الوفد 10/5/2008 هاهو لبنان يحترق من جديد.. ورغم ذكاء اللبنانيين غير العادي إلا أنهم يسهل استفزازهم بشكل كبير وللأسف يخضعون لولاءات خاصة مذهبية.. ولمصالح خاصة مع الداخل والخارج.. وكما كان مقتل الصحفي كامل مروة عام 1975 في أبريل سببا في اشتعال الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما.. فإن عدم اختيار رئيس للجمهورية، بسبب تضارب المصالح هو المحرك الأول لاشتعال حرب أهلية جديدة.. وللأسف كانت وراء الحرب الأهلية السابقة مصالح وأطماع أجنبية.. فإن الأصابع الأجنبية والمصالح المتناقضة الآن هي وراء الحرب الأهلية التي بدأت منذ ساعات،وإن تنوعت هذه المصالح والأصابع.. ** وبداية الحرب الأهلية السابقة كانت صراعا بين الشيعة والسنة.. وتدخلت فيها سوريا بدعوي الدفاع عن مصالح طرف دون آخر.. والآن هناك أصابع إيرانية خافية.. وكامنة في نفس الوقت. ولا أحد ينكر أن إيران تدعم شيعة جنوب لبنان، وبالذات حزب الله.. كما لا يمكن تجاهل الدور السوري الذي يستهدف إعادة النفوذ السوري، بعد خروجها المهين من لبنان.. بضغوط دولية وعربية.. وهنا تلاقت مصالح الشريكين سوريا وإيران في ضرب لبنان، وتحطيمه اقتصاديا لمصلحة سورية.. وأيضا لزيادة النفوذ الإيراني ليستولي علي كل لبنان.. وليس فقط الجنوب اللبناني.. ** حقاً حصل الشيخ حسن نصر الله وحزب الله، علي تأييد عربي كاسح بسبب موقفه من إسرائيل وتحديه لها إلا أن يتحول حزب الله إلي دولة داخل لبنان ويتحول حسن نصر الله إلي رئيس لجنوب لبنان بقوة السلاح فهذا هو المرفوض: لبنانيا.. وإقليميا.. ودوليا. وفي الأيام القليلة الماضية نجح حزب الله في أن يسيطر علي قلب العاصمة، بيروت، مقدمة للاستيلاء علي كل لبنان ولكن هل تسمح لعبة التوازنات في المنطقة، وفي لبنان، بهذا الانقلاب الذي خططت له طهران بدعم من دمشق وتحت وجود هذا الكم الهائل من الأسلحة في يد حزب الله؟! ** وهل يريد حسن نصر الله أن يسيطر المسلمون الشيعة علي كل لبنان، دون مراعاة للتوافق اللبناني الذي صاحب الحياة السياسية، وهو التوافق وتوزيع السلطة الرسمية بين الموارنة الذين يحصلون علي منصب رئيس الجمهورية والمسلمين السنة الذين يكون منهم رئيس الوزراء.. والمسلمين الشيعة ويكون منهم رئيس مجلس النواب.. وكان الموارنة يحتفظون أيضا بمنصب قائد الجيش. ومهما قيل عن تزايد عدد الشيعة علي عدد السنة.. إلا أن الحرب الأهلية »1975 1990« انتهت دون منتصر ودون مهزوم واستمرت تلك التقسيمة سارية، وارتضاها كل لبنان من جديد.. ** ويبدو أن طهران لا تريد ذلك. وأنها تريد ترجيح كفة الشيعة ليستولوا علي كل لبنان، وهذا لن يرضاه باقي الأطراف، لا داخل لبنان.. ولا خارجه. وعلينا أن نعدد الأطراف التي تعبث بمصير لبنان وهي بالتأكيد سوريا وإيران.. وأمريكا التي تريد إبعاد الأنظار عن احتلالها للعراق.. فضلا عن مصالح أخري لبعض الأطراف العربية.. وهكذا نجد أن الكل مستفيد مما يجري في لبنان.. إلا الشعب اللبناني نفسه.. ** وكل الأمل أن ينجح العقلاء في دفن الفتنة العمياء التي تهدد لبنان، وأن يسرعوا لوقف حرب الشوارع التي ستقضي علي الوجود اللبناني نفسه.. وليس فقط وحدة لبنان ووحدة أراضيه.. فالخوف كله أن يكون الحل هو تقسيم لبنان بين دولة سنية في الشمال ودولة مارونية في الجبل.. ودولة شيعية في الجنوب.