مظاهرات الشباب بميدان التحرير تدخل يومها السادس عشر وسوف يظل المظهر الحضاري الذي تجلي في مواقف هؤلاء الأبناء محفوراً في ذاكرة الأمة وسوف يسجله التاريخ بأحرف من نور في صدر سجلاته ليؤكد ان شعب مصر قادر علي قهر الصعاب وسوف تضاف تلك المظاهرات إلي رصيد أمتنا حيث أكد الأبناء انهم لا يخشون الموت أو أي قهر آخر عبروا بكل صدق عما يجيش في صدورهم استطاعوا أن يعلنوا ذلك بكل صراحة وتمكنوا من ترديد ذلك رغم أن البعض كان يردد تلك العبارات في السر ولم يقو علي اعلانها بين الناس تحية لهؤلاء الأبناء وترحما علي الشهداء الذين سقطوا في محراب الحرية ونسأل الله أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن ينزلهم منازل الشهداء وأن ينزل الرحمات علي قلوب أمهاتهم وآبائهم وأن يضمد جراح هذه القلوب وآلام الذين أصيبوا في هذه الأحداث. الآن "يا شباب مصر" وصلت الرسالة ولعل الجميع قد استوعب الدرس ولكن السؤال الذي يطرق الرءوس بعنف هو "ماذا بعد؟" هل يستمر كل فرد منكم أو أي مجموعة منكم حينما يتم التحاور معها ويوجه إلي أي منهم سؤال يتضمن هل هؤلاء يعبرون عنكم؟ تأتي الاجابة أن أي فرد أو مجموعة يعبر عن نفسه ولسنا نعبر عنه؟ ان هذا الأسلوب يزيد الأمور غموضا ولا ندري إلي أي مجهول نحن ذاهبون فقد أعلن نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء عن تلبية لمطالبكم باخلاص وحسن نية وتم الاعلان عن ذلك صراحة وأكد الجميع صدق مشاعركم ونبل مقصدكم فيجب أن يتحرك صوت العقل والحكمة في قلوبكم والمبادرة بتلبية هذا النداء والاستجابة بقلوب يملؤها الحب لأن الواجب الوطني يحتم تضافر في جهودنا للحفاظ علي منشآتنا التي هي ليست ملكا لأحد بل انها ملك لنا جميعا ولتكن كلمات ابن مصر البار د.بطرس بطرس غالي دافعا لكم للاتجاه نحو الحوار ولتكن عباراته ناقوسا يوقظ الحب لمصر في نفوسكم فقد قال: "ان الصورة الحالية لمصر في الخارج زي الزفت" مشيرا إلي ان الاذاعات الأجنبية والفضائيات تعكس ذلك. حقيقة لقد جاء صوتكم نديا ودودا لكني أضع أمامكم صورة لتلك الثورات والتظاهرات في كل أنحاء العالم بالاضافة إلي ما جاء في تاريخ أمتنا الإسلامية والعربية من مواقف مشابهة فثوار العالم اختاروا من بينهم فريقا يتحدث مع القائمين علي شئون الحكم والتحاور معهم حول تنفيذ تلك المطالب وهكذا عندما جاء وفد من المدينةالمنورة إلي مكة في بيعة العقبة الثانية وأرادوا مناقشة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في أمور بيعتهم له اختاروا من بينهم اثني عشر نقيبا ومعهم اثنان من النسوة والتقي بهم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وتم الاتفاق علي أن يمنعوه من أعدائه بما يمنعون به بيوتهم. الآن حصحص الحق ووصلت رسالتكم ودروسكم وحان الوقت لتختاروا من بينكم مجموعة وليكن علي رأسها زميلكم النجيب وائل غنيم ذلك الشاب الممتاز ولا تتركوا هذه الفرصة تفلت من أيديكم حتي لا يجني ثمار حصادكم غيركم ولا يفت في عضدكم بطء التحرك لتنفيذ مطالبكم علي أرض الواقع فالظروف صعبة والمهمة ثقيلة ومصالح البسطاء معطلة ولا تنسوا انهم يشكلون الغالبية العظمي من سواد شعبنا. يا شباب ميدان التحرير حان الوقت لاعلان أسماء ذلك الفريق وتقدموا نحو التفاوض وثقوا أن الشعب من خلفكم هو أفضل ضمان لكم ان مصر ذات السبعة آلاف سنة في عمق التاريخ تناديكم وتستنهض همة الوطن في نفوسكم ونقول بكل حب ومودة لشبابها لا تهدموا حضارتكم وثقوا تماما أن التاريخ سوف يذكر لكم ذلك بكل فخار وتقدير وليكن نصب أعينكم أن المتربصين بمصر كثيرون فلا تشمتوا بها الأعداء وليكن نصب أعينكم جميعا قول شاعر النيل الكبير حافظ إبراهيم: أنا إن قدر الإله مماتي.. لا تري الشوق يرفع الرأس بعدي دعوات من القلب أن تمسكوا بزمام الأمور قبل فوات الأوان والله يحفظ مصر من كل الشر والأخطار.