علي الرغم من تحفظ غالبية الزعامات العربية علي الدور الذي دافع حزب الله من خلاله عن لبنان. فإن الشعوب العربية. وقطاعات لا بأس بها من الرأي العام العالمي. وجدت في دفاع حزب الله عن الأرض اللبنانية حقا مشروعا. وعلت أصوات التأييد والمناصرة في امتداد الوطن العربي. بل ان الكثير من المصريين حرصوا علي وضع صور الشيخ حسن نصر الله في البيوت والمحال العامة وجدران الشوارع. وكان لهزيمة القوات الإسرائيلية علي أيدي مقاتلي حزب الله فعل السحر بين أبناء الاقطار العربية. وجدوا فيها طاقة نور لا تلبث ان تتسع فتبيد الظلمة التي بدت كأنها قدر شبهه الشاعر العربي القديم بأنه يدركنا. وان خلنا ان المنتأي عنه واسع. أضفنا حزب الله في دفاعه عن لبنان الي الايجابيات القليلة التي نستروح- أحيانا- نسائمها. لكن الحزب- منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا- جاوز النهج الذي ظل حريصا عليه منذ انشائه. أسقطنا الاتهامات التي وضعته في إطار العمالة لهذا البلد أو ذاك. وأهملنا ما كتب عن تحالفاته لصالح قيادات مذهب ديني. رأيناه رفيق نضال للجيش اللبناني في درء التهديدات الإسرائيلية. واكتسب الحزب. وزعيمه نصر الله- بعدا عربيا مهما. واعتبره الكثير من التيارات السياسية العربية سندا للوطن العربي في دوامات الحروب والتآمر والانحلال والتفكك التي فرضت عليه. جاوز حزب الله دوره الوطني بالفعل المقاوم. ودوره القومي بالتعبير عن القوة العربية. وشارك في الحرب اللبنانية مدافعا عن النظام القائم. احدثت الحرب الأهلية في سوريا شرخا بين الاقطار العربية.. ظني ان المهمة التي كان ينبغي ان يحرص عليها حزب الله هي تقليص الخلافات في الداخل السوري. بما يحفظ لسوريا قوتها ومكانتها. ويبعد أخطار التمزق والتفتت. والتدخلات الأجنبية التي صار حزب الله- للأسف- جزءا منها. ظل لحزب الله. ولزعيمه نصر الله. رصيد هائل من محبة أبناء القطر السوري. ومحبة الشعب العربي بعامة. وكان بوسعه ان يفيد من ذلك الرصيد بالتدخل لمنع التدخلات الأجنبية. والتوسط بين أبناء القطر الواحد. لاختزال مسلسل مأساة القتل والتدمير والتشريد والتهجير. بما يتيح عودة سوريا الي مكانتها العربية المهمة. اتابع تصريحات حسن نصر الله. يحزنني رفضه المطلق لوجهة النظر الاخري. وهو ما يسهل التعرف اليه من الإبادة والاحراق والتدمير وآلاف القتلي والجرحي والهاربين من نيران المعارك. حتي القري المصرية تستضيف الآن فارين من الجحيم السوري.. تمنيت لو ان الرجل الذي اعتبرته- أيام حربه ضد إسرائيل- من أهم قياداتنا. ان تكون هويته العربية هي البوصلة الوحيدة التي يهتدي بها. وليست المصالح المذهبية. أو ارتباطات السياسة. الدين لله والوطن للجميع شعار رفعه ثوار 1919. عني به- قبل ان تتسلل المذهبية- أبناء العراق. واعتنقه أبناء لبنان أيام الغزوة الصهيونية. وحرص عليه أبناء اليمن. بل وتخلي أبناء الجنوب عن دعوة الانفصال في سعيهم لإسقاط علي عبدالله صالح. لماذا تبدلت الصورة علي مناطق الحدود في سوريا ولبنان؟ لماذا أخذ حزب الله موقف الخصم. بدلا من أن يستغل ما كان له من مكانة. فيحاول المصالحة ولم الشمل؟