اعتذر عن الغياب طوال الفترة الماضية. غياب لا دخل لي فيه. سرق فيه العمود كما سرقت الدولة. دولة اختطفت لمدة ثلاثين سنة وعمود تم منعه لما يزيد عن ثلاث سنوات جاءت بنا رياح التغيير وشباب ثورة 25 يناير. نحن لم نبتعد عن الكتابة.. ولكن هناك من ابعدونا قسرا وتجبراً بما زعموا بعلاقاتهم. نحن لم نمتنع عن الكتابة.. لكن هناك من منعونا قهراً ليسمعوا أصوات أنفسهم ويرددوا أكليشهات الحزب الوطني البالية من الاستقرار. نحن لم نبتعد ولم نمتنع عن الكتابة.. إلا أننا عدنا.. عدنا إلي الكتابة وكاتب هذه السطور واحد منهم. عدنا لنكتب في جرائدنا التي استولوا عليها ظناً منهم ان الأمور ستسير كما خططوا ورسموا. صوت واحد يتسم بالكذب والرياء حول الصحف القومية إلي أبواق لأساطين الحزب الوطني الذين أغدقوا عليهم المناصب.. وزودوهم بقوة وهمية سرعان ما تبخرت أمام شباب 25 يناير. عدنا للكتابة.. حتي لايتصدر المشهد الإعلامي المصري من تربي في أحضان أمن الدولة ورضع من أموال المخابرات العربية والأمريكية. عدنا لنقول إن الصحف القومية المملوكة للشعب ستعود مرة أخري للشعب وستتصدر المشهد بصدقها لا أكاذبيها. برجالها وصحفييها الذين يشعرون حقا بنبض الجماهير الحقيقي وأنينهم وعذاباتهم. عدنا لنقول لمن يحاول أن يسرق جهد الشباب من كتبة التقارير والمنافقين الذين يحاولون خداع الشعب بما لديهم من قدرات الزواحف والأفاعي في استبدال جلودهم أن الوقت بالفعل قد حان لوقف محاولات خطف إنجاز الشباب.. عدنا بالفعل لنقول إنها فرصة العمل للتطهر الحقيقي والإيمان الحقيقي بحقوق كل طوائف الشعب.. عدنا لنقول إن التطهر الحقيقي يبدأ بالفعل من الوسط الإعلامي والصحفي. عدنا لنرفع شعاراً واحداً.. وهو أن التطهر يبدأ بالتوبة.. والتوبة النصوحة تبدأ بالتخلص من نفايات الذنوب وآثام الماضي وارجاع الحقوق إلي أصحابها.. عدنا دون رغبة في الانتقام. ولكنها رغبة حقيقية في الاصلاح.. رغبة حقيقية في الدفاع عن مصالح الجماهير.. رغبة حقيقية في أن نري المناصب المسلوبة والأموال المسلوبة قد عادت إلي الشعب والشباب الذي استعاد عافيته بعدما راهن المتسلقون علي عدم قدرته علي الوقوف علي قدميه مرة أخري.. عدنا لنطالب قبل غيرنا.. وبأيدينا.. لا أيأدي غيرنا.. أن نحاسب كل من يعمل في الوسط الصحفي من القيادات السابقة والحالية.. عما كسبه من مال حرام.. وعما اكتنزه من قصور وفيلات وأراضي ونحن علي قناعة تامة بأن المحاسبة يجب أن تبدأ من خط واحد.. وهو استعادة ما سلبوه وما نهبوه.. وليعلم الجميع.. أن ما سلب وما نهب.. من الممكن أن يبني مصر جديدة مصر عفية ديمقراطية.. ينعم فيها الناس بالعدالة الاجتماعية والحرية الحقيقية.. قد نتشفي بعض الوقت بمشاهدتهم خلف القضبان.. وقد نستمتع بنظرات الذل والانكسار في عيونهم. إلا أن الانكسار والذل لايبني دولة.. ولا يقيم جداراً.. نحن نريد أموالنا.. لا أموالهم.. أموالنا التي سرقوها ونهبوها.. وقد عدنا ولم نبتعد.. وعاودنا الكتابة ولم نمتنع ولكنهم منعونا.. عدنا للصحافة القومية التي لايمولها رجال الأعمال.. وأصحاب المصالح.. الذين لهم مطامع.. عدنا بكم.. ولكم.. مطالبين بأن تعلو الأيادي للبناء ومحاكمة الفسدة.