بعد الهجوم الذي تعرضت له هيئة قصور الثقافة ووصفها من قبل وزير الثقافة نفسه بأنها خارج الخدمة أصدرت الهيئة بياناً مهماً أكدت فيه ما تقوم به من جهد وما تتمتع به من استقلالية علي مدي تاريخها ورفضها لأن تكون بوقاً لأي نظام وجاء في البيان: في الوقت الذي تواصل فيه الهيئة العامة لقصور الثقافة جهودها. وتعمل بجد من أجل تقديم الخدمة الثقافية للمواطن المصري في خمسمائة وثلاثة وستين موقعاً» فإن بعض الأصوات المغرضة أذاعت وروجت إدعاءات بأن الهيئة لا تقدم خدماتها الثقافية علي الوجه الأكمل. وأنها تقصر في أداء خدماتها من أجل تثقيف الشعب المصري. وإزاء ما تردده هذه الأصوات. وبعد مرور أكثر من عامين علي جهود مخلصة دءوبة تسعي لإحداث نقلة نوعية في العمل الثقافي للهيئة بين جماهير مصر ومواطنيها. فإن الهيئة العامة لقصور الثقافة تعلن في هذه اللحظة التاريخية المهمة أن هذه الاتهامات قد ضلت طريق الصواب. وخرجت عن إطار العقلانية والمنطق. فالهيئة وهي إحدي مؤسسات الشعب المصري العظيم "الثقافة الجماهيرية". وإحدي مؤسسات الثقافة المصرية العريقة. وهي المجال الثقافي الحيوي لكل مثقفي مصر. إنما تنطلق في مسيرتها الطويلة لتقديم الخدمات الثقافية من مبدأ تحمل المسئولية الثقافية. ومن ضمير ثقافي واع محصن بالمعرفة والإبداع. ومن أرضية صلبة راسخة مؤمنة بأهمية استقلالها بعيداً عن أنواء السياسة وتقلباتها. وعن توهم البعض أو رغبته في انحيازها إلي فئة دون أخري. وتجدد الهيئة تأكيد أحد مبادئها الراسخة وهو أن جميع مواقعها في محافظات مصر مفتوحة أمام جميع أبناء الشعب المصري دون تفرقة من أي نوع أو لون أو انتماء عقائدي أو فكري أو ديني. فهي من ثم بيت ثقافة الشعب المصري. وهي إحدي القلاع المدافعة عن ثقافة الوطن وعن هويته المصرية بتجلياتها وتمثلاتها المتعددة. كما تؤكد الهيئة أنها وقياداتها والعاملين فيها لم يدخروا وسعاً ولا وقتاً ولا جهداً في سبيل تقديم الخدمات الثقافية منذ ثورة 25 يناير 2011م. وأنها استطاعت أن تغير أسلوب تقديم هذه الخدمات بتنظيم عدد كبير من اللقاءات والاحتفالات والأنشطة الفنية في قلب الشوارع والميادين والأندية والمصانع. وأن تزيد من مساحة "الديمقراطية الثقافية" التي تدار بها أنشطتها. وأنها قد نجحت في تحقيق عدد كبير من الانجازات وفق خطتها وإمكاناتها. وما تزال تسعي إلي استكمال بقية أحلامها خلال المرحلة القادمة. يأتي ذلك كله في الوقت الذي يشعر فيه العاملون في الهيئة أنهم تعرضوا ومازالوا يتعرضون لهجمات كثيرة مغرضة. وأنهم يقعون فريسة ظلم واضح معنوياً ومادياً بالمقارنة مع عدد كبير من مؤسسات الدولة. وأن هناك حالة تراتب قيمي - علي المستوي الوظيفي - تضعهم في ذيل قائمة العاملين بالدولة. وتقلل من جهودهم رغم أنهم الأكثر عرضة لمخاطر العمل الثقافي في الشوارع والميادين والمواقع المفتوحة. وتشير الهيئة إلي أن مفهوم الديمقراطية الثقافية أحد أبرز مبادئ العمل الثقافي بها. وأن من أهم آليات تحقيقها: أن تنبع هذه الديمقراطية من قلب المثقفين وأن تدرك حاجاتهم الثقافية» وأن أزمنة وطرائق التفكير الأحادي والقرارات الفوقية قد ولت. وأن فعل الثقافة في جوهره يكمن في ممارسة حق الاختلاف. وفي مسلك الانتقاد. لأنهما أساس القدرة علي التغيير. لقد ظلت الهيئة في مراحل كثيرة من تاريخها عصية علي التطويع أو التوظيف لخدمة أهداف تخرج عن نطاق رسالتها الثقافية السامية. واستطاع عدد كبير من أبنائها المبدعين والمثقفين الوطنيين أن يحافظوا علي سمات استقلالها. فبقيت تعمل من أجل إعلاء شأن الحرية الثقافية علي الرغم من وجود حالات تربص بجهودها التنويرية تبنتها بعض الجهات والفئات والأفراد ممن يسعون إلي تحقيق مكاسب صغيرة أو وقتية. وهو ما يدعو الهيئة في هذا المجال إلي أن تفخر بالوقفات التاريخية للمثقفين والمبدعين والإعلاميين معها في عدد من الأزمات الثقافية والفكرية التي حوصرت بها. لذا فإن الهيئة العامة لقصور الثقافة ترفض رفضاً قاطعاً توجيه أي من تلك الاتهامات سواء كان ذلك إليها. أو إلي أي من العاملين فيها. أو إلي أي من قياداتها في مختلف مواقعهم فنياً أو إدارياً أو جغرافياً. بدون سند أو دليل. وتري في اتهامها والعاملين بها أنهم مقصرون في أداء عملهم. أو أنهم شيوعيون أو كفار أو علمانيون أو ملاحدة. أو أنهم يخرجون علي تقاليد المجتمع المصري. تري ذلك أوصافاً متوهمة يرددها البعض دون تدبر. وبخاصة أن تاريخ الهيئة يزخر بعدد كبير من المفكرين والمبدعين والمثقفين الذين عملوا فيها. وأن بها الآن عدداً من المثقفين والمبدعين والفنانين الذين يعملون في إخلاص ودأب. وينأون بأنفسهم عن مواطن الشبهات. ويترفعون كثيراً عن الخوض في حالات جدال عقيمة. وسوف تنشر الهيئة خلال الأيام القادمة تفصيلات منجزاتها وما حققته خلال المرحلة الماضية. كما ترفض الهيئة العامة لقصور الثقافة أن يكون الحديث عن منجزها الثقافي معتمداً علي الاجتزاء أو الافتئات علي حقها فيما بذله العاملون فيها من جهود متتالية. وأن الحديث عن منجزها يجب أن يبدأ من الوعي الكامل بدورها التاريخي وبرسالتها الثقافية. وأن يعتمد علي معلومات مؤكدة واستنتاجات علمية. لا علي ريب أو ظنون. وتري أن ذلك يدخل في إطار خطة أو مؤامرة تسعي للسيطرة عليها وتقويض تاريخها ومنجزها» من أجل تحويل مسارها أو طمس ملامحها في كيان جامد لا يقدم دوراً تنويرياً فاعلاً. وتعلن الهيئة العامة لقصور الثقافة أنها تقف إلي جانب الشعب المصري في خياراته لصياغة مستقبل الوطن. وأنها تؤمن بحق الشعب المصري في نيل حرياته مجتمعة غير مجزأة ولا منقوصة. وأن يختار مصيره بنفسه دون وصاية من فرد أو فئة أو فصيل. وتدعو الهيئة الشعب المصري إلي الحرص علي خوض هذا الدرب عبر الطرق السلمية دون إهدار لحق. أو اعتداء علي مواطن. والسعي إلي تحقيق ذلك بالنضال الوطني الحضاري السلمي الذي أبدعه الشعب في ملحمة الخامس والعشرين من يناير عام 2011م. وتهيب الهيئة العامة لقصور الثقافة بالإعلام المصري أن يتابع فعالياتها. وأن يحرص علي زيارة مواقعها ليتعرف علي ما تقدمه من جهود ثقافية متواصلة. وأن يوضح للشعب المصري حقيقة ما تقدمه له من خدمات. كما تهيب بجميع المصريين عامة. وبالمثقفين والمبدعين والفنانين خاصة. وبرواد مواقعها من جميع التوجهات الفكرية أن يدفعوا عنها ما تتعرض له من افتراءات وإجحاف بمنجزاتها. وتدعوهم إلي عدم الانزلاق وراء محاولات الإساءة إليها تحت تأثير مقولات أو ترويج شائعات تهدف إلي زحزحتها عن رسالتها التي نشأت من أجلها. وأن يثق المثقفون في أن أبناء الهيئة لم ولن يقصروا في تقديم ما يحتمه عليهم ضميرهم الثقافي وفق الظروف المحيطة بعملهم والإمكانات المتاحة بين أيديهم. وأنهم جميعاً يقفون واعين بتلك المحاولات. ويسعون إلي أن يكون للهيئة سمتها الثقافي الواضح. وصورتها الفكرية التي تليق بها وبالبلد العريق الذي احتضنها.