رغم سُمرة بشرته الواضحة كان قلبه أبيض مثل زهرة الفل.. وكانت نفسه نقية شفافة تنم عن طيبة فطرية لم تلوثها جلسات النميمة في المجتمعات الصحفية والمنتديات الرياضية. رحل عنا بالأمس صاحب هذا القلب الطاهر الزميل والأخ والصديق الناقد الرياضي الأديب الفنان عبدالفضيل طه.. رحل عنا تاركا فراغا لا يستطيع أحد أن يملأه أو يسد جزءاً منه.. لا أستطيع أن اتخيل صحيفة "المساء" دون وجود عبدالفضيل يخطو في طرقاتها.. ولا القسم الرياضي يتوسطه ويتحلق حوله زملاؤه وتلاميذه ومحبوه.. يتحدث في كل شيء عن علم ودراية.. سياسة.. تاريخ.. أدب.. فن.. صحافة.. وفي كل حديث تخرج منه بمعلومة أو طرفة. عاصر عبدالفضيل عمالقة الصحافة.. كما عاصر قمم الفن السينمائي والمسرحي.. وخبر أسرار النوادي الرياضية.. وعرف كل كواليسها.. صادق لاعبين وإداريين وحكاما علي مستوي مصر كلها.. كان أيقونة الرياضة المصرية.. لم يكتب كلمة عن هوي أو غرض.. ولم يلوث قلمه بلفظة نابية ولم يدنس يده بقرش غير مشروع. عرضت عليه هدايا وهبات يسيل لها اللعاب.. لكنه ظل زاهدا في محراب الصحافة الرياضية.. ترك وراءه تاريخا ناصع البياض وسيرة عطرة.. لا يستطيع أحد أيا كان ان ينال من سمعته. زاملت عبدالفضيل طه 31 عاما.. كان قمة الالتزام كما كان قمة الأدب.. لم أسمع مرة أنه اختلف مع زميل.. ولم يرتفع صوته محتدا علي أحد المحررين العاملين تحت قيادته.. كان استاذا ومعلما يدين له الكثير من الزملاء بالاستاذية في تواضع.. علَّم الكثيرين وترك جيلا شق طريقه في بلاط صاحبة الجلالة بنجاح. أكثر ما كان يميز هذا الرجل أنه كان عزيز النفس شامخا رغم قلة ذات اليد.. كنت أشعر أن قوته في عفة نفسه.. لم ينحن أمام إغراءات مادية ولم يطلب لنفسه ميزة ادبية.. أحبه الجميع بصدق ولم يختلف عليه اثنان.. فقد كان ودودا مع الجميع ضحوكا يتقبل "قفشات" الزملاء بصدر رحب.. وكانت حكاياته عن الأوساط الرياضية والفنية مثار اهتمام كل من يجلس اليه. شهدت الرياضة في صحيفة "المساء" علي يديه طفرات كبري.. خبرا وتحليلا وتعليقا وتحقيقا ومقالا.. وتميزت العناوين بجاذبية خاصة شدت انتباه القراء فأقبلوا علي الصحيفة يتهافتون علي شرائها فارتفع توزيعها لتكون الصحيفة المسائية الاولي علي مستوي العالم العربي بل علي مستوي الشرق الأوسط. حزني وحزن زملائي وأبنائي في صحيفة "المساء" علي عبدالفضيل اكبر وأعمق مما استطيع التعبير عنه.. صورته لن تفارقنا ما حيينا.. وسيرته العطرة سترطب ألستنا دائما.. وحكاياته لن تفارق اذهاننا.. وسيظل موجودا صورة وسيرة في قلوبنا. رحمك الله رحمة واسعة أيها الأخ والزميل والصديق.. وحسبك انك عشت فقيرا ورحلت عنا ثريا بخلقك الكريم ونفسك العفوفة. وإلي لقاء في رحاب رب العزة أرحم الراحمين.