هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد تحتاج إلي تضحية من أبناء الوطن الأوفياء سواء في تحقيق الأمن والاستقرار أو العمل بدون مقابل إذا كان الشخص غير محتاج لمرتبه أو المكافأة التي يحصل عليها من عمله. في الحقيقة هذه التضحية لا تنبع من فراغ بل من قناعة داخلية بأن الوطن فوق كل الطموحات أو الأغراض الشخصية بالاضافة إلي أن أمن بلدنا يحتاج إلي تضحية بالروح والمال وان نكون يداً واحدة في مواجهة أي مخاطر تواجه أمن البلاد.. لقد ظهرت المعادن الأصيلة في هذا التوقيت بالذات وشاهدت أبناء مصر الأوفياء يضحون بمرتباتهم وأنفسهم من أجل حب مصر ودفاعاً عن ترابها. فقد تنازل د. عبدالحميد أباظة عن مرتبه كمساعد لوزير الصحة للشئون الفنية بالاضافة إلي انه تبرع بمستحقاته من وراء ادارته للإعلام بالوزارة مع أن المسمي الوظيفي مساعد الوزير كان يتقاضي أكثر من 60 ألف جنيه شهرياً والمشرف علي الإعلام بوزارة الصحة كان يتقاضي أكثر من 80 ألف جنيه شهرياً وهذا يعني ان د. أباظة قد تنازل عن 140 ألف جنيه شهرياً من مستحقاته لصندوق تحسين الخدمة. هذه التنازلات نابعة من حب الشخص لوطنه والتفاني في العمل في الأزمات التي تمر بها البلاد في المقابل نجد ان إعلامياً كبيراً رفض تقديم أحد البرامج بعد ان تم تخفيض المبلغ الذي يتقاضاه من 9 ملايين جنيه إلي 1.5 مليون سنوياً. من الواجب علينا ان نضحي من أجل الوطن إذا كان البعض يسأل عن مرتبات الوزراء الحاليين فإن هذا يعني المواطن لا يثق في أن هؤلاء يضحون من أجل مصر وخاصة بعد ان اعتذر العديد من الشخصيات العامة عن الانضمام إلي هذه الحكومة لعدم وجود أي استفادة مالية بعد ان نهبها السابقون وإذا كان الوزراء الحاليون لديهم أي استعداد للتضحية بمرتباتهم فعليهم المبادرة بهذا العمل الوطني فوراً. أما التضحية من أجل استقرار الوطن وتحقيق الأمن فإن هذا يعني أن رجل الأمن أو الشرطة لابد ان ينزل إلي الشارع ويلتحم مع المواطنين ويحارب المجرمين ويطارد الخارجين عن القانون ويؤكد للجميع ان الشرطة في خدمة الشعب.. لكن هذا الهروب الكبير واختفاء رجال الشرطة من الشوارع يعني ان الشعار مجرد كلام لا ينطبق علي الطبيعة وان التضحية بالروح غابت عن الكثيرين في هذه الأزمات التي تتعرض لها البلاد ولا يوجد من يحمي المواطنين من شرور البلطجية سوي رجال القوات المسلحة الذين يتحملون أعباء كثيرة في تحقيق الأمن داخلياً وخارجياً.