أكد د. صلاح جوده المستشار الاقتصادي للمفوضية العربية الأوربية ان هناك رؤي يمكن تطبيقها للاستغناء عن القروض الخارجية وخاصة قرض صندوق النقد الدولي والمعونة والاستدانة الداخلية. قال في حواره مع "المساء" ان مصر تمتلك موارد كبيرة ولكن قدرها دائما في الادارة التي لا تستطيع الاستفادة بهذه الموارد اليابان مثلا التي تعاني من الزلازل والبراكين وفقر في الموارد الطبيعية.. ورغم ذلك احتلت مكانة وسط العالم بفضل الادارة العبقرية. طالب د. حازم الببلاوي رئيس الوزراء بضرورة الاعلان عن الوضع الحالي للاقتصاد مع اعداد خارطة طريق للانقاذ السريع خاصة في ظل التوقع بوصول عجز الموازنة إلي 195 مليار دولار في الميزانية الحالية. * سألناه : وما هي أولي الخطوات التي يجب ان تتخذها الوزارة الحالية؟! ** يجب ان يخرج علينا رئيس الوزراء بتقدير موقف بمعني ان يتم إعلان الوضع الذي تسلم عليه الدولة وحجم الدين الداخلي أو الخارجي والاحتياطي النقدي والمتاح للاستخدام منه وفوائد المديونية الخارجية بالاضافة الي حصر عدد المصانع والمنشآت المتوقفة والمغلقة ويقدم خارطة طريق للوضع والرؤية للحل حتي لاتكون الوزارة مثل وزارة عصام شرف التي اعتبرت نفسها حكومة تسيير أعمال مما جعلها تحجم عن اتخاذ اي قرارات خوفا من المحاسبة والمسألة وهذا اعاد الدولة سنوات وسنوات للوراء.. ولكن الحكومة الحالية لابد ان تكون حكومة عمل واصلاح وليست حكومة مؤقته ففي خلال 6 اشهر يجب ان نضع بنية اساسية تمهد لمن يأتي بعدها.. بالاضافة الي ضرورة التأكيد علي ان مصر لن تلجأ للحصول علي قروض خارجية طوال فترة تواجدهم في السلطة بما فيها قرض صندوق النقد الدولي الذي يهدف للحصول علي مايشبه شهادة فقر للحصول علي قروض من دول اخري "فهذه خيبة" بل يعلن ان مصر قادرة علي النهوض باقتصادها لأنها تمتلك مساحة مليون كيلو متر مربع وعدد سكانها 91 مليون ولديها 238 مليون فدان و3 الاف و500 كيلو متر شواطئ وبها 11 بحيرة منهم اكبر بحيرة صناعية علي مستوي العالم ولديها ثلث اثار العالم وبهذه المقومات الاقتصادية والموارد الطبيعية فهي قادرة علي التعافي ولهذا اقول شكرا لصندوق النقد. * وماذا عن المعونة هل رفضها خسارة لأمريكا؟! ** رفض المعونة سيكون لطمة علي وجه أمريكا وخسارة كبيرة فمنذ بدأت المعونة عام 79 بناء علي اتفاقية السلام التي تمت مع الرئيس الراحل أنورالسادات كنا نحصل علي 1.2 مليار دولار معونة عسكرية و1.1 مليار دولار معونة تجارية والمجموع 2.3 مليار دولار في نفس الوقت كانت اسرائيل تحصل علي معونة 2.5 مليار دولار وهذه كانت عبقرية من السادات.. ولكن الخطورة الان ان المعونة تأتي علي شكل قطع غيار للسلاح المصري ليست أحدث ما هو موجود في العالم بل انه اقل تطورا أربع درجات مما تحصل عليه اسرائيل بالاضافة الي ان توريد قطع غيار السلاح المصري يجعل أمريكا علي علم تام بالسلاح المصري وقدرته وقوته. والاهم من ذلك تعطيل الهيئة العربية للتصنيع واضعاف مصانعها الحربية التي أنشئت لتصنيع السلاح العربي واتجهت لتصنيع الثلاجات والبوتجازات وغيرها وانحرفت عن مسارها التي اقيمت من أجله وبالتالي فإنه في حالة رفض المعونة سيتم اعادة الهيئة العربية للتصنيع لهدفها الاول لانتاج جزء كبير من اسلحتها وقطع غيارها.. بالاضافة الي ان رفض المعونة سيؤدي الي تنوع مصادر السلاح فنستطيع الحصول علي السلاح من روسيا والصين وغيرها من الدول الصديقة ويكون سلاح الجيش المصري في سرية بعيدا عن امريكا. * هل تستطيع مصر فعلا الاعتماد علي نفسها؟! ** من يقول ان مصر غير قادرة علي الاعتماد علي نفسها يريد ان يعود بالشعب للوراء لان مصر هي وجه افريقيا وظهر أوروبا بمعني ان هناك 52 دولة في قارة افريقيا وعندما نعيد هيكلة الهيئة العربية للتصنيع انتاج السلاح محليا وقطع الغيار يمكن توزيعه علي الدول الافريقية بالعملة المحلية ونستبدله بما تحتاج اليه مصر من الشاي والبن والشيكولاته والياميش وغيرها. كما يمكن عن طريق استخدام شركة النصر للاستيراد والتصدير والتي تم تأسيسها عام 55 في عهد الرئيس عبدالناصر وكانت تعتبر الشركة الام والتي جعلت مصر وسط افريقيا وكانت بمناسبة القوي الناعمة ولها 23 فرعا في الدول الافريقية ان تقوم بأحياء التبادل التجاري وبالتالي نضمن فتح اسواق في القارة السمراء واسترداد وضع مصر ومنع اسرائيل اللعب في الفناء الخلفي لمصر. كما يجب علي الحكومة ان تعمل علي إعادة تشغيل المصانع والشركات والمنشآت والفنادق المتوقفة بسبب التعثر المالي ويمكن حل هذه الازمة عن طريق توريق الديون للشركات حكومة او قطاع الاعمال أو الخاص بحيث يتم تقييم الأصول بتاريخ اليوم وعلي سبيل المثال شركة النصر للسيارات والتي تصل اصولها ب20 مليار جنيه تقريبا وعليها ديون للبنوك تقدر ب1.5 مليار جنيه ونصف مليار للتأمينات والضرائب 1.5 مليار يمكن اعتبار هذه الديون علي أنها أسهم لهذه الجهات وتصبح ملكية الشركة للحكومة والبنوك والضرائب والتأمينات وكأن الشركة تم اعادة بنائها من جديد ويمكن التحالف مع كيانات كبري لتضاعف رأس المال واعادة التشغيل واستقطاب العمال ليرتفع قيمة السهم ليتم سداد الديون وتحقيق ارباح ويشرف علي عملية التوريق هذه جهات حكومية منها البنك المركزي وهيئة الاستثمار والرقابة المالية. الدعم أكبر مشكلة * أهم المشاكل الاقتصادية من وجهة نظرك وكيفية حلها؟! ** أهم المشاكل الدعم والذي يلتهم 205 مليار جنيه مصري ويمكن توفير مبالغ لزيادة دعم الفقراء عن طريق رفع الدعم عن الشركات والمصانع كثيفة استخدام الحديد والاسمنت والاسمدة والسراميك والالومنيوم وغيرها باعتبارها مكلفة وملوثة للبيئة ويمكن الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة التي تم تطبيقها في فرنسا وفنلندا والمانيا فهناك ماكينة صغيرة سعرها 3 مليار دولار تقريبا يمكن عن طريقها انتاج طاقة من المخلفات لتشغيل المصانع كثيفة الطاقة وهذا يتم خلال 3 اشهر ويمكن بعدها رفع الدعم عن الطاقة ومن خلال هذه المنظومة نكون تخلصنا من مشكلة الزبالة وحققنا وفرة جديدة للميزانية العامة. السيطرة علي الأسعار * كيف يمكن السيطرة علي الأسعار؟! ** لابد من ضبط هامش الربح وهذا ليس له علاقة بالتسعيرة الجبرية ويمكن نقل التجربة التي أرساها ساركوزي في فرنسا عندما ارتفع هامش الربح علي السلع الغذائية الي 40% فاصدر قراراً بتجديد هامش الربح علي السلع الغذائية ب20% والسلع التعدينية ب30% والصناعات الهندسية ب35% مع الزام المصانع بوضع "تكت" يوضح سعر المصنع وسعر التاجر واذا تم تطبيق ذلك ستعود الاسعار الي معدلها الطبيعي وعلي سبيل المثال ان طن الاسمنت يكلف تصنيعه 158 جنيها ويباع ب650 جنيها لو تم رفع دعم الطاقة بالكامل ووضعت هامش ربح 30% سيصل سعر طن الاسمنت الي 260 جنيها يواكب ذلك قرار بأن من يستورد سلع ترفيهية عليه ان يقوم بتوفير العملة الصعبة وبسعر الحر اما من يستورد سلعاً اساسية كالقمح يحصل علي سعر العملة بالسعر الرسمي. عجز الموازنة * هل هناك رؤية للسيطرة علي عجز الموازنة؟! ** لابد من وضع استراتيجية لمعرفة الانفاق والعجز مع الوضع في الاعتبار عدم اللجوء للاستدانة فالموازنة العامة للدولة والتي تبدأ من 1/7/2013 وحتي 30/6/2014 الايرادات المتوقعة بها 497 مليار دولار والانفاق المتوقع 692 مليار دولار ومعني هذا هناك عجز متوقع مبدئي 195 مليار دولار.. والتصرف الخاطئ ان يلجأ رئيس الوزراء الي الاستدانة من الداخل والخارج فالحل الصحيح السعي لزيادة الايرادات وخفض الانفاقات وتغيير سياسات الحكومة والموازنات المعمول بها منذ يناير 84 في أول وزارة في عهد الرئيس مبارك برئاسة فؤاد محيي الدين ومنذ ذلك الوقت تقسم الميزانية اربعة اجزاء الاول للأجور وتقدر 172 مليار جنيه ولو تم تطبيق الحد الادني 1200 جنيه وحد اقصي للدخل 30 الف جنيه فتصبح قيمة الاجور اقل ويمكن توفير اكثر من 30 مليار جنيه هذا الي جانب الاستغناء عن 72 ألف مستشار في القطاع العام والدولة يتقاضون 18 مليار جنيه أجور و6 مليار جنيه مقابل مزايا عينية وبالاستغناء عنهم يمكن توفير 24 مليار جنيه. أما الجزء الثاني من الميزانية يذهب للدعم وحجمه 205 مليار جنيه منهم 80 مليار يذهب لدعم الطاقة واذا نفذت فكرة استخراج الطاقة من الزبالة توفر ما يقرب من 60 مليار جنيه مصري. وفي مجال دعم الخبز والذي يستهلك 22 مليار جنيه سنويا واستيراد 15 مليون طن قمح سنويا والمفروض ان هذا الدعم يصل الي الفقراء بالكامل حاصة ان الجهاز المركزي للأحصاء أكد ان 25% من السكان فقراء وصندوق النقد اشار الي ان 32% من سكان مصر فقراء والبنك الدولي حددهم ب35% وتقديراتي تؤكد ان 40% من الشعب فقراء وهذا يعني ان الفقراء يستخدمون 10 مليون طن قمح سنويا وباقي القمح يذهب للأغنياء لعمل الفينو والجاتوه وهذه الحسبة تعني ان 60% من الدعم تذهب للوسطاء وغير المستحقين. ومثال أخر لاهدار المال العام يوجد في التليفزيون المصري 43 الفاً و650 موظفاً هل يتم مدهم ب6 الاف مستشار لو تم تقييم اعمالهم خلال الخمس سنوات الماضية فانها لا توازي المبالغ التي تنفق عليهم وهناك قنوات مؤثرة وتبث لمختلف دول العالم لايعمل بها سوي 120 فردا فقط. * هل تم فعلا الاكتفاء الذاتي من القمح كما اعلنت الوزارة السابقة؟! ** تحقيق الاكتفاء من القمح في عهد الرئيس المخلوع اكذوبة ومازالت الازمة قائمة حيث تنتج مصر 50% من الاستهلاك والباقي يتم استيراده لكن هناك استراتيجية للاكتفاء الذاتي يمكن تطبيقها عن طريق تقليل حجم الفاقد ونسبة 20% من الانتاج بسبب سوء التخزين وهذا يحتاج لعمل 50 صومعة حديثة كل صومعة تتكلف 50 مليون جنيه وهو ما يجب ان نفكر فيه وننفذه وبسرعه.