يعتبر "محمود سعيد" من جيل الرواد ولد عام 1897 وتوفي عام 1964 أكثرهم اهتماماً بالبحث عن الشخصية المصرية في فن التصوير الزيتي ولهذا يحتل مكانة مماثلة لمكانة محمود مختار في النحت... وقد كان أكثر الرواد جرأة في تناول الموضوعات فقد رسم صورة شخصية لنفسه واطلق عليها اسم "الرسول" كما رسم جسم المرأة دون أي حرج في عديد من اللوحات الناجحة وقد ارسي تقاليد حرية الفنان في الرسم والمعرض بعيدا عن قيود الرقابة التي فرضت علي باقي الفنون في مصر. وقد ساعده علي تأكيد هذه التقاليد انتماؤه إلي الأسرة الملكية. فقد كان خال الملكة فريدة ومن هنا لم يجرؤ أحد علي مهاجمته.. بل وله موقف مشهود عندما تحرك مع الفنان محمد ناجي للافراج عن الفنان عبدالهادي الجزار عندما قبض عليه البوليس السياسي يوم افتتاح معرض لجماعة الفن المصري المعاصر عام 1947 بسبب لوحته "الجوع". وهو الفنان الوحيد من جيل الرواد الذي لم يهاجمه الفنانون الشباب المتمردون في الاربعينيات دعاة الفن الحر بل دعوه للاشتراك في معارضهم واعتبروه أول من عبر عن أعماق العقل الباطن في لوحاته "ذات الجدائل الذهبية" و"دعوة إلي السفر". التحق بمدرسة فيكتوريا عام 1904 حتي 1908 وحصل علي الشهادة الابتدائية عام 1911 ثم شهادة الكفاءة عام 1912 وحصل علي شهادة البكالوريا "القسم الأدبي" عام 1915 ثم ليسانس الحقوق عام 1919 ثم عين عام 1921 في النيابة المختلطة ثم تدرج في سلك القضاء المختلط حتي عين مستشاراً في الاستئناف عام 1939 وقد طلب احالته إلي التقاعد عام 1947 وتفرغ للرسم من ذلك التاريخ. بدأ دراسة الرسم عام 1912 علي يد السيدة "اميليا كازوناتور دافرنو" لمدة عامين ثم التحق بمرسم الفنان الايطالي "ارتورو زانييري" من عام 1916 حتي عام 1918 وسافر إلي باريس عام 1919 حيث التحق بالقسم الحر في أكاديمية "جراند شوميير" لمدة عام سنة 1920 وقد شارك في المعارض السنوية لأتيلية الإسكندرية وصالون محبي الفنون الجميلة بالقاهرة لمدة خمسة عشر عاماً.. كما مثل مصر في بينالي فينسيا الدولي في دورات 1938. 1950. 1952 وفي الجناح المصري بمعرض باريس الدولي عام 1937 حيث نال ميدالية الشرف وكذلك في معرض "مصر فرنسا" بمتحف اللوفر بباريس عام 1948 ثم معرض اليونسكو للفنانين العرب في بيروت ومعرض الفن المصري بالخرطوم عام 1953 ومعرض الربيع بالقاهرة سنة 1953 والمعرض المصري في موسكو .1958 أقام معرضين لأعماله في نيويورك عام 1937 وفي عام 1942 أقامت جمعية الأتيليه بالإسكندرية أول معرض شامل لأعماله وفي عام 1945 اقامت جمعية الصداقة الفرنسية معرضا خاصا لأعماله بالإسكندرية وفي عام 1951 أقام معرضا شاملا بالقاهرة بالقاعة المستديرة بأرض المعارض بالجزيرة "مقر نقابة الفنانين التشكيليين حاليا" وفي عام 1960 أقامت بلدية الإسكندرية ثالث المعارض الشاملة لانتاجه بمتحف الفنون الجميلة كما اقامت عام 1965 معرضا في نفس المكان في الذكري الأولي لوفاته. وقد كان الفنان عضواً باللجنة الاستشارية للفنون الجميلة عام 1929 كما عين عضواً باللجنة الاسشارية لمتحف بلدية الإسكندرية عام 1937 وعند تأسيس "المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب" عام 1956 عين عضوا به ومقرراً للجنة الفنون التشكيلية. أصدر أحمد راسم كتابا عنه بعنوان "محمود سعيد.. فنان مصري" عام 1937 كما أصدر بدر الدين أبوغازي وجبرائيل بقطر كتاباً آخر عنه عام 1960 ثم أصدر بدر الدين أبوغازي عام 1980 كتابا ثالثا عنه نشرته الهيئة العامة للكتاب هذا وقد صدر عنه كتابان باللغة الفرنسية عام 1951 بقلم هنري القيم وعام 1952 بقلم جبرائيل بقطر فضلا عن الاعداد الخاصة من المجلات المصرية والفرنسية التي صدرت في حياته عنه وعن فنه. بعد وفاة الفنان قامت وزارة الثقافة بشراء قصره في حي جانكليس بالإسكندرية وقامت بتحويله إلي متحف يضم 40 لوحة من أعماله لكن هذه اللوحات معظمها تعرض للتلف عندما سافرت في رحلة سرية للعرض في إسرائيل خلال حكم أنور السادات لمصر وعادت ممزقة. كما أغلق المتحف لعدة سنوات لإقامة مجموعة من الاشارات والمباني في الحديقة بهدف اقامة متحف علي الطراز الحديث بها. وقد نال الفنان مجموعة من الأوسمة والنياشين اعترافا بخدماته في القضاء. كما حصل علي جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام .1959