكا من إثبات الحقيقة يفقدها المصداقية ويثير حولها الأقاويل. نريد دليلاً مادياً يكشف جميع الملابسات. وعلي الولاياتالمتحدة أن تدرك أن نطاق عمليات الإرهاب قد اتسع بصورة أكبر مما لو كان بن لادن حيا. لقد فتحت علي نفسها ألواناً مختلفة من هذه العمليات التي سوف تتواصل مسلسلاتها وربما تتفجر عمليات إرهابية في قلب الولاياتالمتحدة. وبدلاً من أن تدعم واقعة اغتيال بن لادن موقف الرئيس أوباما في الانتخابات القادمة فقد تنقلب الأوضاع وتكون عملية الاغتيال وبالاً علي الشعب الأمريكي الذي يدفع الثمن وربما يكون باهظاً جداً. فهل تقدم الولاياتالمتحدة الأدلة الدامغة لاغتيال بن لادن أم تستمر في المراوغة؟!